حققت إحدى طالبات القسم الثانوي في مدارس ابن خلدون وعد بنت إبراهيم عارف، خطوة لافتة، عبر تمكنها من تأليف «رواية» وهي لم تزل بعد في بداية تكوينها التعليمي والثقافي. وفى محاولة للتعرف على أساس هذه الموهبة ومتى وكيف نشأت وإلى أين تتجه، قالت وعد عارف: «بدأت موهبتي في الكتابة نتيجة لهواية القراءة التي أمتلكها منذ صغري، إذ كنت أرى والدي بين حين وآخر يقرأ ويكتب لطبيعة عمله الأكاديمي ولمشاركاته الإعلامية، فكنت أشتري بين وقت وآخر مجموعة من الكتب المتنوعة في الرواية والقصة والشعر والأدب بشكل عام، لأقرأها في أوقات فراغي، ثم تطورت هذه الهواية إلى رغبتي في الكتابة، فبدأت أكتب شعراً باللغتين العربية والإنكليزية، لكن وجدت بعد ذلك أن كتابة القصة والرواية كانت الأفضل بالنسبة إليَّ، فكتبت أولاً قصة قصيرة باللغة الإنكليزية، كما كتبت مجموعة من الخواطر باللغة العربية، بعدها لاحت في ذهني فكرة أن أكتب روايةً باللغة العربية، وساعدني في ذلك أني كنت في الإجازة الصيفية». من هنا تقول عارف: «انطلقت في كتابة روايتي الأولى وهي بعنوان «رحلة إلى العالم الآخر»، التي تتمحور فصولها ال15 حول أحلام الطفل (إياس) ذي السنوات الست، الذي فاجأ والدته ومدرسته بترجمة أحلامه - وهو في هذا العمر المبكر- على شكل قصص يكتبها بلغة أجنبية بتصوير دقيق ووصف كامل يشخّص فيها بشكل مثير أحداثاً وحوادث متنوعة تقترب من الحقيقة، فيما تعيش والدته مشدودة ومصابة بالذهول أمام ما تراه من سلوك وتصرفات غير طبيعية ونبوغ غير عادي لطفلها الصغير، وفي الرواية محطات كثيرة لا تخلو كل واحدة منها من عناصر إثارة خاصة بها، ما لا يملك القارئ معه القدرة على تجاوز أي منها أو عدم التوقف عندها». وأشارت إلى أن العوامل الإضافية التي ساعدتها في ذلك هي في اعتقادها الموهبة أولاً، ثم نشأتها في أسرة مهتمة بالثقافة وتشجع أبناءها وبناتها على الإبداع وتوفّر لهم كل ما يتطلبه ذلك، إضافة إلى تشجيع معلماتها خلال مراحل التعليم المختلفة. وعن صدى كتابتها الرواية التي لم تنشر في طبعة رسمية بعد، قالت وعد: «كان كبيراً حتى عما كنت أتوقعه، إذ فرح والدي وأسرتي وأقاربي بي، وساعدني والدي في طباعتها ونشرها في صورة أولية، ثم عرضها على كتَّاب وأدباء، ونتيجة لذلك تفضّل رئيس تحرير صحيفة «الجزيرة» خالد المالك بكتابة تقديم لها، أكد فيه أنني مشروع قادم لكاتبة مبدعة تجيد فن كتابة الرواية بشكل مثير على رغم صغر سني وقلة خبرتي ومحدودية تجاربي، كما توقع أن يصنف النقاد أعمالي القادمة ضمن الأعمال الإبداعية في هذا المجال، وتفضل وزير التعليم العالي بالموافقة على ترجمتها إلى اللغة الإنكليزية، وقامت وزارة التعليم العالي مشكورة بذلك، وتم عرضها في المعرض الذي شاركت فيه الوزارة ضيف شرف في مدينة براغ هذا العام». عارف أكدت أن الرواية فتحت لها باباً لتواصل أكبر مع المهتمين، «فأنا أهديت نسخاً عدة من الرواية لمسؤولين وكتاب بمن فيهم نائبة وزير التربية والتعليم نورة الفايز، كما قام والدي بإهداء نسخ من الرواية لرئيس مجلس إدارة مدارس ابن خلدون الدكتور عبدالعزيز الثنيان والمسؤولين فيها، وأعجبت الرواية مديرة مدارس ابن خلدون منى العيبان ومعلماتي وشجعنني كثيراً». وحول الخطط المستقبلية لها أكدت أنها تتمثل في التركيز أولاً على إنهاء الدراسة الثانوية بتفوق بمشيئة الله، ثم التخصص في الجامعة في المجال الذي تهواه وهو الإعلام، وستقوم باستغلال وقت الفراغ خلال إجازة صيف هذا العام للتفكير في روايتها القادمة والتي تأمل ألا تقل في مستواها عن روايتها الأولى. المدرسة كانت بجانبها وللتعرف على الإطار المنهجي للتعامل مع الموهوبين داخل المؤسسات التعليمية، قالت مديرة المدرسة منى العيبان: «التعامل مع مواهب الطالبات بفحصها وتنميتها وتوجيهها التوجيه الصحيح أسهل من مرحلة سابقة لها وهي اكتشافها، لذا نحرص مع بداية كل عام دراسي على البحث عن هذه المواهب، لأنها تعد مفتاحاً من مفاتيح شخصية الطالبة، والتي من خلالها نستطيع أن نساعد الطالبة في تحديد أهدافها ونعمل معاً على تحقيقها»، موضحة أن «وعد عارف نموذج مهم، وسياستنا مع هذه المواهب هي التواصل مع الطالبة الموهوبة ودعمها سواء معنوياً أو مادياً من خلال تعريف المجتمع المدرسي على موهبتها عبر إقامة دورة عن موهبتها أو مشاركتها في مسابقات داخلية أو محلية أو عالمية، فشاركت وعد مع زميلاتها الموهوبات في إقامة دورات للطالبات المبتدئات، كما تم تكريمهن في مناسبات المدرسة». وأشارت إلى أن وعد عارف أهلٌ للتكريم سواء لموهبتها أو لتفوقها الدراسي، إذ كرمت لتميزها في النشاط بشكل عام ولموهبتها بشكل خاص في حفلة المميزات، وتم وضع اسمها في موقع المدرسة لنشر موهبتها والتعريف بها ضمن المميزات، وهي عضو لجنة التعريف بالمدارس التي تستقبل زوار المدارس. من جانبها، أكدت رائدة النشاط سهام السليمان أن النشاط الطلابي جزء لا يتجزأ من العملية التعليمية والتربوية، بل إنه عنصر أساسي في تربية الطالبة وصقل مواهبها ورعاية سلوكها الرعاية السليمة. وأضافت: «ومن هذا المنطلق نحرص على الاهتمام بالنشاط الطلابي، وذلك لصقل مهارة الطالبات وتنمية قدراتهن، واكتشاف الموهوبات وتعهدهن بالرعاية وتوجيههن نحو تحقيق الهدف الصحيح، ونقوم في بداية العام الدراسي بتوزيع استمارة على جميع الطالبات، وذلك لتحديد ميولهن والمهارات والمواهب التي يجدنها ويتقنّها وعلى أساسها نعمل، فتم اكتشاف عدد من الطالبات الموهوبات في التصوير الفوتوغرافي والرسم والكتابة والإلقاء... وقمنا أخيراً بعمل مشروع مدربة المستقبل، شاركت فيه الموهوبات بتقديم دورات لزميلاتهن، وكان من ضمن هذه الدورات دورة «فلسفة قلمك» التي قامت بتقديمها الموهوبة وعد عارف، والهدف العام منها التعرف على أساسيات الكتابة وفنونها وفروعها». وعن علاقتها بوعد، أضافت: «علاقة جيدة وهناك تواصل مع الطالبات جميعهن خصوصاً الموهوبات منهن ومن بينهن وعد، إذ اطلعت على روايتها وبعض كتاباتها وأعمالها، وكانت لها مشاركات عدة فى الأنشطة اللاصفية، فشاركت مع زميلتها نورة الدهمش في المؤتمر العالمي للجودة في التعليم الذي حضرته نائبة وزير التربية والتعليم نورة الفايز، وقامت هي بإلقاء ورقة عمل تحتوي على توصيات واقتراحات جيدة. وكذلك قمنا بعرض فقرة في الحفلة الختامية اسمها «موهبة» شاركت فيها مجموعة من الموهوبات كانت إحداهن وعد، تحدثت عن موهبتها وكيف بدأت وإلى أين وصلت وطموحها ورؤيتها المستقبلية، فوعد ذكية ونجيبة وموهبة شابة.. ألمح لها مستقبلاً رائعاً إن هي واصلت إبداعها وسارت بكل عزم وإصرار لتقدم نفسها ومجتمعها نحو الأفضل، وأتمنى خلال السنوات المقبلة أن أرى قائمة المكتبات مزدحمة بمؤلفاتها وليس ذلك ببعيد، ودعواتي لها بدوام التوفيق والنجاح في مختلف مجالات حياتها».