بدأت «اللجنة المصرية الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية» إعادة تأهيل منزل زينب خاتون، خلف جامع الأزهر، ليكون مقراً لمشروع الإحياء العمراني للقاهرة التاريخية. ويهدف المشروع الذي يستغرق تنفيذه 18 شهراً، بالتعاون بين وزارة الآثار ومنظمة «يونيسكو»، إلى رسم خريطة أثرية للقاهرة التاريخية. وشيّد المنزل، المسجّل أثرياً، في عهد السلطان الأشرف قايتباي (1468–1713)، ويجمع بين الطرازين المملوكي والعثماني. وآلت ملكيته إلى زينب خاتون في العام 1780، وكانت تعرف بزينب خاتون بنت عبدالله البيضاء، معتوقة محمد بك المغربي، إذ أعتقها الأخير بعدما كانت وصيفته، لتتزوج بعد ذلك من أمير يدعى الشريف حمزة الخربوطلي، وبعد وفاتها آل البيت إلى الأوقاف المصرية. وصمّم مدخل البيت بحيث لا يمكن للضيف رؤية من في الداخل، وهو ما أطلق عليه في العمارة الإسلامية «المدخل المنكسر». ولدى المرور من المدخل إلى داخل البيت، يجد الزائر نفسه في «حوش» كبير يحيط بأركان البيت الأربعة، وهو ما اصطلح على تسميته ب «صحن البيت». والهدف من التصميم هو ضمان وصول الضوء والهواء إلى واجهات البيت وحجراته. ويتطابق البيت في هذه السمة مع البيوت الأخرى في القاهرة الفاطمية، مثل بيت الهراوي (1486)، وبيت السحيمي (1648)، ما يدل على أن «الصحن» كان سمة أساسية لعمارة البيوت في العصرين المملوكي والعثماني. ويحتوي الطابق الأول على «المندرة»، وهي المكان المخصص لاستقبال الضيوف الرجال، إضافة إلى اسطبل الخيل و «المزيرة» (المكان المخصص لحفظ المياه) والمطبخ والطاحونة ومخزن الغلال. وتتجسد القباب كنمط هندسي شائع في الطاحونة ومخزن الغلال و«المزيرة». وتعد القباب وسيلة لتكييف الهواء، وهو ما يتناسب مع وظيفة هذه الحجرات للحفاظ على برودة المياه أو حفظ الغلال. أما الطابق الثاني فيحدد أنماطاً هندسية أخرى استخدمها المهندس المملوكي لتهوية الغرف، ويحتوي على مقعد للرجال (السلاملك)، ومقعد للحريم (الحراملك). ويتكون السلاملك من «تراس» واسع يطل على «صحن البيت»، ويتصل به ممر صغير يعتبر همزة وصل إلى الحراملك الأكثر رحابة مقارنة بمقعد الرجال. ويتضافر عنصرا الجمال والرحابة في الحراملك، فتمتد الزخارف إلى أعلى السقف بارتفاع أربعة عشر متراً، وتتدلى من السقف مصابيح كبيرة تضاء بالزيت. وتعلو السقف قبة متسعة وهي ما أطلق عليها اسم «الشُخشيخة» في العمارة الإسلامية، وتتكفل بإدخال مزيد من الإضاءة إلى الحجرة كما تفسح المجال لتيار الهواء. وكان هذا المكان مفضلاً لدى سيدات البيت في الماضي. فعلى جانبي المشربيات تمتد «الكتبيات» التي كانت تحفظ فيها النساء الكتب، إذ كانت السيدة تجلس لتقرأ وتستمتع بالهواء والضوء أسفل المشربية. ويتصل بالحراملك حمّام السيدات الشاسع الذي يدل على مدى اهتمام سيدة البيت في ذلك العصر بصحتها وجمالها. ويتمتع الحمّام بسقف زجاجي من الوحدات الزخرفية السميكة التي تقاوم الشمس والمعروفة بالحمّامات التركية إذ تتسم بألوانها وزخرفتها البديعة، فضلاً عن أنها تسمح بمرور الضوء خفيفاً وملوناً.