غداة سيطرة أنقرة ومقاتلين سوريين موالين لها على مدينة عفرين بالكامل، تزايدت المخاوف على مصير أكثر من 200 ألف مدني فرّوا من المدينة والمناطق المحيطة بها، فيما أبدت تركيا تصميماً على توسيع عملية «غصن الزيتون» إلى مناطق أخرى خاضعة لسيطرة الأكراد حتى الحدود العراقية. وبعد معلومات عن ضربة أميركية وشيكة ضدّ دمشق، دعا مسؤولون روس إلى إغلاق المجال الجوي السوري في وجه الطيران الأميركي وغيره، وإلى زيادة عديد القوات الروسية بعد سحب القسم الأكبر منها في وقت سابق. وأعربت وزارة الخارجية الأميركية أمس، عن قلقها الشديد من تقارير عن تداعيات العملية التركية في عفرين في الساعات الأخيرة، داعيةً الأطراف كافة، بما في ذلك تركياوروسيا والنظام السوري، إلى السماح بدخول المنظمات الإنسانية الدولية، فيما أعلنت عضو الإدارة الذاتية الكردية في مدينة عفرين السورية هيفي مصطفى، أن أكثر من 200 ألف نازح يعيشون بلا مأوى في مناطق قريبة، ويفتقرون إلى الغذاء والماء. وأضافت أن أصحاب السيارات ينامون في سياراتهم، وآخرون ينامون أسفل الأشجار مع أبنائهم، لافتة إلى أن «المدنيين المتبقين في عفرين يواجهون تهديدات من الجماعات المدعومة من تركيا». من جانبها، طالبت «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» بالوصول إلى المدنيين في عفرين، محذرةً من أن السكان «لا يثقون بعمال الإغاثة الأتراك». وبرغم ذلك، تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس، توسيع العملية التركية إلى مناطق أخرى خاضعة لسيطرة الأكراد حتى الحدود العراقية، غداة إخراج فصائل موالية لأنقرة القوات الكردية من عفرين. وحذّر من إمكان ذهابه أبعد من ذلك، وتنفيذ عملية ضد الأكراد داخل الأراضي العراقية. وقال في إشارة إلى المناطق التي تسيطر عليها «وحدات حماية الشعب»: «سنستمر في هذه العملية إلى حين القضاء كاملاً على الممرّ الذي يشمل منبج وعين العرب وتل أبيض وراس العين والقامشلي». وشدد نائب رئيس الوزراء التركي بكر بوزداغ، على أن أنقرة لن تبقى في عفرين، على رغم تأكيد أردوغان أن رقعة الهجوم قد تتوسع شرقاً. وذكر أن «الهدف من عمليتنا هو تطهير المنطقة من الإرهاب، وإعادة السلام والثقة والاستقرار، وإعادة المنطقة إلى أصحابها الشرعيين». وفيما أفاد الكرملين في بيان، بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أشاد خلال مكالمة هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، بالتعاون الفاعل بين البلدين في عملية التسوية السورية، وبحث معه القمة الثلاثية (روسياوتركيا وإيران) المزمعة في إسطنبول الشهر المقبل، ردت وزارة الخارجية السورية على إعلان أنقرة سيطرتها على عفرين بالقول إنه «عمل غير مشروع ويتناقض مع مبادئ ومقاصد ميثاق الأممالمتحدة والقانون الدولي». وأضافت في رسالتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، بأنها «تدين الاحتلال التركي لعفرين وما يقترفه من جرائم، وتطالب القوات الغازية بالانسحاب فوراً»، معتبرة أن «الممارسات والاعتداءات التركية لا تهدد حياة المواطنين ووحدة أرض سورية وشعبها فحسب، بل تطيل أمد الحرب خدمة للإرهاب وداعميه، وتهدد الأمن والسلم في المنطقة والعالم». وفي ظل أنباء عن ضربة أميركية وشيكة في سورية، أعلن رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد للبرلمان الروسي قسطنطين كوساتشوف، أن بلاده «قد تتخذ قراراً في شأن توسيع عديد قواتها في سورية بسبب أعمال الولاياتالمتحدة وشركائها هناك»، فيما قال رئيس لجنة شؤون الدفاع في الدوما فلاديمير شامانوف، إن من الضروري النظر في إمكان إغلاق المجال الجوي السوري في وجه البلدان التي لا يوجد لديها إذن رسمي من النظام. إلى ذلك، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على أربعة مسؤولين سوريين بسبب استخدام أسلحة كيماوية ضد مدنيين، بعد معلومات عن استخدام قوات النظام غاز الكلور في الغوطة الشرقية. وفرض وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي عقوبات تشمل حظر سفر، وتجميد أرصدة على ضابط في قوات النظام وثلاثة علماء يعملون في مركز الدراسات والبحوث العلمية، ليرتفع عدد مسؤولي النظام الخاضعين للعقوبات إلى 261.