تأكيداً لمقولة إن الفرق الكبيرة تمرض ولا تموت، كأني بفريق الأهلي وقد اختار أن يصالح جماهيره الكبيرة بطريقة الكبار الذين لا يليق بهم أن تكون هداياهم متواضعة. تلك باختصار هي قصة فريق كرة القدم الأول بالنادي الأهلي، الذي اقترب في بعض مراحل الدوري من المراكز المتأخرة، وظل محبوه يحبسون أنفاسهم ويتساءلون: ترى إلى أين تمضي قلعتنا..؟ كانت مشاعر خوف وترقب لحدوث أمر لا يسر العشاق "المجانين"، خوف من المجهول، وبدأوا مع نهاية الدوري، وقد اقتنعوا بمركز فريقهم، وارتسمت على وجوههم السعادة بعد أن ضمن فريقهم اللعب في كأس الملك للأندية الأبطال، إثر حصول الفريق الأولمبي على المركز الثاني في بطولة الأمير فيصل. وعلى رغم كل تلك المتغيرات، لم يكن يدر بخلد ولا بتفكير هؤلاء "الأبطال" وأعني جمهور الأهلي، أن فريقهم الذي يشاهدونه قادر على فعل شيء في موسمه الأسوأ، حتى وإن وصل إلى المباراة الختامية في كأس الأبطال. لكن الفريق الذي أحبط محبيه كثيراً، شعر متأخراً بأنه "كبير"، وأنه "تاريخ"، وأنه "بطل"، وأنه "ناد ملكي"، وأن أحد ألقابه أنه بطل الكؤوس، وأن لديه رجلاً عن عشرة، هو الأمير خالد بن عبدالله بن عبدالعزيز. أما الأمر الآخر، فقد كان عبارة عن رسالة قوية وجهتها جماهير الأهلي للفريق والإدارة، لم تكن فقط مجرد لوحات مكتوبة، بل حضوراً مذهلاً ملأ مدرجات ملاعب المملكة المختلفة، وكأن هذا الجمهور أراد إحراج فريقه، فوصلت الرسالة. نعم وصلت الرسالة، وقد حثني أكثر من لاعب أهلاوي بعد الفوز بكأس الأبطال، واتفقوا على أن جمهورهم كان هو المحفز الرئيسي لهم في يوم النهائي الكبير، وقالوا إنهم قرروا أن يردوا لجمهورهم الجميل على وقفتهم ومساندتهم وتحملهم وصبرهم. لقد أثبت لاعبو الأهلي أنهم نجوم من فصيلة الكبار، وأن لا فرق بينهم وبين لاعبي ونجوم الهلال والاتحاد والشباب، وأن كل ما ينقص هذا الفريق هو شيء من الاهتمام والرعاية والدعم والاقتراب من اللاعبين، كما حدث في الأيام الثلاثة التي سبقت يوم التتويج. ما أغرب كرة القدم وما أكثر عجائبها، ففي ساعتين إلا دقائق قليلة، كان الأهلي بطلاً لأغلى وأهم بطولات الموسم كأس الملك للأندية الأبطال ، وحجز مقعداً من تلك الليلة في دوري أبطال آسيا ليحل مكان الشباب، وزاد إلى خزانة كؤوسه العشرة المعروفة بكأس الملك، كأساً أخرى. ولا شك أن تلك قصة من قصص الكبار، لا يقدر على كتابتها إلا الفرق الكبيرة، والأهلي أحد الكبار الذين يستطيعون العودة وإن غابوا لبعض الوقت، فتكون عودتهم بحجم تاريخهم وسجلهم الحافل، وليس هناك ما هو أروع من اختيار المناسبة والمكان والزمان والمنافس. [email protected]