أكَّد كبير الاقتصاديين بالبنك الأهلي الدكتور جارمو كوتيليني تعاظم دور الصكوك في تعزيز التنمية الاقتصادية في المملكة، مشيراً إلى أنه على رغم التقدم المهم الذي أمكن تحقيقه في إصدار الصكوك، إلا أن الأطراف الفاعلة في هذا المجال تظل محصورة في الشركات الكبيرة وفي طليعتها شركة سابك والشركة السعودية للكهرباء، إذ أعاقت اعتبارات الكلفة وعدم توافر السيولة في الأسواق الثانوية الآخرين من خوض غمار هذه السوق. وأوضح كوتيليني أمام مؤتمر السندات والقروض في الشرق الأوسط الذي عُقد أخيراً في دبي، أن الصكوك في وضع مميز يتيح لها أن تجسر الهوة بين مجموع رؤوس الأموال الكبيرة في المملكة ومتطلبات الاستثمار في البنية التحتية الهائلة في البلاد، التي تقدر كلفتها بأكثر من 750 بليون دولار (2.8 تريليون ريال). وقال إن الحكومة السعودية أقدمت على خطوة مهمة بإعلانها أن الصكوك ستستخدم لتمويل مشروع مطار الملك عبدالعزيز الجديد بجدة، كما أن نظام الرهن العقاري المرتقب سيتيح فرصاً إضافية لإصدار الصكوك في القطاع العام، وبالتالي سيساعد في إيجاد أسعار أساسية شبه رسمية لتشجيع الآخرين على الدخول إلى سوق الصكوك، وهذا ترتيب صادفه النجاح الواضح في بعض الاقتصادات الإقليمية الأخرى مثل البحرين وقطر والإمارات. وأضاف أنه «على رغم تحسن آفاق الصكوك إلا أن هناك حاجة ماسة لتطوير الهياكل وتوفير الحلول التي تتيح للصكوك أن تصبح جزءاً أكثر تكاملاً في القطاع المالي الإقليمي»، لافتاً إلى أن أسواق السندات تشكل إحدى ثلاث دعامات متساوية في تنمية الأسواق المالية، إضافة إلى العمل المصرفي والأسهم، إلا أن دورها يظل هامشياً في المملكة. وتابع: «الهاجس الأكبر يظل متمثلاً في الحاجة إلى روح الابتكار والإبداع، لتمكين استخدام الصكوك في تمويل المشاريع، وفي الوقت ذاته ينبغي زيادة آجال الاستحقاق عن المعدل الحالي وهو خمس سنوات، على رغم أننا شهدنا في الآونة الأخيرة بعض التقدم الإيجابي على هذا الصعيد، إلا إن السوق ستتطلب أيضاً مستثمرين جدداً، وبدرجة أكثر وضوحاً على النطاق المؤسسي الذي يُشكِّل عصب أسواق السندات العالمية». وأشار كبير اقتصاديي البنك الأهلي إلى أن هناك بعض التقدم على هذا الصعيد، بفضل نمو قطاع التأمين في المملكة، موضحاً أنه يجري نقاش حول إتاحة المجال أمام المؤسسات الأجنبية للدخول إلى سوق الصكوك، مشيراً إلى أن وتيرة مشاركة المستثمرين الأفراد في سوق الصكوك تتزايد سواء بشكلٍ مباشر أو عبر عدد متزايد من صناديق الاستثمار في الصكوك وأسواق النقد. وأكد كوتيليني أن تزايد الاهتمام بنجاح التجربة الماليزية في مجال الصكوك يعود جزئياً إلى العدد المتزايد من الإصدارات من دول مجلس التعاون الخليجي هناك، وهذا يمثل تحدياً يستلزم إنشاء وتطوير سوق إقليمية للصكوك كمتطلب أساسي لإطلاق العنان للإمكانات الكامنة في دول مجلس التعاون الخليجي كمركز ذي أهمية بالغة بالنسبة إلى التمويل المتوافق مع الشريعة على الصعيد العالمي.