لم تحتجْ سميرة سعد لتنجز البحث المطلوب منها في الجامعة التي تدرس فيها، إلا جولة بسيطة في العالم الافتراضي، بحثاً عن من يمكن أن ينجز البحث في مقابل، وحين عثرت عليه كان مقيماً عربياً، وربما حدد المجالات والمواد التي يمكنه أن يجري الأبحاث حولها وأسماء الجامعات أيضاً، فضلاً عن قائمة الأسعار. أما طرق التواصل فكانت شبكات التواصل الاجتماعي وتحديداً «تويتر» و»فيسبوك» و»واتساب»، رافضاً الاتصال الهاتفي المباشر. ومن خلال الأخير تواصلت معه سميرة، التي عرفت منه قائمة الأسعار ومدة إنجاز البحث وطريقة الدفع من خلال التحويل إلى حسابه المصرفي، وهو ما فعلته سميرة ليصلها بعد يومين البحث كما طلبته تماماً، وحين قدمته إلى أستاذة المادة حصلت على العلامة كاملة. وتعجُّ شبكات التواصل الاجتماعي بآلاف الإعلانات، التي يبدي أصحابها (سعوديون وأجانب) استعدادهم لإنجاز الأبحاث الجامعية محددين تسعيرات تكاد تكون متقاربة. ويجني العاملون في هذا المجال أرباحاً وصفها أحدهم ب»المجزية»، فيما قدرها آخرون ب «الكبيرة جداً». وربما تصل حجم «تجارة الأبحاث» على مستوى المملكة إلى ملايين الريالات وربما عشراتها. وغالبية الناشطين في هذه التجارة من الخريجين العاطلين عن العمل، وبخاصة الفتيات اللاتي ذكرت إحداهن أن دخلها الشهري من بيع الأبحاث لطالبات الجامعات يفوق دخل المعلمة التي أمضت 10 أعوام في التعليم، إلا أن «السوق» لا تقتصر على «العاطلين»، فهناك المعلمون الراغبون في زيادة دخلهم، إلا أن المهيمنين على تجارة «الأبحاث الجامعية» هم المقيمون، وبخاصة معلمو المدارس الأهلية، الذين يستعين بعضهم بشبكات خارجية من الأصدقاء والمعارف لإنجاز الأبحاث ويتقاسمون المبالغ. فيما يكون التواصل من خلال البريد الإلكتروني. وتصنف الأنظمة الرسمية هذا النشاط ضمن «المحظورات»، باعتباره نوعاً من «الغش» و»التحايل». كما أنه يخترق «حقوق الملكية الفكرية»، إلا أن المنع المعزز بقائمة من العقوبات، التي تشمل السجن مدة تصل إلى 5 أعوام، وغرامة تصل إلى 10 آلاف ريال، لم تمنع تنامي «تجارة الأبحاث»، في ظل «تراخي» غالبية الجامعات عن تتبع الأبحاث «المسروقة» أو «المُشتراة».