لم تكن مصادفة أن يوقع ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان على آخر قطعة في القمر الاصطناعي السعودي للاتصالات، بشطر من أشهر أغنية يستعيدها السعوديون مع كل مناسبة وطنية «فوق هام السحب» التي استحالت أيقونة وطنية، معلنة بداية مشروع وطني يشارك فيه مهندسون سعوديون، عهد إليهم نقل وتوطين تقنية بناء وتصنيع الأقمار الاصطناعية، ليكون هذا الشطر، الذي يعادل قصيدة لحن الازدهار، الذي أعاد كتابته ولي العهد الشاب. كتب القصيدة الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن، ولحنها المبدع سراج عمر، وغناها الفنان محمد عبده، لتخلد في أذهان السعوديين ويستعيدوها في المناسبات الرسمية، وحتى حفلات الزفاف والمناسبات الخاصة، وعلى رغم بعد المسافة الزمنية منذ كتابتها قبل 32 عاماً، فإن التغني بها والتفاعل معها يشعر مستمعها بأنها من أحدث الأغاني الوطنية، ما جعل نقادا يصنفونها ضمن «أنجح الأغاني المحلية الوطنية». دخلت هذه الأغنية آذان الجمهور المرة الأولى في عام 1986، في افتتاح استاد الملك فهد، الذي أطلق عليه «درة الملاعب»، وطوال العقود الثلاثة الماضية تفاعل معها السعوديون في كل مرة يسمعونها، وكأن ذلك يحدث المرة الأولى، لتصبح «نشيد الشعب»، فلا تكاد تغيب من أي احتفال أو مناسبة رسمية، وحضرت في مهرجانات عربية وعالمية عدة، وأصبحت عنواناً لشعب يعشق وطنه. تحاكي أبيات الأغنية الواقع المتكرر الذي تمر به المملكة، من الأحداث السياسية المتعاقبة، وأطماع الحاسدين والحاقدين، والمتربصين لتشويه صورة الوطن الكبير، لتكون رداً وصفعة على وجوههم، وصاحب قوة الأبيات لحن متسلسل يصعد ويهبط في وتيرة موسيقية خاصة، جعلت منه علامة بارزة في حياة الملحن سراج عمر. وبات هذا القمر بعد تتويجه بشطر الأغنية الشهيرة يعرف ب«قمر فوق هام السحب»، فيما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالحديث عن هذه الخطوة، وباستذكار أغنية الشعب، التي أصبحت أبياتها طوال ثلاثة عقود تصريحاً شعبياً قوياً في وجوه المشككين في قدرات هذا الوطن. وتعد أبيات هذه الأغنية من الأبيات الذكية، التي تصنف ضمن الأبيات التي تعيش وتتأقلم مع كل زمان ومكان، وإسقاطها على الوضع السياسي الراهن، الذي يشهد حرباً إعلامية وتضليلية كبيرة، جعل منها خير تصريح، إذ تقول أبياتها «وإن حكى فيك حسادك ترى.. ما درينا بهرج حسادك أبد»، لتستحق هذه الأغنية، وبلا منازع، أن تكون فوق هام السحاب، معلنة عصراً تقنياً سعودياً جديداً. تحولت هذه الأغنية من مجرد أغنية وطنية خالدة إلى حديث وسائل الإعلام العالمية والعربية والمحلية أيضاً، حين حقق ولي العهد مغزى الأبيات ليوصلها إلى «فوق هام السحب»، ولتستقر في الفضاء، جاء هذا التتويج بعد زيارة قام بها إلى مقر شركة «لوكهيد مارتن» في «وادي السيلكون» بمدينة سان فرانسيسكو الأميركية. وجاورت هذه العبارة صدر القمر الاصطناعي السعودي، الذي يحمل مواصفات تعد أفضل ما توصلت إليه التقنية في مجال الأقمار الاصطناعية، ووقع عقده عام 2015 وهو الآن في مراحل تنفيذه الأخيرة، إذ من المقرر أن ينتهي العمل فيه نهاية العام الحالي، ويعد الأول من نوعه من ناحية التقنية الفنية المتقدمة والتي تستخدم المرة الأولى في الفضاء. ويمتاز القمر السعودي باستخدام تقنية الألواح الشمسية المرنة، التي توفر طاقة أولى ووزنا أقل بنسبة 30 في المئة، إضافة إلى تقنية القفز الترددي المقاوم للتشويش، وسيوفر قدرات عالية ومتقدمة للنطاق العريض، بما يؤمن للقطاعات العسكرية والأمنية والمدنية شبكة فضائية آمنة للاتصالات المرئية و«إنترنت» والهاتف، تشمل منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا.