أكد مسؤولون أكراد أن قوات «الحشد الشعبي» استقدمت تعزيزات إلى جنوب أربيل، وسط مخاوف من اختراق هدنة وقف النار، فيما اضطرت حكومة كردستان إلى تأجيل اجتماع مع القوى المحلية لتوحيد مواقفها قبل الدخول في مفاوضات مع بغداد، بعد إعلان مقاطعة حركة «التغيير» و «الجماعة الإسلامية» الاجتماع. وكانت المفاوضات بين «البيشمركة» ووزارة الدفاع الاتحادية تعثرت، على رغم وساطة أميركية، بعد رفض حكومة الإقليم تسليم المعابر وبلدات في المناطق المتنازع عليها في محافظة نينوى إلى السلطات المركزية. وقال مدير الإعلام في وزارة «البيشمركة» هلكورد حكمت إن «الحشد الشعبي استقدم قوات إضافية إلى بلدة التون كوبري، شمال كركوك (50 كيلومتراً جنوب أربيل)، ونحن نراقب تحركاتها داخل البلدة، وتم رصد أكثر من عشرين عربة همر»، وأضاف أن «قواتنا مستعدة لكل الاحتمالات»، لافتاً إلى أن «الإقليم ما زال ينتظر الرد من بغداد على اقتراحات البيشمركة التي قدمتها في آخر اجتماع بين الطرفين». وأعلن القائد في «البيشمركة» كمال كركوكي أن «الحشد استقدم ليلاً تعزيزات من أطراف كركوك إلى ناحية التون كوبري، ودخلت قواتنا في حالة تأهب». وفي رد على الاتهامات، قال القيادي في «الحشد» كريم النوري إن «حركة الفصائل طبيعية في إطار تبادل القطعات، ولا نية لتجاوز الحدود الإدارية الخاضعة للسلطة الاتحادية، ونحن ملتزمون أوامر القائد العام للقوات المسلحة»، واتهم «القيادات الكردية بمحاولة إثارة الرأي العام المحلي والعالمي بغية خلط الأوراق». واندلعت في ال20 من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي اشتباكات عنيفة بين الطرفين في بلدة التون كوبري، تمكنت خلالها القوات الاتحادية من فرض سيطرتها عليها، في إطار مساعي بغداد لاستعادة المناطق المتنازع عليها والمعابر التي سيطر عليها الأكراد عام 2003. وتشهد محافظة كركوك توتراً وخلافات بين القوى العربية والتركمانية من جهة والكردية من جهة أخرى، حول إدارة ملفها الأمني وتنصيب محافظ كردي جديد خلفاً لمحافظها السابق نجم الدين كريم. وقال رئيس مجلس المحافظة ريبوار طالباني إنه اتصل هاتفياً بمكتب العبادي، وأبلغ إليه «التوتر الحاصل جراء وجود أكثر من قوة أمنية وعسكرية، وخروقات ترتكبها قوات الحشد، وعدم دستورية وجود قيادة العمليات داخل المدينة». ورفضت «الهيئة التنسيقية التركمانية» في بيان أمس، «ما أشيع عن قدوم الفوج الرئاسي إلى كركوك وطوزخورماتو لأنها تعيد الفتنة من جديد إلى هذه المناطق بين الأكراد والتركمان». وأكدت «إمكان الاستعانة بقوات عربية من جنوبالعراق وغربه، وقد أوجد قرار سحب الحشد التركماني إلى خارج الطوز حالة من الطمأنينة والأمن لدى المكونات الأخرى، وقدوم هذه القوات يعيد الحشد ثانية، وذلك سيعقد الأمور، وربما يجعلها أكثر سوءاً». ودعت الهيئة «إلى إطلاق موظفين في شركة نفط الشمال اختطفتهم أطراف كردية في منطقة تحرك البيشمركة والأمن الكردي، ونحذر من أن التصعيد ورد الفعل لن يكونا من مصلحة تلك الأطراف». وأفاد مصدر أمس بأن «قوات أمنية ألقت القبض على أحد المسلحين الذين استهدفوا دورية تابعة لجهاز مكافحة الإرهاب برمّانتين يدويتين في حي الشورجة، وسط كركوك». وجاء ذلك في وقت أكد رئيس كتلة «الاتحاد الوطني الكردستاني» إريز عبدالله أن الحزب «قرر ترشيح محافظ كركوك السابق رزكار علي لتولي المنصب بهدف التغلب على الأزمات، وندعو الكتل العربية والتركمانية إلى التعاون وعقد جلسة لمجلس المحافظة لانتخابه». وأكدت رئيسة كتلة «التغيير» سروة عبدالواحد خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعها مع محافظ كركوك بالوكالة راكان سعيد الجبوري، «ضرورة العودة إلى عقد جلسات مجلس المحافظة وإجراء انتخابات أسوة ببقية المحافظات»، وشدّدت على «رفض خيار حل المجلس». وكان بارزاني دعا في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» رئيس الوزراء حيدر العبادي للعودة إلى «المفاوضات لحل الخلاف، لأن الحرب تعني الدمار فقط»، وزاد: «ساعدناك كثيراً في طرد داعش من الموصل، ولولا البيشمركة لما تمكنت من تحريرها». إلى ذلك، جدّد السفير الأميركي في بغداد دوغلاس سيليمان خلال محادثات أجراها مع رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، دعوته إلى «تسريع إجراء حوار بين حكومتي أربيل وبغداد لإنهاء الأزمة وتحقيق استقرار أمني وسياسي»، على ما أفاد بيان رئاسي، مشيراً إلى أن معصوم «دعا إلى دعم الانتصارات عبر إنهاء الخلافات، لا سيما بين أربيل وبغداد، حفاظاً على المكتسبات الوطنية». في أربيل، أُرجئ اجتماع كان مقرراً بين الحكومة المحلية والكتل النيابية كان مخصصاً للبحث في الخلافات السياسية و «توحيد الموقف»، تمهيداً لإرسال وفد إلى بغداد لإجراء مفاوضات، وجاء التأجيل إثر إعلان كتلة «التغيير» مقاطعة الاجتماعات. وأفادت الكتلة في بيان بأن «هذه الحكومة فشلت في معالجة الأزمات، ولن تتمكن من تجاوز أزماتها الآنية، ويجب تشكيل حكومة موقتة لإدارة المرحلة»، كما أعلنت «الجماعة الإسلامية» موقفاً مماثلاً. ونفت وزارة العدل أمس «ما يشاع عن هروب الوزير سنان الجلبي إلى خارج البلاد، والحقيقية أنه أجرى جراحة نهاية الشهر الماضي في تركيا، وما زال تحت العناية الطبية وبعد تماثله للشفاء سيعود إلى مزاولة مهامه». وكانت وسائل إعلام أفادت بأن «الجلبي غادر الإقليم برفقة وزير الثروات الطبيعية أشتي هورامي».