استأثر التعاقد مع المدرب الهولندي فرانك ريكارد اهتمام الوسط الرياضي طوال الأسبوع الماضي، حتى إن البعض وصف الأمر بنهاية لأزمات المنتخب السعودي، على اعتبار أن ريكارد سيعيد «الأخضر» إلى سابق عهده، وكثيرون تحدثوا عن أن اتحاد كرة القدم صبر ونال مراده بعد شهور طويلة من البحث المضني، وبعثوا بعبارات التهنئة إلى المسؤولين عن المنتخب والشارع الرياضي بهذا الإنجاز، حتى أصبحنا نظن أن الفوز بكأس العالم المقبلة مجرد مسألة وقت، لأننا نمتلك سلاحاً سحرياً اسمه ريكارد، بينما بقية منتخبات العالم لم يرزقها الله بريكارد مثله على طريقة «من لم يكن له ريكارد فليشتري له ريكارداً». كثيرون غاب عن تفكيرهم أن المدرب مجرد أداة مساعدة، وأن كثيراً من المدربين العتاولة في عالم كرة القدم فشلوا يوماً، لأنهم لم يجدوا البيئة المناسبة للعمل أو اللاعبين الذين يمكن الاعتماد عليهم. وحتى يستطيع ريكارد أو غيره أن ينجح في مهمته، يجب على المسؤولين في الاتحاد السعودي الإقلاع عن بعض العادات المتوارثة التي أصبحت لا تصلح في زمن الاحتراف. نريد مستقبلاً أن يذيع المدرب قائمة لاعبي المنتخب بعيداً عن البيان المعهود «وافق الرئيس العام»، نريد لريكارد أن يختار اللاعبين بعيداً عن قناعات المسؤولين بهذا اللاعب أو ذاك، نريد أن يحصل المدرب على فرصته في اختيار المباريات الودية مهما كانت قوية وبعيداً عن رؤية المسؤولين الحالية التي ترى أن اللعب مع منتخبات مثل لوكسمبورغ ولبنان وروسيا البيضاء تساعد في تحسين مركز المنتخب في التصنيف العالمي، وهو ما قادنا لاحقاً إلى احتلال المركز ال 92 عن جدارة واستحقاق. نريد أن يحصل ريكارد على حقه كمدير فني من دون الانتقاص من قدره، من خلال الاجتماع به عقب تدريبات المنتخب في منطقة الجزاء أمام كاميرات التلفزيون لمناقشته في الخطة التي سيخوض بها المباراة. نريد لريكارد أن يعامل كمدرب عالمي له احترامه، بمعنى أن القرار الأول والأخير له، ويجب ألا يرى مسؤولو اتحاد كرة القدم في الأمر «إهانة» تستوجب التصدي للمدرب. نريد لريكارد الحق في رفض توقف الدوري أو المشاركة في البطولات الخليجية والعربية بعيداً عن الأوامر. نريد أن يكون ريكارد النجم الأوحد عند الانتصارات، وأن يتفهم المسؤولون أنه المدير الفني وصاحب القرار بعيداً عن «الغيرة» وحب الأضواء التي تدفع ببعض القائمين على المنتخب أحياناً الى تهميش دور المدرب في الانتصارات. التعاقد مع المدرب الهولندي لن يحل المشكلة طالما أن هناك ممارسات من هذا القبيل، ويجب على المسؤولين في اتحاد كرة القدم الشعور بأن المنتخب يعيش أزمة حقيقية بعدما أصبح يخسر بنتائج قياسية وأمام منتخبات متواضعة وبات في تصنيف لا يحسد عليه. ما نتمناه أن يغير المسؤولون عن المنتخب كثيراً من قناعاتهم وسلوكياتهم قبل التعامل مع المدرب الجديد للمنتخب، وأن يفتحوا صفحة جديدة، وإلا فإن النتيجة ستكون كسابقاتها! [email protected]