بدأت العاصمة اليمنية صنعاء أمس تستفيق من هول صدمة الاشتباكات الدامية، وقد هجرها نصف سكانها أو يزيد طلباً للأمان، فيما التزم من بقي فيها الحذر الشديد بعدما خذلتهم أكثر من هدنة في السابق. المحال التجارية الكبرى فتحت شطراً من أبوابها وأبقت الأخرى محكمة الإغلاق تحسباً، فيما اصطفت مئات السيارات ووسائل المواصلات العامة في طوابير امتدت لمئات الأمتار أمام محطات الوقود أملاً في وصول الصهاريج المليئة بمشتقات الوقود بين لحظة وأخرى، استناداً إلى وعود حكومية يبثها التلفزيون الرسمي ومحطات الإذاعة المحلية بقرب انتهاء الأزمة المتفاقمة منذ أسابيع. المسلحون بلباس مدني يجوبون معظم شوارع المدينة وينصبون نقاط تفتيش عند مداخل الشوارع الفرعية في مناطق «التماس». وبين جنوب العاصمة وشمالها يقتسم الجيش الموالي للنظام والمناوئ له نقاط تفتيش دقيقة وسواتر ترابية وأخرى خرسانية، كل وفق إمكاناته. الجنود في حال تأهب قصوى وسيارات الأطقم المسلحة والعربات المصفحة بأحجام وأشكال وألوان مختلفة تقف عند زوايا الشوارع الكبيرة والتقاطعات الفاصلة بين مربعات العاصمة وأحيائها المترامية الأطراف. التيار الكهربائي بدأ يعود تدريجياً بعد سلسلة من الانقطاعات العشوائية الطويلة في الأيام الماضية. من بقي من سكان العاصمة بدا كأنه يختبر الوضع الأمني في تجواله، خصوصاً أن أصوات طلقات الرصاص وانفجار القذائف لا تزال تسمع بين الحين والآخر في ضواحي صنعاء وبعض أحيائها التي شهدت أعنف المواجهات بين القوات الحكومية وقبائل حاشد قبل اتفاق تثبيت وقف إطلاق النار السبت بناء لجهود سعودية، وإعلان الطرفين الموافقة عليها وتشكيل نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي لجنة برئاسة رئيس جهاز الأمن السياسي اللواء غالب القمش ومعه نائب رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة اللواء ركن علي محمد القاسمي لتتولى رفع المظاهر العسكرية من العاصمة وأخلاء المقرات الحكومية في حي الحصبة والأحياء المجاورة من المسلحين القبليين الذين سيطروا عليها قبل نحو أسبوعين.