أعلنت الشركة السعودية العالمية للبتروكيماويات (سبكيم) أمس عن عزمها إصدار صكوك بنحو 1.5 مليار إلى ملياري ريال للمساهمة في تمويل مشاريع توسع جديدة تصل قيمتها إلى مليار ونصف ريال. وكشف ل»الجزيرة» المهندس أحمد بن عبدالعزيز العوهلي الرئيس التنفيذي للشركة أن السبب وراء اتجاه الشركة إلى طرح صكوك المضاربة عند حد أدنى بقيمة مليون ريال سعودي بواقع 100 ألف ريال للصك الواحد، هو رغبة الشركة في الحصول على التمويل اللازم للمشاريع والتوسعات التي تعتزم الشركة تنفيذها خلال العامين القادمين بسهولة وسرعة. وقال العوهلي في تصريح خاص ل»الجزيرة»: إن ثقافة الاستثمار في صكوك المضاربة لا تزال متدنية لدى العامة، ما يجبر الشركات التي تفكر بطرح هذا النوع من الاستثمارات على رفع الحد الأدنى للصكوك، لجلب المستثمرين من المؤسسات المالية والحكومية والأفراد أصحاب الخبرة في مثل هذه الاستثمارات، ولفت العوهلي إلى أن الشركات التي سبق وطرحت صكوكًا مالية بحد أدنى منخفض لم تحقق ما تحتاجه من التمويل عبر هذه الصكوك، مشيرًا إلى أن المبلغ الضخم الذي تحتاجه «سبكيم» لمشاريعها وتوسعاتها القادمة والمقدر بمليار ونصف المليار ريال، يفرض على الشركة وضع حد أدنى مرتفع القيمة. وأكد العوهلي بأنه لا يتوقع أن يؤثِّر هذا التمويل على عائد الربحية على سهم الشركة المدرج في سوق الأسهم، مشيرًا إلى أنَّه لن يتضح تأثير هذا التمويل على أسهم الشركة إلا بعد انطلاق العمل في المشاريع المزمع تنفيذها والتي يتوقع أن يبدأ العمل فيها خلال النصف الثاني من عام 2013م. وكانت «سبكيم» قد عقدت مساء أمس مؤتمرًا صحافيًا بحضور الممثلين عن مديري الإصدار (الرياض المالية) و(دويتشة للأوراق المالية)، أعلنت من خلاله طرح صكوك المضاربة بهدف تنويع مصادر التمويل وأدوات الدين، للمساهمة في تحقيق برامجها التوسعية المعلن عنها سابقًا. وردًا على سؤال طرحته «الجزيرة» حول المخاطر المتوقعة على الشركة من طرح هذه الصكوك، أكد رائد البركاتي مدير إدارة المصرفية الاستثمارية بالرياض المالية أنهم اعتمدوا على مجموعة من التحفظات في هذا الإصدار لتقليل المخاطر المحتملة على المضاربين والشركة على حدٍ سواء، وقال البركاتي إن الشركة تعتمد في إصدار هذه الصكوك على الخبرة الاستثمارية للمستثمرين من المؤسسات المالية والحكومية والأفراد، وبالمقابل فإن المستثمرين يعتمدون على كفاءة «سبكيم» والتزامها بتنفيذ المشاريع التي أعلنت عنها قبل إصدار الصكوك. من جهته، تحدث العوهلي خلال المؤتمر عن تعافي قطاع البتروكيماويات من الأزمة المالية العالمية، وخصوصًا في بعض الأسواق العالمية كالصين والهند والبرازيل، مشيراً إلى أن الكارثة التي حلَّت باليابان مؤخراً، ودمرت أجزاءً كبيرة من البنية التحتية لها، ستزيد من ارتفاع الطلب في قطاع البتروكيماويات؛ نظراً لاعتماد مواد البناء بشكل أساسي على المواد التي تنتجها الشركات العالمية في هذا القطاع. وفي رده على أحد الأسئلة، أكد العوهلي على أن توقيت طرح الصكوك في نهاية الربع الثاني من العام الحالي، لا يعود بأي حال من الأحوال إلى قرب إعلان أرباح وخسائر الربع الحالي، مشدِّداً على أنَّ توقيت الطرح ارتبط بموافقة هيئة السوق المالية والتي لم تصدر إلا قبل أسبوع واحد فقط. من جهة أخرى، قال مصرفي إن المعطيات الأساسية لإصدار الصكوك تبدو مؤاتية وواعدة بالسوق المحلية وذلك عقب فترة من عدم الاستقرار في أسواق السندات والصكوك الإقليمية نتيجة للتغيرات التي شهدها الاقتصاد العالمي وأكَّد ذلك الدكتور جارمو كوتيليني، كبير الاقتصاديين بالبنك الأهلي على تعاظم الدور المهم الذي يمكن أن تؤديه الصكوك في تعزيز التنمية الاقتصادية في المملكة، وأضاف أنه على الرغم من التقدم المهم الذي أمكن تحقيقه في إصدار الصكوك، إلا أن الأطراف الفاعلة في هذا المجال تظل محصورة في الشركات الكبيرة وفي طليعتها شركتي سابك وشركة الكهرباء، حيث أعاقت اعتبارات التكلفة وعدم توفر السيولة في الأسواق الثانوية الآخرين من خوض غمار هذه السوق. وأوضح جارمو أن الصكوك في وضع مميز يتيح لها أن تجسر الهوَّه بين مجموع رؤوس الأموال الكبيرة في المملكة، ومتطلبات الاستثمار في البنية التحتية الهائلة في البلاد والتي تقدر كلفتها بأكثر من 750 مليار دولار. وأبان أن الحكومة السعودية أقدمت على خطوة مهمة بإعلانها أن الصكوك ستستخدم لتمويل مشروع مطار الملك عبدالعزيز الجديد بجدة، كما أن نظام الرهن العقاري المرتقب سيتيح فرصاً إضافية لإصدار الصكوك في القطاع العام، وبالتالي سيساعد في إيجاد أسعار أساسية شبه رسمية لتشجيع الآخرين على الدخول إلى سوق الصكوك. وبين الدكتور جارمو إن أسواق السندات تشكل إحدى ثلاث دعامات متساوية في تنمية الأسواق المالية، إضافة إلى العمل المصرفي والأسهم إلا أن دورها يظل هامشياً في المملكة، وأن الهاجس الأكبر يظل متمثلاً في الحاجة إلى روح الابتكار والإبداع لتمكين استخدام الصكوك في تمويل المشاريع، وفي ذات الوقت ينبغي زيادة آجال الاستحقاق عن المعدل الحالي وهو خمس سنوات رغم أننا شهدنا في الآونة الأخيرة بعض التقدم الإيجابي على هذا الصعيد إلا أن السوق ستتطلب أيضاً مستثمرين جدد، وبدرجة أكثر وضوحاً على النطاق المؤسسي الذي يُشكِّل عصب أسواق السندات العالمية.