إذا دخلت إلى «سوبر ماركت» ورأيت أصنافاً باذخة من الشوكولاتة، من صنع شركات عملاقة ذات أسماء عريقة في تلك الصناعة، وقد كُتب على غلافها أنها مخصصة للمصابين بالسكري، عليك أن تزدريها كلياً. وإذا قصدت محلاً للحلويات في إحدى المُدن العربية الكبرى، ولاحظت أن أصنافاً رُصّت في زاوية منه وقد علتها لافتة تعلن أنها أصناف خاصة لمرضى السكري عليك أن تهزأ بهذا الإعلان من الآن فصاعداً. السبب؟ ثمة دراسة صدرت أخيراً عن جامعة هارفرد الأميركية تُطيح كل ألاعيب محال الحلويات والمنتجات المرتفعة الثمن للشركات العملاقة في المأكولات، كما تدعو إلى ترك النصائح الطبية الراسخة عن وجود طعام خاص يجدر بمرضى السكري أن يقصروا أكلهم عليه، كي يحافظوا على مستوى السكر في دمهم ضمن الحدود الطبيعية. والمعلوم أن السكري مرض يتميز بعدم قدرة الجسم على التعامل مع السكر، وهو الوقود الذي يجب أن تحرقه الخلايا لتستمر في العمل والنشاط. ولأن كل ما نأكله يتحوّل، بطريقة أو أخرى، إلى سكر، فقد بات مألوفاً أن يتبع مرضى السكري حمية تتضمن أنواعاً معينة من المأكولات، وتستثني غيرها لأنها تضر بمرضى السكري. وعلى عكس هذا التقليد الطبي الراسخ، خلصت الدراسة المشار إليها آنفاً إلى أن الحمية التي يتوجب على مريض السكري أن يتبعها فعلياً لا تختلف عن تلك التي يُنصح الناس كافة بها. وكذلك شدّدت على أن الفارق بين حمية مريض السكري والإنسان العادي يتمثل في المزيد من التنبه لإنقاص الوزن والاحتفاظ به ضمن المستوى الطبيعي؛ وفي السيطرة على مستوى السكر في الدم، وفي التنبّه إلى العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالأمراض القلبية. والمقصود هنا هو المريض المصاب بسكري البالغين الذي يُسمى «النوع الثاني» Type 2 Diabetes Mellitus أيضاً. ففي النوع الأول من السكري، الذي يصيب الإنسان منذ الطفولة، لا تعطي غدة البنكرياس ما يكفي من الأنسولين، وهو الهرمون اللازم لحرق السكري واستهلاكه في خلايا الجسم. ويتميز هذا النوع من السكري بأن المُصاب به لا يعاني بالضرورة من نقص في الأنسولين، لكن جسمه لا يستطيع التخلص من الفائض من السكر في الدم، ولا يستطيع إحراقه بطريقة مناسبة. قاد هذه الدراسة البروفسور ديفيد ناثان، وهو مدير قسم السكري وأبحاثه في هارفرد، ونشرها في كتيب من 48 صفحة حمل عنوان «الأكل الصحي لمرضى السكري من النوع الثاني». كما تتضمن الدراسة 40 وصفة غذائية. وبالاختصار، ينصح الكُتيب المرضى بتناول أكل متنوع ومتوازن، مع إبقاء أعينهم مفتوحة على الكمية الكلية للسعرات الحرارية المتضمنة في ما يستهلكونه من مأكولات. كما ينصحهم بالتعود على التمارين الرياضية، وبالحفاظ على أوزانهم ضمن حدود مقبولة صحياً. وفي التفاصيل، يسمح الكُتيب مرضى السكري بالإكثار من الفواكه والخضار، مع تقييد كمية البطاطا البيضاء؛ وكذلك باستبدال الدهون غير المفيدة بالزيوت النباتية. ويشير على المرضى بأكل النشويات المُركّبة، وتجنب السكريات السهلة الهضم كتلك الموجودة في السكاكر والمربيات. ولذا، ينصح بتناول أنواع مثل الخبز الأسمر والفاصوليا والبيض والسمك والمكسرات ولحوم الدواجن والحليب والمآكل الغنية بالكالسيوم والفيتامينات؛ في مقابل الإقلال من اللحوم الحمر والكحول والملح.