رفض كبار المسؤولين اللبنانيين مجدداً أمس، الاقتراح الأميركي باقتسام مساحة 860 كيلومتراً مربعاً، متنازع عليها في المنطقة الاقتصادية الخالصة في عرض البحر، والتي كلف لبنان شركات دولية المباشرة في استكشافها. وقضى الاقتراح الاميركي بتقاسم نسبته 60 في المئة للبنان و40 في المئة لإسرائيل. ودخل الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله على خط الجدل داعياً المسؤولين اللبنانيين إلى التهديد بقوة الحزب في تفاوضهم مع الجانب الأميركي. وقال: «ليتخذ مجلس الدفاع الأعلى في لبنان قراراً بأن محطات الغاز والنفط الإسرائيلية في البحر ممنوع أن تعمل، وأنا أعدكم بأنها خلال ساعات لن تشتغل». وغداة زيارة زير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون بيروت، استأنف مساعده السفير دايفيد ساترفيلد مساعيه بين لبنان وإسرائيل لإيجاد حل للخلاف على الحدود البحرية وعلى «البلوك9»، والتقى ساترفيلد مجدداً أمس، رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، مكرراً طرح تصور السفير السابق فريدريك هوف الذي سمي عام 2012 ب «خط هوف» لاقتسام المنطقة المتنازع عليها وتشمل إلى جزء قليل من «البلوك 9»، أجزاء واسعة من «البلوكين 8 و10». وأعلن المكتب الإعلامي لبري أنه بعد أن استمع إلى اقتراحات ساترفيلد، «أصر على ترسيم الحدود البحرية عبر اللجنة الثلاثية المنبثقة من تفاهم نيسان 1996 (تضم قوات يونيفيل وضباطاً من الجيشين اللبناني والإسرائيلي وتجتمع في مقر قيادة القوات الدولية في الناقورة اللبنانية) على غرار ما حصل بالنسبة إلى الخط الأزرق»، معتبراً أن المطروح «غير مقبول». أتى ذلك بعد تحفظ الجانب اللبناني عن «خط هوف» في المحادثات مع تيلرسون الذي قال إن هناك أفكاراً مبتكرة ستبحث. وأبلغ الرئيس ميشال عون مجلس الوزراء الذي انعقد بعد مغادرة الوزير الأميركي، بأن الموقف اللبناني كان واضحاً وموحداً لجهة عدم توفير أي جهود للوصول إلى حلول من خلال عدة اقتراحات تم التداول فيها. وقال عون إن الوزير تيلرسون «كان مصغياً ومتفهماً للوضع اللبناني من جوانبه كافة، لا سيما مواقف الأطراف اللبنانيين من المواضيع المطروحة». وجدد ساترفيلد مسعاه أمس إثر محادثات تيلرسون، بعد أن كان أبلغ المسؤولين اللبنانيين في لقاءاته معهم نهاية الأسبوع الماضي، أنه «لن يكون لديه عرض آخر». وذكرت مصادر مطلعة ل «الحياة» أن ساترفيلد عاد فأدخل تعديلات طفيفة على مقترح هوف القديم، وهو ما وصف بالأفكار «الابتكارية»، لكنها لم تكن مرضية للجانب اللبناني الذي تكتم على مضمونها. وقالت مصادر رسمية متعددة ل «الحياة»، إن ساترفيلد سيزور إسرائيل خلال ساعات لمواصلة مسعاه بتشجيع من تيلرسون. وكانت مصادر عسكرية أبلغت «الحياة» أن مطلب لبنان القديم بأن تتولى الأممالمتحدة ترسيم الحدود البحرية على غرار ترسيمها الخط الأزرق البري عند الانسحاب الإسرائيلي عام 2000، واجه صعوبة، لأن قيادة «يونيفيل» تحتاج إلى قرار من مجلس الأمن في هذا الخصوص لأن هذه المهمة ليست مشمولة بولايتها وفق القرار 1701. وهذا ما دفع لبنان إلى اقتراح ترسيم الحدود عبر اللجنة الثلاثية الدولية- الإسرائيلية- اللبنانية. وتردد أن الجانب اللبناني طالب بأن يشارك الجانب الأميركي في اللجنة الثلاثية أيضاً. وقال نصرالله في خطاب له أمس، متوجهاً إلى المسؤولين اللبنانيين:» إذا كان هناك إحساس بالخوف من الضغط الأميركي والإسرائيلي في ملف النفط والغاز فهذا طريق الخسارة». واعتبر أنه «يجب أن نفاوض كأقوياء وإسرائيل التي تهددكم تستطيعون أن تهددوها، وأميركا إذا طلبت التجاوب لرد إسرائيل عنا، قولوا لها يجب أن تقبل بمطلبنا حتى نرد حزب الله عن إسرائيل. فالإسرائيلي والأميركي يعلمان أن القوة الوحيدة التي لديكم هي المقاومة لأن الجيش اللبناني ممنوع عليه أن يمتلك صواريخ أرض- أرض وصواريخ أرض- بحر وأرض- جو... ونحن في هذا الموضوع «تحت الأمر». وأضاف: «يستطيع أي لبناني أن يقول لهم. تمنعوننا نمنعكم، وتقصفوننا نقصفكم والإسرائيلي يعرف ذلك... ولنجرب». وتابع: «استقبلتم الأميركيين لكن الوسيط الأميركي ليس وسيطاً نزيهاً وتريدون الدليل، اسمعوا ما تقوله السلطة الفلسطينية». واعتبر أن «الأميركي جاء للإبلاغ والإملاء والتهديد بأنْ يا لبنان إذا لم تقبل لا حدود ولا نفط ولا شركات (التنقيب) تأتي، فهل هذا وسيط؟ ويجب أن نتصرف موحدين بقوتنا، ولا نؤخذ بالتهديد والتهويل».