تسعى الحكومة الجزائرية إلى بناء جسر عصري يربط الجزائريين بالإعلام الإلكتروني، بعدما اتسعت الهوة التكنولوجية في البلاد خلال السنوات الأخيرة. وفي هذا الإطار، أعطى «الصالون الدولي للمستقبل التكنولوجي» (سيفتاك) في الجزائر إشارة انطلاق المشروع النموذجي «حافلات الإنترنت» أو «سيبر باص»، وهو المتعلق بإرسال حافلات محملة بوسائل تكنولوجية مربوطة بالشبكة العنكبوتية إلى المناطق الريفية من أجل تقريب مواطنيها من تكنولوجيا الإعلام الإلكتروني هذه، وتلقينهم مبادئها الأولية، وهو جزء من مبادرة وزارية تحمل عنوان «سيبر ريف» (ريف الإنترنت). وتهدف المبادرة التي نظمتها وزارة البريد وتكنولوجيات الاتصال الجزائرية إحياءً لليوم العالمي للإعلام، والتي جاءت تحت شعار «من أجل حياة أفضل في المجتمع الريفي بفضل تكنولوجيات الإعلام والاتصال»، إلى جمع معلومات حول الثروة الحيوانية والنباتية وعادات المناطق التي تزورها حافلات الإنترنت. وأوضح كيلالي أمين، المكلف الإعلام لدى مؤسسة «كريزاليد» منظمة «سيفتاك»، أن المغزى من مشروع «سيبر ريف» هو إيصال الإنترنت إلى الريف، بحيث تزور حافلات مجهزة بمعدات تكنولوجية وموصولة بالإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية، وعلى متنها عدد من الشباب، كل المناطق الريفية والقرى الجزائرية البعيدة، لتلتقي مع المواطنين من أجل تلقينهم مبادئ استعمال التكنولوجيا، وخصوصاً الإنترنت، وإطلاعهم على محطات التقدم التكنولوجي. أما الهدف الآخر، فهو ربطهم بخدمة الإنترنت. وبدأت العملية الأولى من نوعها في الجزائر بحافلة تستقر في كل منطقة مدة ثلاثة أو أربعة أيام. وأدى الإقبال الكبير عليها إلى التخطيط لزيادة عددها. كما تخطط الحكومة الجزائرية لتحديث الأرياف بفضل وسائل الإعلام والاتصال، وهذا ما أعلنه وزير البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال موسى بن حمادي، موضحاً أن المسعى من أجل ترقية هذه الوسائل بالمناطق الريفية بدأ فعلاً، لكن الأهم هو «اختيار الوسائل المناسبة». ومن أول النشاطات المقررة، إنشاء نظام معلوماتي خاص بالممتلكات الفلاحية وتقويمها وحفظها، إضافة إلى فتح بوابة إلكترونية خاصة بالإنتاج الحيواني والزراعي الجزائري لضمان تنظيم السوق بفضل المعلومات التي يقدمها الزائرون للموقع والمشاركون فيه بتعليقاتهم وتحليلاتهم. كما تقرر فتح بوابة أخرى على الشبكة تتعلق بالمهن المرتبطة بالفلاحة. وتعتبر الحكومة أن الأولوية الأخرى في هذا المجال تعود لولايات الجنوب الجزائري العشرة، وهي ولايات معروفة باتساع رقعتها وضعف عدد سكانها مقارنة بالشمال وبقلة الاستثمار فيها. وأصدر الوزير قراراً بربط كل المدارس في الولايات العشر بالانترنت، وكذلك المؤسسات المحلية، مثل البلديات، إضافة إلى مشروع ربط مستشفى من كل ولاية جنوبية بمستشفى آخر في الشمال، في إطار ما يسمى «بالتوأمة»، إلى جانب مشروع طموح لتأهيل مليون شخص في مجال تكنولوجيا الإعلام والاتصال مازال حتى اللحظة على الورق. ويفخر منظمو الدورة الحادية عشرة من الصالون بأنهم ساهموا بفضل الدورة السابقة في إنشاء 600 مؤسسة متخصصة في مجال تكنولوجيا الإعلام والاتصال. أما هذا العام، فسعى المنظمون خلال جناح القرية الرقمية إلى إدخال ألف مؤسسة جزائرية في المجال الجزائري (دي. زيد) على الإنترنت، لكنهم لم يتمكنوا من تجاوز عتبة المئة مؤسسة. وفي هذا الجناح، اطلع الزائرون على بورصة التشغيل في تكنولوجيات الاتصال، التي تسمح لطالب العمل في هذا المجال بالاطلاع على فرص التوظيف المتاحة. أما جناح «ستارت أب»، فكان فضاءً للأفكار بامتياز، إذ امتلأ بأصحاب المؤسسات الصغيرة الناشئة ومَن يحمل فكرة مشروع، ناقشوا فيه فرص تطويرها أو تجسيد أفكارهم واستفادوا من تجارب أصحاب مؤسسات سبقتهم في الميدان. وقدم الصالون محاضرات وورش عمل حول مواضيع الساعة، مثل تطوير الخدمة العمومية، الهياكل والشبكات الذكية، التجارة الإلكترونية، استراتيجة الجزائر الرقمية، الخدمات على الويب، الدفع الإلكتروني والقرض الافتراضي... وغيرها. ولم تعرف أروقة الصالون ازدحاماً للزائرين. وعزا المنظمون ذلك إلى غياب الصالون خمس سنوات قبل عودته هذا العام، إلى جانب خصوصيته التي جعلته محط اهتمام المهنيين والمهتمين بالمجال التكنولوجي، معلنين أن عدد الزوار بلغ خمسة آلاف زائر خلال أيامه الثلاثة، واعدين بدورة جديدة العام المقبل.