عندما دخلت الصحافة أو أنها هي التي دخلت في أعماقي! وكان ذلك في عام 1394ه حيث عملت في جريدة الندوة سكرتير تحرير للشؤون المحلية بتوجيه ودعم من رئيس تحريرها الصحافي الرائد الأستاذ حامد مطاوع رحمه الله وجدت من خلال الأخبار أن الملك فيصل قد وضع نظام إعانة لبعض المواد الغذائية الأساسية التي لا يستغني عنها كل منزل وكان عدد تلك المواد نحو عشرين مادة غذائية يأتي في مقدمتها الأرز والحليب والسكر والقمح والدقيق والزيوت النباتية والشاي، كما تم بموجب ذلك النظام إعانة عينات من الأدوية المعالجة للأمراض المزمنة مثل الضغط والسكري وأمراض القلب وغيرها من الأمراض التي تحتاج لعلاج طويل الأمد، وأذكر أن وزارة التجارة وهي نشطة فعالة في تلك الأيام! كانت ترسل للصحف عن طريق مكاتبها وفروعها قائمة بأسعار المواد الغذائية والدوائية المعانة من قبل الدولة لنشرها بانتظام في تلك الصحف حتى يكون المستهلك على بينة من أمره، فإن خالف أي تاجر تلك الأسعار فإن عقوبات مشددة كانت تتخذ ضده وفي مقدمتها التشهير به وإغلاق محلاته التجارية. وأذكر أنني كنت أستلم تلك القائمة الأسبوعية وأنشرها على هيئة خبر بعد أن تصلني مطبوعة بالآلة الكاتبة «الاستنسل!» وهي صادرة من مكتب مدير فرع وزارة التجارة آنذاك في العاصمة المقدسة السيد فؤاد كتبي، وكانت تلك المعونة المقدمة لأهم الأغذية والأدوية من الخطوات الموفقة التي خطتها الدولة لمحاربة الفقر وإعانة الناس قاطبة على مواجهة الغلاء بصورة عملية قد لا تتحقق بالصورة نفسها عن طريق رفع الرواتب والأجور التي غالبا ما يرافقها ارتفاع في الأسعار يلتهم ما أحدث من زيادات، وكانت معونة عامة ولكن أثرها الأعظم كان ينعكس على الفقراء وذوي الدخل المحدود جدا ولم يحرم من فوائدها أي مواطن أو مقيم بغض النظر عن أحوالهم المادية، واستمر العمل بنظام المعونة سنوات طويلة ثم ألغيت في عهد الملك خالد بعد إصدار زيادتين في سلم الرواتب مع أنه ليس كل مواطن موظفا حكوميا، وكان من أسباب رفع المعونة حسب ما دار من أحاديث في تلك الأيام أن مواطني بعض الدول المجاورة أصبحوا يهربون المواد المعانة إلى أوطانهم لأن سعرها لديهم يزيد على ضعف سعرها في المملكة بسبب تلك الإعانة وعملية التهريب تحصل في كل مكان حتى أنني علمت من إخواننا في جنيف الواقعة على الحدود الفرنسية أن بعض السويسريين يدخلون بسياراتهم إلى الأراضي الفرنسية التي تبعد عن قلب جنيف عدة كيلو مترات لشراء مواد غذائية معينة لأنها أرخص من مثيلاتها في سويسرا ولذلك تجري عملية تفتيش لسيارات العائدين من الأراضي الفرنسية فإن كانت الكميات المشتراة محدودة «للاستخدام الشخصي الأسري» تم التغاضي عنها وإلا ألزم صاحبها بدفع رسوم جمركية عليها. ولعل وزارة التجارة تنهض مرة أخرى وترفع إلى ولاة الأمر مشروعا يتضمن العودة إلى تقديم معونة لعدد من المواد الغذائية والأدوية الرئيسية .. فهل هم فاعلون ؟!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة