دوّن مهاجم منتخب ألمانيا ميروسلاف كلوزه، اسمه في قائمة «نجوم المانشافت» كأحد أبرز الهدافين، فهو ليس من الأشخاص الذين يتكلمون كثيراً لكنه يجيد لغة الأهداف، إذ صنع كلوزه نفسه بنفسه وسلك درباً صعباً قبل أن يفجر طاقاته، ويقوم بهذا الأمر بطريقة فعالة جداً في الملاعب. يعتبر مهاجم لاتسيو الإيطالي الذي سيحتفل بعيد ميلاده ال36 في التاسع من حزيران (يونيو) الحالي، وذلك قبل ثلاثة أيام من انطلاق العرس الكروي العالمي، في نظر كثيرين بمثابة الظاهرة، إذ تلمس كلوزه خطواته الأولى في فريق بلاوداخ ديديلكوبف في دوري الهواة قبل أن تكتشف موهبته الأندية في درجات أعلى، ومنذ تلك الفترة شهدت مسيرته صعوداً تدريجياً حتى بلغ القمة التي جعلته على مستوى الهداف الأسطوري غيرد مولر. يتميز المهاجم ميروسلاف كلوزه بإجادته الكرات الرأسية، فعندما يكون في كامل لياقته البدنية يستطيع أن يخدع خط دفاع المنتخب المنافس بأكمله، كما أنه يملك حاسة تهديف عالية، وغالباً ما يظهر كلوزه موهبته وتفوقه في البطولات الكبرى شرط أن يركز على بعض النقاط خلال التحضيرات التي يقوم بها. ولد كلوزه في أوبول في بولندا، وانتقل إلى ألمانيا عندما كان في الثامنة من عمره، ويعتبر اليوم من أكثر العناصر خبرة في صفوف ال«مانشافت». بدأ كلوزه مسيرته الاحترافية بعمر 20 عاماً في الدرجة الثالثة مع الفريق الرديف ل«لاف سي 08 هومبورغ»، وبعد 12 شهراً انضم إلى صفوف الفريق الاحتياطية في كايزرسلاوترن، ولم ينتظر طويلاً قبل أن تتم ترقيته إلى صفوف الفريق المحترف. لفت هذا المهاجم الفعال والطموح الأنظار خلال موسم 2001-2002، قبل أن ينتقل إلى صفوف فيردر بريمن في 2004، إذ ضرب بقوة في موسمه الثاني مع الفريق الأخضر عندما سجل 25 هدفاً في 26 مباراة في الدوري المحلي ليتوج هدافاً ل«بوندسليغه» عام 2006، وأفضل لاعب في الموسم، لكن الغرور لم يشق طريقه إليه، لأنه بقى بعيداً عن الأضواء ونجح في الحفاظ على تواضعه، على رغم النجاحات الكبيرة التي حققها، ما زاد من رصيده الشعبي لدى أنصار المنتخب الألماني. ظهر كلوزه إلى الأضواء العالمية في مونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، حين سجل خمسة أهداف، لكن لقب الهداف حينها ذهب إلى البرازيلي رونالدو صاحب الثمانية أهداف بينها ثنائية في مرمى «المانشافت» في المباراة النهائية (2-0). تابع كلوزه تألقه مع منتخب بلاده، وتحديداً في المونديال الذي أقيم على الأراضي الألمانية، إذ توج هدافاً برصيد خمسة أهداف بينها ثنائية في المباراة الأولى أمام كوستاريكا (4-2)، وأخرى في المباراة الثالثة أمام الإكوادور (3-0)، ثم أدرك التعادل ل«المانشافت» أمام الأرجنتين في الدور ربع النهائي، عندما احتاج فريقه إلى ركلات الترجيح لبلوغ دور الأربعة، إذ خرج على يد إيطاليا (0-2) بعد التمديد. انتقل المهاجم الألماني البارع إلى صفوف بايرن ميونيخ صيف 2007، إذ شكل ثنائياً خطراً في خط المقدمة إلى جانب الإيطالي العملاق لوكا توني، ونجح في موسمه الأول في الحصول على لقب الدوري والكأس المحليين مسجلاً 21 هدفاً في المسابقات كافة، ثم حافظ على وتيرته التهديفية في الموسم التالي مسجلاً 20 هدفاً لفريقه الذي خرج خالي الوفاض ما دفعه للتعاقد مع المدرب الهولندي لويس فان غال، الذي أطاح بتوني من الفريق وأبقى كلوزه على مقاعد الاحتياط في معظم المباريات، ليكتفي الأخير بتسجيل ثلاثة أهداف فقط في الدوري وستة في المسابقات كافة. وعلى رغم أنه قدم موسماً مخيباً للآمال مع بايرن ميونيخ، فإن المدرب لوف استمر في منحه الثقة بسبب الخبرة التي جناها في صفوف المنتخب الوطني والدور الثمين الذي يلعبه في صفوفه، إذ استدعاه لمونديال جنوب أفريقيا 2010، لكن الإعلام الألماني شن حملة انتقادات على هذه الخطوة، لكن كلوزه حافظ على هدوئه المعهود ولم يرد على الحملات التي تناولته في الإعلام، وكانت الإجابة على أرضية ملاعب جنوب أفريقيا، عندما سجل رباعية رفع بها رصيده إلى 14 هدفاً في تاريخ مشاركاته في «العرس العالمي»، وبات على بعد هدف واحد من البرازيلي رونالدو «أفضل هداف في تاريخ نهائيات كأس العالم برصيد 15 هدفاً»، بعد أن تخطى إنجاز الهداف الألماني الآخر غيرد مولر في 2006. ويملك كلوزه الذي جدد لوف مرة أخرى الثقة في إمكاناته للمشاركة في مونديال البرازيل المقبل على رغم موسمه المخيب مع لاتسيو الإيطالي الذي انضم إلى صفوفه عام 2011 بسبب كثرة الإصابات، فرصة معادلة الرقم القياسي أو تحطيمه. بدأ كلوزه مسيرته في صفوف المنتخب الألماني في آذار (مارس) 2001 خلال مباراة ضد ألبانيا في تصفيات كأس العالم في ليفركوزن، إذ تألق حينها من خلال تسجيله هدف الفوز قبل نهاية المباراة بدقيقتين، أي بعد ربع ساعة من نزوله إلى أرض الملعب، ثم فرض نفسه من العناصر الأساسية في التشكيلة حتى وصل إلى مباراته الدولية ال100، وهو الرقم الذي لم يصل إليه سوى خمسة لاعبين في تاريخ المنتخب الألماني، وهم لوثار ماتيوس (150)، ويورغن كلينسمان (108)، ويورغن كولر (105)، وفرانتس بكنباور (103)، وتوماس هاسلر (101). خاض «ميرو» 131 مباراة دولية حتى الآن سجل خلالها 68 هدفاً، والأرقام مرشحة للارتفاع في «مونديال البرازيل»، وقد لا يكون كلوزه بحجم نجومية الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو والإنكليزي واين روني أو حتى الفرنسي فرانك ريبيري، لكنه على موعد مع التاريخ بعدما تفوق على عمالقة اللعبة مثل البرازيلي بيليه (12 هدفاً)، والفرنسي جوست فونتين (13 هدفاً).