يدخل اقتراح ترشيق (تقليص) الحكومة العراقية الذي ينوي رئيس الوزراء نوري المالكي القيام به، في معادلات صعبة. وفي وقت حذرت كتل من اندلاع أزمة سياسية في حال غياب التوافق في شأنه، لفتت أخرى إلى أن عملية الترشيق ستستغرق وقتاً طويلاً كونها تحتاج إلى إعادة توزيع الوزارات من جديد مع إلغاء عشرات منها. وكان المالكي قال الشهر الماضي إن «تقويم أداء الوزارات خلال فترة المئة يوم أثبت الحاجة إلى ترشيقها في حكومة الشراكة الوطنية وسنطالب الكتل السياسية بترشيح شخصيات تمتاز بالكفاءة والمهنية تتناسب مع حجم التحديات والمرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد». ورجحت كتلة «التحالف الكردستاني» حصول أزمة سياسية أثناء إجراء عملية الترشيق التي اعتبرت أنها في حاجة إلى توافقات بين الكتل صعبة التحقق في الظرف الراهن. ورأت أن «إبقاء الحكومة بترهلها أفضل من الدخول في متاهة غامضة». وقال الناطق باسم الكتلة الكردية في البرلمان النائب مؤيد الطيب ل «الحياة» إن «عملية الترشيق ستتطلب إيجاد توافقات صعبة التحقق الآن بسبب العلاقات المتأزمة بين الكتل... الترشيق لا يجب أن يمس الوزن الانتخابي لكل كتلة». وأوضح أن «تشكيل الحكومة الحالية تم من خلال عمليات حسابية دقيقة باحتساب نسب المقاعد البرلمانية التي حصل عليها كل مكون سياسي وتقسيمها على الوزارات». ولفت إلى أن «المشاكل التي برزت أثناء تشكيل الحكومة دفعت إلى استحداث وزارات ومناصب حكومية لحلها. وبالتالي فإن ترشيق الحكومة قد يخلق أزمة سياسية». وأوضح أن «استحداث نحو خمس حقائب وزارية جديدة وزيادة عدد نواب رئيس الجمهورية جاء لتحقيق توافقات ضرورية أفضت إلى تشكيل الحكومة، وتعديل التركيبة الدقيقة للحكومة سيستغرق وقتاً طويلاً لاسيما أن الترشيق يتضمن إلغاء وزارات، وهو ما يعني فقدان عشرات السياسيين مناصب مهمة». وحذر من أن «عملية الترشيق مرشحة للفشل كونها تفترض من الكتل السياسية إعادة تقاسم الوزارات وتقويمها من جديد من جهة، وهناك احتمالات كبيرة بعدم موافقة بعض القوى السياسية عليها من جهة ثانية». وخلص إلى أن «إبقاء التشكيلة الحكومية بترهلها وثقلها على الموازنة المالية أفضل من الدخول في متاهة غامضة». وتبدي «القائمة العراقية» استغرابها من الشروع في ترشيق حكومة غير مكتملة. وقال النائب عن القائمة اركان ارشد ل «الحياة» إن «خطوة ترشيق الحكومة أمر إيجابي، لكنها عرجاء في ظل الوضع الحالي للحكومة». وأضاف أن «الحكومة الحالية منقوصة، والعراقية لم تحصل على استحقاقها من الوزارات والمناصب التي لا تزال شاغرة، وبالتالي فإن الترشيق لابد من أن يتم بعد حسم الملفات العالقة وبينها تنفيذ اتفاقات أربيل كاملة على أن تعقبها التعديلات». وشدد على أن «الترشيق في حال موافقة الكتل على الشروع به، يجب أن يمس جميع المشاركين في الحكومة من دون انتقائية. وإذا حدث غير ذلك ستفشل العملية». وكان مصدر في «التحالف الوطني» الشيعي أبلغ «الحياة» أول من أمس أن «الخطة الأولية للترشيق تتضمن إلغاء كل وزارات الدولة (15 وزارة) إضافة إلى دمج وزارة الزراعة مع الموارد المائية ووزارة الصحة مع البيئة، ودمج وزارة النقل والاتصالات والنفط والكهرباء في وزارة للطاقة». وأضاف أن «الترشيق يشمل كل المناصب الحكومية بدءاً من درجة وكيل ومدير عام، إضافة إلى بعض المناصب التي استحدثت بسبب التوافقات السياسية»، في إشارة إلى منصب رئيس «المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية» الذي استحدث لرئيس «القائمة العراقية» اياد علاوي. ويتوقع أن تجري مفاوضات طويلة تستغرق شهوراً في حال وافقت الكتل على عملية الترشيق كونها ستتضمن إلغاء عشرات المناصب التي أوجدت في الأصل لتحقيق التوافق. ومعلوم أن الحكومة تشكلت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي بعد سبعة أشهر من إعلان نتائج الانتخابات.