تعثرت المحادثات الفنية بين وزراء الري والمياه في مصر والسودان وإثيوبيا، والتي استضافتها القاهرة اليومين الماضيين، بعدما تمسكت السودان وإثيوبيا بإدخال تعديلات على التقرير الاستهلالي الفرنسي حول الآثار المحتملة للسد على دولتي المصب (مصر والسودان)، وهي تعديلات غير معلنة ترى القاهرة أنها «تُفرغ التقرير من مضمونه». ويُنتظر أن ترفع وزارة الري تقريراً عن المفاوضات الفنية إلى القيادة السياسية، لاتخاذ قرار بخصوص مسار مفاوضات «سد النهضة»، علماً أن جهات سياسية وسيادية في الدولة تتولى التعامل مع ملف السد الإثيوبي. وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قال قبل أيام على هامش «منتدى شباب العالم» الذي استضافه منتجع شرم الشيخ السياحي إن مصر تنظر إلى قضية مياه النيل باعتبارها مسألة حياة أو موت، وخطاً أحمر بالنسبة إلى أمنها القومي، مؤكداً أن مصر قادرة على حماية أمنها القومي. وأعلن وزير الري المصري الدكتور محمد عبدالعاطي في بيان رسمي مساء أول من أمس عقب ختام محادثات القاهرة أن اجتماع اللجنة الفنية الثلاثية المعنية بسد النهضة على المستوى الوزاري لم يتوصل إلى اتفاق في شأن اعتماد التقرير الاستهلالي الخاص بالدراسات. وأرجع عبدالعاطي تعثر المباحثات إلى مطالبة السودان وإثيوبيا بإدخال تعديلات على التقرير تتجاوز مراجع الإسناد المتفق عليها، وتعيد تفسير بنود أساسية ومحورية على نحو من شأنه أن يؤثر في نتائج الدراسات ويفرغها من مضمونها. وأوضح أن مصر وافقت مبدئياً على التقرير الذي جاء متسقاً مع مراجع الإسناد الخاصة بالدراسات، التي تم الاتفاق عليها بين الدول الثلاث، معرباً عن «قلق مصر» تجاه التطورات الأخيرة، خصوصاً في ظل «ما بذلته مصر من جهود ومرونة خلال الشهور الماضية لضمان استكمال الدراسات في أقرب وقت بما في ذلك الدعوة منذ أيار (مايو) 2017 لاجتماع على المستوى الوزاري للبت في الأمر». ولفت عبدالعاطي أيضاً إلى إعلان المبادئ الذي أُبرم في الخرطوم في آذار (مارس) 2015 على اعتباره «علامة فارقة» في مسار التعاون المشترك، الأمر الذي «يثير القلق على مستقبل هذا التعاون ومدى قدرة الدول الثلاث على التوصل للتوافق المطلوب في شأن سد النهضة وكيفية درء الأضرار التي يمكن أن تنجم عنه بما يحفظ أمن مصر المائي». ويتضمن إعلان «المبادئ العشر» الذي أُبرم في الخرطوم آذار (مارس) 2015، كأساس يحكم المحادثات بين الدول الثلاث، مبدأ «عدم الإضرار بمصالح أي من الدول الثلاث» وهو مبدأ مهم تستند إليه مصر في محادثاتها. ولا يعد الموقف الإثيوبي مفاجئاً إذ كانت تمسكت به خلال مباحثات في أديس أبابا منتصف الشهر الماضي حول التقرير الاستهلالي أيضاً، لكن القاهرة أملت في حدوث تغيرات في موقف إثيوبيا خلال المحادثات الأخيرة تجاه التقرير، استكمالاً للدراسات حول السد، ووصولاً لتوافق، خصوصاً وأن التقرير الاستهلالي جاء من جهة فنية متخصصة محايدة. وتتمثل نقطة الخلاف الرئيسة بين مصر وإثيوبيا حول الفترة الزمنية لملء سد النهضة، بحيث لا تتأثر حصة مصر من المياه، إذ اقترحت معدل 2 مليار متر مكعب في العام بحيث يستغرق ملء السد 7 سنوات، لكن الجانب الإثيوبي طالب بمعدلات أكبر وسنوات أقل، وجاء التقرير الاستهلالي لمكتبين استشاريين فرنسيين داعماً للموقف المصري.