في ضربة لمساعي التوصّل إلى ركائز حل سياسي للأزمة السورية، رفض النظام أمس جهود الأممالمتحدة لتشكيل لجنة لصياغة دستور جديد للبلاد، وهي النتيجة الرئيسة التي خرج بها مؤتمر «الحوار الوطني السوري» في سوتشي الشهر الماضي. تزامن ذلك مع تصاعد الخلافات الدولية على الساحة السورية، خصوصاً التجاذب الأميركي– الروسي، والهوة التي تزداد اتّساعاً بين أنقرةوواشنطن. وبرز اعتراض النظام السوري على جهود تشكيل «لجنة سوتشي» وتصويبه على المبعوث الدولي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا. واعتبر معاون وزير الخارجية السوري أيمن سوسان في مؤتمر صحافي في دمشق أن «أي لجنة ليست سورية تشكيلة ورئاسة وأعضاء، نحن غير ملزمين بها ولا علاقة لنا بها». وقال سوسان إن البيان الختامي للمؤتمر حدّد «مهام اللجنة وولايتها وعدد أعضائها الذين يجب أن يكونوا حكماً من المشاركين في سوتشي»، في إشارة إلى رفض دمشق مشاركة أعضاء من «هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة» التي قاطعت المؤتمر، لكنها أكدت تعاونها في تشكيل لجنة دستورية إذا كانت تحت إشراف الأممالمتحدة. وهاجم المسؤول السوري دي ميستورا، معتبراً أن «سبب البلبلة هو التفسيرات المشوّهة» التي يقدمها، فيما أن «المؤتمر لم يعطه أي سلطة على أي شيء على الإطلاق وهو يلعب دور ميسّر الأعمال وليس الوسيط»، بحسب تعبيره. وكان دي ميستورا أعلن أنه سيحدد المعايير الخاصة بأعضاء اللجنة وسيختار حوالى 50 شخصاً من النظام والمعارضة وجماعات مستقلة، فيما لفتت مصادر بعد انعقاد المؤتمر إلى أن دمشق غير راضية عمّا توصل إليه. وهدّد سوسان إسرائيل ب «مفاجآت أكثر» في حال شنّت مزيداً من الهجمات على الأراضي السورية، بعد إسقاط الدفاعات الجوية السورية مقاتلة إسرائيلية من طراز «أف-16» السبت. في المقابل، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، أن تل أبيب «تواصل التحرك لحماية مصالحها من دون قيود». وصعّد كل من موسكووأنقرة من لهجة اتهاماتهما إلى واشنطن في شأن تعاملها مع الملف السوري. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن الولاياتالمتحدة تعمل على إنشاء «ما يشبه الدولة» على الضفة الشرقية لنهر الفرات حتى الحدود العراقية، ما يقوّض وحدة أراضي البلاد»، فيما حذّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أن قرار الولاياتالمتحدة تقديم دعم مالي ل «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) «سيؤثر» قطعاً في القرارات التي سنتخذها»، في وقت تواصل أنقرة عمليتها العسكرية ضد المقاتلين الأكراد شمال غربي سورية. وأتى ذلك بعد إعلان «البنتاغون» تخصيص مبلغ 550 مليون دولار لتدريب «قسد» وتجهيزها وتأسيس القوة الأمنية الحدودية. ميدانياً، أصبحت محافظة إدلب خالية بالكامل من تنظيم «داعش» بعدما أعلنت المعارضة السورية ومصادر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس أن حوالى 400 من مسلحي التنظيم سلّموا أنفسهم إلى الفصائل المقاتلة بعد معارك عنيفة على جبهة الخوين في الريف الجنوبي للمحافظة، وذلك بعد أيام على وصولهم إلى المنطقة بعد فتح ممرّ لهم من جانب قوات النظام، وفق موقع «المرصد» ومصادر المعارضة. وذكرت غرفة عمليات «دحر الغزاة» المشكلة من فصائل مقاتلة في بيان، إنها «تمكنت بعد اشتباكات عنيفة دامت أكثر من ثلاثة أيام، من قتل وجرح العشرات من فلول التنظيم، وأسر من تبقى منهم في بلدة الخوين جنوب شرقي إدلب»، وأشارت إلى أنها «أنهت كابوس» دخول التنظيم إلى المحافظة.