يدرس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي آليات لتنفيذ استراتيجية الشراكة الجديدة مع تونس ومصر في ضوء التغييرات التاريخية التي تشهدها المنطقة. وأفاد مصدر ديبلوماسي بأن محادثات الوزراء غداً، تمهّد لأخرى ستجريها مؤسسات المال الدولية في لقاء القمة الذي سيجمع الدول الغنية الثماني في 26 و27 من الشهر الجاري في مدينة دوفيل في فرنسا، لدعم تنشيط الدورة الاقتصادية وإنجاح الإصلاحات في البلدين. ودعت فرنساتونس إلى المشاركة في جانب من اجتماعات القمة، وهي المرة الأولى التي سيجلس فيها ممثل لتونس في نادي الأغنياء. وذكر الرئيس أوباما في خطابه حول الشرق الأوسط، أن الولاياتالمتحدة طلبت من صندوق النقد والبنك الدولي «تقديم خطة مالية في اجتماع الدول الغنية الثماني حول وسائل تأمين الاستقرار في كل من تونس ومصر وتحديث اقتصادهما». كما أعلن بدء العمل بين الإدارة والكونغرس لإنشاء صندوق مالي لتشجيع الاستثمارات في كل من البلدين، «أسوة بالصناديق التي أُنشئت لدعم الدول الشرقية في المرحلة الانتقالية التي دخلتها بعد سقوط جدار برلين» في خريف عام 1989. ودعت تونس المستثمرين الأوروبيين إلى الخروج من موقف الانتظار، والمبادرة الى استئناف الاستثمارات لضمان نجاح مسار الإصلاحات الجوهرية التي انطلقت بعد «ثورة 14 يناير» 2011. وذكر وزير السياحة والتجارة والصناعات التقليدية مهدي حواس، أن تونس «تحتاج إلى 7 بلايين يورو لتنشيط الدورة الاقتصادية واستعادة ثقة المستثمرين». وقال في كلمة خلال مؤتمر الأعمال الأوروبي: «الانتظار خطأ كبير بينما ستؤثر المبادرة الآن في شكل إيجابي على مسار الانتخابات المقبلة». وأكد الحاجة إلى أن «يرى الشعب نتائج الثورة وأن يستنتج بأنه سلك الخيار الصحيح». وأدت الثورة إلى تعطيل جزء من النشاطات الاقتصادية، إذ ارتفع عدد العاطلين من العمل إلى 700 ألف منهم 200 ألف من حاملي الشهادات الجامعية. وسجلت القطاعات الموظفة لليد العاملة في النشاط السياحي والصناعات التقليدية تراجعاً حاداً. ويشغّل القطاعان نحو 700 ألف عامل. وأوضح حواس في مؤتمر صحافي عقده في بروكسيل، أن تونس «تحتاج إلى دعم خارجي كثيف وسريع لاستعادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد التونسي، حيث يمتلك مؤهلات تمكنه من استعادة النمو بسرعة». وتوقع أن «تتمكن تونس، بعد تنشيط الدورة الاقتصادية واستكمال بناء المؤسسات الجديدة، من مضاعفة ناتجها الداخلي الخام ثلاث مرات في خلال خمس سنوات». ودعت مجموعة من الاقتصاديين والأكاديميين الأوروبيين والأميركيين مجموعة الثماني، إلى وضع خطة شاملة لتمويل مشاريع النمو بقيمة تتراوح بين 20 و30 بليون دولار في خمس سنوات، تساعد على «إنماء المناطق الداخلية وتطوير شبكات النقل والتكنولوجيا وخلق أقطاب صناعية وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وكانت المجموعة أكدت في شباط (فبراير) الماضي استعدادها «دعم كل من تونس ومصر في الوقت المناسب من خلال توفير حلول منسقة مع المؤسسات النقدية العالمية والمصارف الإقليمية لتمويل عمليات الإصلاح في البلدين لمصلحة السكان». واقترح الخبراء على قمة مجموعة الدول الغنية، في مقال نشر في مطلع الأسبوع: تمكين تونس من مساعدة عاجلة لدعم أسعار المواد الغذائية ومنتجات الطاقة، وتمويل خطة لتدريب حاملي الشهادات الجامعية، وضع خطة مالية بقيمة تتراوح بين 20 بليون دولار و30 بليوناً لتمويل مشاريع البنية التحتية في المناطق الداخلية، ووضع إطار تنافسي للصناعات والخدمات، والتركيز على دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتنسيق الجهود التي تبذلها المؤسسات النقدية الدولية ومصارف الإنماء، وإنشاء مؤسسة تتولى تمويل التنمية في مصر وتونس، وكذلك الدول الأخرى في المنطقة التي تشهد ثورات ديموقراطية، والتزام الدول الأوروبية التي تشارك في قمة دوفيل (ألمانيا، فرنسا، إيطاليا وبريطانيا) إعطاء تونس صفة الشريك بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، ما يمكنها من حق الإفادة من تمويلات صناديق التنمية الهيكلية الأوروبية. واختتم الخبراء رسالتهم إلى قمة مجموعة الثماني، بأن «تونس تقود التجربة الديموقراطية في العالم العربي وبحكم حجمها الصغير فهي مثابة مختبر للديموقراطية. وأكدوا أن المبالغ الواردة في كتابهم لا تتجاوز 2 أو 3 في المئة من كلفة توحيد ألمانيا، وتساوي نفقات شهر من الحرب على العراق.