ليعذرني القارئ الكريم إن كان فهمي هذه الأيام ضعيفاً ومشوشاً، يبدو أني التقط بعض العبارات سريعاً، ولا أحسن تفسيرها، وأتورط في موضوع شرحها إن سألني أحد عن معناها، وقد تكون بعض العبارات بمثابة المعلومات الاجتماعية الجديدة التي تضاف للرصيد الشخصي. يقول وزير التخطيط خلال «أعمال منتدى الغد»، الذي يحتضن أفكار وطموحات شباب الغد، إن المملكة تمكنت من القضاء على الفقر «المدقع»، وهي تشد الهمة من أجل أن تقضي على «الفقر المطلق»، وذلك عبر مجموعة من الإجراءات في مجالي التعليم والصحة وغيرهما. وليعذرني وزيرنا للتخطيط لضعف فهمي وعدم قدرتي على إيجاد الفوارق الممكنة والحاسمة بين «الفقر المدقع»، و»الفقر المطلق»، وما الصفات التي بتوفرها في المواطن على امتداد خريطتنا الجغرافية المتباعدة يمكن أن نضعه في أحد نوعي الفقر من دون أن نشعر بأننا ظلمناه حين وضعناه في مكان لم تنطبق فيه كامل الشروط والمواصفات. هل مسحت الخطة الوطنية والإجراءات الناجحة في القضاء على الفقر من فئة «أ» مشهدنا المحلي بالكامل، وتأكدت من أن هذا النوع فعلاً تم القضاء عليه ومكافحته لئلا ينهض تحت أي ظرف؟ وعلى ماذا اعتمدت بالضبط؟ وإلى أي الجهات اتجهت؟ وكيف تحركت؟ كيف أخذت إجابات الألسن؟ وعلى ما استندت في النجاح والقفز من فئة فقر أولى إلى فئة فقر ثانية. على المستوى الشخصي أحتاج، فضلاً عن معلومة أنواع الفقر، إلى شرح مبسط لخطة العمل حتى أستفيد فعلاً منها، وقد تكون بعض أسطرها ممكنة التقديم عن طريق العمل الفردي، وهو ما نفتقر إليه فعلاً في سبل العلاج لقضايانا الاجتماعية، فنحن نخوف الفرد الذي يحمل فكرة جديدة ويرغب في الاجتهاد، نمسك بيديه حتى يصل لمنطقة التطبيق ثم نفك أيدينا منه، وكأن هناك إشارة إلى أن العمل الفردي لا يقدم شيئاً. المجهودات التي تُبذل من أجل إنزال الفقر لساحة القصاص الاجتماعية، تستحق أن تخرج للمجتمع والمواطن، حتى يعرف أن هناك من يقدم جهداً خرافياً ويناضل ويجاهد من أجل ألا تدور كلمة فقر على لسان «مواطن»، إنما الإعلان عن القضاء على الفقر المدقع من دون شرح وتفصيل يضع أكثر من علامة تعجب، أو بالأصح استفهام لأسئلة تبدأ دوماً ب «كيف»؟ أعود لضعف الفهم السابق لا «فوضى استيعاب التصريح»، لأؤكد بأنه لو وُجِدَ تعريف دقيق للفقر فئة «أ»، ومن ثم الفقر فئة «ب» لكان من السهل إلى حد كبير، تقبل أو رفض مفردات القضاء والتمكن والسعي والإجراءات والخطط والنجاحات، ولكن لو سئل أحدكم عن الفقر فليجب مبدئياً بأن «الفقر نوعان»، «مدقع ومطلق» من دون أن يخوض في أي شرح قد يصعب المهمة أكثر! [email protected]