أن يصل فريقا الأهلي والاتحاد إلى نهائي الأندية الأبطال على كأس الملك، ويتشرفان بالسلام على خادم الحرمين الشريفين، فهذا الشرف بحد ذاته بطولة لن ينالها غيرهما، وسيسجل التاريخ تلك اللحظات وتحفظها عدسات المصورين. هذا عن الحدث والعرس الرياضي الكبير الذي يرعاه -الوالد، القائد- ليكون أجمل ختام لموسمنا الرياضي الطويل، ليبقى حديث الملعب للفريقين، وهي منافسة رياضية ودربي كبير يجمع بين فريقين شقيقين وجارين لا يفصل بينهما إلا شارع واحد. حتى في التاريخ، فإن ما يفصل بين الناديين هو عشر سنوات فقط، بمعنى أنهما كبرا ونشآ معاً، وكما دونت كتب المؤخرين، فقد تأسس الناديان في حارتين متجاورتين في جدة القديمة، هما حارتا الشام واليمن. مرّ الفريقان طوال تاريخهما الممتد لأكثر من 80 عاماً للاتحاد، وأقل منها بعشر سنوات للأهلي، بالعديد من مراحل الطلوع والنزول، فتارة يكون الأهلي صاحب السيادة والكعب العالي، وتارة يكون الاتحاد هو صاحب الحضور الأقوى. لكن ما يحسب لهذين الفريقين الكبيرين -الأقدم تأسيساً- أنهما لم يتعرضا خلال هذا التاريخ الطويل إلى الهبوط إلى الدرجة الأولى، وشاءت الأقدار والظروف أن يحظيا بدعم ورعاية من كبار الشخصيات المحبة للناديين منذ مراحل التأسيس الأولى وحتى يومنا هذا. وإذا كان الفريقان يلتقيان اليوم في نهائي كأس الملك للأندية الأبطال، فلا يعني ذلك أن نجزم بفوز فريق الاتحاد وتتويجه بطلاً، على اعتبار أنه يملك العناصر القادرة على تحويل الأمور لصالحه، وأنه يفوق الأهلي مستوى وحضوراً خلال هذا الموسم، ثم إنه استطاع التغلب على بطل الدوري الهلال آسيوياً، وإقصاءه من كأس الأبطال. كل ذلك يحسب لفريق الاتحاد ويصب في صالحه عندما يواجه منافسه التقليدي وجاره الأهلي في مباراة هذا المساء، خصوصاً أن الأهلي لم يظهر في هذا الموسم بمستوى مرض، وهذا ما جعل أمر وصوله للمباراة النهائية من الأمور المستبعدة، عطفاً على ما قدمه من مستويات في الموسم الحالي. لكن ربما غاب عن أصحاب هذا الرأي أنهم لم يضعوا في بالهم أهمية التنافس التقليدي بين الفريقين، وروح التحدي والإصرار التي سيكون عليها لاعبو الفريقين -أولاد الحارة الواحدة-، بل إن بعضهم أشقاء ويعيشون في بيت واحد، أمثال -الهزازي أخوان-. مثل هذه العوامل وعوامل أخرى مساندة، يأتي في مقدمتها الدعم الشرفي والتحفيز المادي، والمؤازرة الجماهيرية، تجعل من مباراة اليوم صورة مختلفة عن صور سابقة، سواء كانت في لقاءي الدوري الذي جمعهما، أو في مواسم سابقة، كان الاتحاد فيها هو صاحب التفوق في بعض مباريات الدوري. في حين أن آخر نهائيين بين الفريقين في كأس ولي العهد وكأس الأمير فيصل كانا في موسم 2007، وتمكن الأهلي من انتزاع كأسي تلك البطولتين، لكنه عاد ليغيب عن البطولات المحلية الكبرى، ما أصبح يشكل لغزاً محيراً عند جمهوره ومحبيه. اللافت هنا أن المعسكر الأهلاوي مازال يصدّر أفكاراً تجاوزها الوقت والزمن، فالتأكيد على أن الاتحاد هو الأقوى والأقرب، قد نتفق عليها إذا جاءت في إطار تحليل لمحايدين، أما أن تأتي من داخل البيت الأهلاوي، وفي تصريحات رسمية، فهذا فيه تقليل من شأن فريقهم الذي وصل للمباراة النهائية، ويفهم على أنه نوع من الانهزامية وعدم الثقة، وفيه إحباط لجمهور كبير يترقب كلاماً غير ما قيل مملوء بالحماس والكبرياء والشموخ. وفي رأيي فإن بعض مراحل التفوق الاتحادي على الأهلي كانت بفعل بعض الأفكار التي ينادي بها بعض الأهلاويين، وعندما تخلصوا منها في بعض المواجهات والنهائيات، استطاعوا أن يتوجوا من أمام جارهم بكأس بطولة الأندية العربية، وكأسي ولي العهد والأمير فيصل في عام 2007. وبالعودة إلى الزمن البعيد، فإن كأس الملك في عام 1979 الذي فاز بها الأهلي، هو أشبه بوضع الفريقين هذا المساء، فهل يعيد الأهلي التاريخ، ويقول كلمته ويردّ الجميل لجمهوره، ولداعمه الأول الأمير خالد بن عبدالله، ويضرب عصفورين بحجر، الفوز بكأس الملك، والتأهل لدوري أبطال آسيا، وارتفاع كؤوسة الملكية إلى أحد عشر كأساً، أم أن للاتحاد كلاماً آخر..؟ [email protected]