أظهرت تظاهرة مليونية في ميدان التحرير، ومثلها في الاسكندرية، أمس أن الثورة المصرية تحقق مزيداً من الانجازات. فبعد إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك وحزبه والتحقيقات في قضايا فساد متهم فيها عدد كبير من رموز حكمه بمن فيهم هو شخصياً وعائلته، شهد ميدان التحرير أمس حدثاً غير مسبوق عندما أكد الدكتور عصام شرف المكلف تشكيل حكومة جديدة للمحتشدين أنه يستمد شرعيته منهم، وتعهد بأن يترك موقعه ويعود إلى صفوف الثوار مجدداً إذا عجز عن تلبية مطالب الثورة. وخرج شرف من الميدان محمولاً على الأعناق، ومتبوعاً بتعهدات بتعليق التظاهرات والاعتصامات أسبوعين لإعطاء حكومته فرصة لتحقيق المطالب، ما عكس مدى الثقة بين الشارع ورئيس الحكومة الجديد، وهو أمر غاب تماماً عن المشهد السياسي لفترة طويلة، وتعزز غيابه مع تولي الفريق أحمد شفيق رئاسة الحكومة السابقة. ويعد شرف واحداً من رموز الثورة التي شارك فيها وتربطه صلات وثيقة بالشباب الذين اطلقوا شرارتها. وبعد إسقاط حكومة شفيق بقيت مطالب منها حل جهاز مباحث أمن الدولة وإطلاق باقي المعتقلين السياسيين وتفكيك الحزب الوطني الحاكم سابقاً وإلغاء حال الطوارئ. وعلمت «الحياة» أن المطلب الأول تم البحث فيه بين شرف وأعضاء «المجلس الأعلى للقوات المسلحة» وتم الاتفاق على «إعادة هيكلة الجهاز ليكون مسؤولاً عن أمن الوطن والمواطنين»، وأن وزير الداخلية الجديد سيعلن تفاصيل الخطة بعد إعلان التشكيل الحكومي، وأن الأيام المقبلة ستشهد تصفية تامة لملفات المعتقلين السياسيين. أما في ما يخص تفكيك الحزب الوطني، فعلمت «الحياة» من مصادر موثوقة أن إعلان لائحة الاتهام في قضية متهم فيها وزير الداخلية السابق حبيب العادلي تتعلق بجرائم قتل ارتكبت في حق المتظاهرين ومحاولة إخلاء ميدان التحرير في 2 شباط (فبراير) الماضي التي عرفت باسم «الأربعاء الدامي»، سيشكل مدخلاً لتفكيك الحزب. وجرت في ذلك اليوم محاولة لاقتحام الميدان بواسطة بلطجية ورجال أمن في ملابس مدنية على ظهور الخيول والجمال والحمير استخدموا الرصاص الحي والزجاجات الحارقة والسيوف. وقالت مصادر مطلعة إن «اللائحة ستتضمن مفاجآت كثيرة» وستحوي أسماء مسؤولين كبار في نظام مبارك، بينهم وزراء سابقون وقياديون في الحزب الوطني ونواب، «ما سيجعل مطلب حل الحزب منطقياً، باعتبار أن الوطني لم يفسد الحياة السياسة في البلاد فقط وإنما تآمر قادته لارتكاب جرائم قتل ضد المصريين». وسيمثل العادلي أمام محكمة الجنايات اليوم في قضية تتعلق باتهامات فساد وتبييض أموال. واتخذ الجيش إجراءات مشددة لتأمين الجلسة غير المسبوقة. ووسط أنباء عن تحقيقات ستجرى مع مبارك وعائلته على خلفية قرار بمنعهم من السفر أو التصرف في أموالهم داخل مصر وخارجها، علمت «الحياة» أن عائلة مبارك سعت إلى توكيل محام ينتمي إلى قوى المعارضة لكنه رفض. وأحال الجيش على محاكم عسكرية أعداداً من البلطجية والخارجين على القانون استغلوا الفراغ الأمني وارتكبوا جرائم ضد المواطنين والممتلكات العامة والخاصة. وينتظر أن تصدر ضد هؤلاء أحكام في غضون يومين وفقاً لقانون الطوارئ الذي وعد الجيش بوقف العمل به بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية. وحدد رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي التاسع عشر من الشهر الجاري موعداً للاستفاء على التعديلات الدستورية.