أطلقت السلطات المصرية أمس سلسلة إجراءات وتعهدات لتهدئة المحتجين. فقررت محكمة جنايات القاهرة ضم قضية قتل المتظاهرين التي يحاكم فيها وزير الداخلية السابق حبيب العادلي و6 من كبار مساعديه إلى القضية التي ستشهد محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك والمقرر لها 3 آب (أغسطس) المقبل، وتعهد رئيس الوزراء عصام شرف الذي يستعد لإعلان حركة تغييرات واسعة في المحافظين، إقصاء أركان النظام السابق من مواقع المسؤولية، كما وعد بالانتهاء من مراجعة كافة قضايا قتل الثوار والتأكد من سلامة الإجراءات القانونية لها. ولوحظ أمس تزايد ملحوظ لأعداد الوافدين إلى ميدان التحرير الذي شهد اشتباكات بين معتصمين وعدد من الباعة الجائلين، ما أدى إلى سقوط جرحى. وتزامن ذلك مع إعلان حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، المشاركة في تظاهرات ينوي الإسلاميون تنظيمها تحت مسمى «جمعة الاستقرار»، وهي التظاهرات التي يُخشى في مصر أن تتحول إلى ساحة للصدامات بين الإسلاميين والليبراليين. وأعلن الحزب أنه سيشارك في التظاهرات للتعبير عن رفضه «الانقلاب على الإرادة الشعبية»، في إشارة إلى محاولة بعض القوى السياسية وضع مبادئ «فوق دستورية». وأوضح الحزب، في بيانه، أنه كما رفض فكرة الدستور أولاً، فإنه يرفض أي قيود توضع على المجلس الاشتراعي (البرلمان) المنتخب أو اللجنة التأسيسية التي سيختارها المجلس لوضع الدستور، كما يرفض الحزب فكرة عمل إعلان دستوري جديد، لأنه سيكون خروجاً على الشرعية الشعبية، مشدداً على أهمية استكمال المسار الذي اختاره الشعب، معرباً عن استنكاره الضغوط التي يتعرض لها المجلس العسكري من أي فئة ترفض الإرادة الشعبية الحرة، وطالب المجلس العسكري بالالتزام بما عاهد الشعب عليه، وبالشرعية التي منحه الشعب إياها، وألاَّ يستجيب تلك الضغوط التي «لا تحقق رغبة الأمة ولا مصلحة الشعب». وشهدت رابع جلسات محاكمة وزير الداخلية السابق حبيب العادلي و6 آخرين من كبار القيادات الأمنية السابقين أمام محكمة جنايات القاهرة في ضاحية التجمع الخامس في قضية اتهامهم بقتل المتظاهرين خلال ثورة يناير، وإشاعة الفوضى في البلاد، تطوراً مثيراً أمس. إذ قررت المحكمة التنحي عن النظر في القضية وضمها إلى قضية محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك في الجلسة المقررة في 3 آب المقبل. وأرجعت قرارها إلى أن الاتهامات في القضيتين (العادلي ومبارك) متماثلة وأدلة الثبوت فيهما واحدة. وبهذا القرار تعود قضية العادلي التي استمرت 4 جلسات فقط إلى المربع الصفر، حيث سيتم النظر فيها من بدايتها بعد ضم أوراقها مع القضية المتهم فيها مبارك ونجلاه علاء وجمال ورجل الأعمال حسين سالم. ويواجه مبارك لائحة متعددة من الاتهامات تتعلق بإصدار أوامره لوزير داخليته العادلي بإطلاق الذخيرة الحية على المتظاهرين السلميين في مختلف أنحاء مصر، والتحريض على قتلهم بغية فض التظاهرات المناوئة له بالقوة، علاوة على اتهامات أخرى تتعلق بارتكاب وقائع فساد مالي وسياسي وعدوان على المال العام والإضرار المتعمد به. وكانت المحكمة سمحت للمرة الأولى بتصوير حبيب العادلي ومساعديه المتهمين داخل قفص الاتهام بعد قرار المجلس الأعلى للقضاء بالسماح بنقل وقائع جلسات محاكمات رموز النظام السابق في قضايا قتل الثوار. وشهدت الجلسة أحداثاً مثيرة وفوضى عارمة تسببت في إرجاء اعتلاء هيئة المحكمة برئاسة المستشار عادل عبدالسلام جمعة للمنصة قرابة الساعة. كما سُجّلت مشادات واشتباكات بين قوات الأمن المنوط بها تأمين المحكمة من جهة، وأسر القتلى والمصابين من جهة أخرى. ولم تستغرق الجلسة أكثر من 10 دقائق. في غضون ذلك، تعهد رئيس الحكومة الدكتور عصام شرف أمس بإقصاء جميع أركان النظام السابق من كافة مواقع المسؤولية في الدولة، واتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة حالات الفساد المالي والإداري لرموز النظام السابق، كما تعهد شرف، في بيان صدر أمس عقب اجتماع اللجنة الوزارية المشكلة لإدارة الأزمة التي تمر بها مصر بحضور 5 وزراء ونائبي رئيس الوزراء، بوضع حد أقصى للأجور خلال شهر من الآن لجميع موظفي الحكومة والقطاع العام وإعادة النظر في هيكل الأجور بالدولة وموقف المستشارين في الوزارات وإعادة النظر في الصناديق الخاصة وسرعة إعلان نتائج التحقيقات في تلقي جمعيات أهلية مصرية غير مسجلة لأموال من الخارج بالمخالفة للقانون. كما وعد شرف في أول اجتماع رسمي يضمه بأركان حكومته المعدلة، بالانتهاء من مراجعة كافة قضايا قتل الثوار والتأكد من سلامة الإجراءات القانونية لها. وأكدت مصادر حكومية مطلعة أن شرف يواصل اتصالات مكثفة هاتفياً مع مرشحين لتولي حقائب المحافظين. وأفيد أن عدداً كبيراً من المرشحين اعتذروا عن عدم قبول المنصب، بينما تردد عدد آخر وطلب مهلة للتفكير، في حين قبل عدد منهم تولي المنصب «خلال هذه الفترة الحساسة التي تمر بها مصر». وصار في حكم المؤكد أن أداء اليمين الدستورية يتم خلال يومي السبت أو الأحد المقبلين وفقاً لتعهدات شرف بإنهاء كامل لحركة التعيينات قبل نهاية الشهر الجاري. وتضم الحركة تعيين 75 في المئة من عدد المحافظين، على أن يتم إقصاء جميع المحسوبين على النظام السابق. في غضون ذلك، بدأت النيابة العسكرية أمس تحقيقاتها مع رئيس الوزراء المصري السابق الدكتور أحمد نظيف في تهم تسهيل الاستيلاء على أراضي الدولة والإضرار العمدي بالمال العام. وتعد هذه المرة الأولى التي يتولى فيها القضاء العسكري قضية تتعلق بالفساد منذ إطاحة مبارك في شباط (فبراير) الماضي.