قلبت العمليات التي تخوضها القوات العراقية في المناطق المتنازع عليها موازين القوى في البلاد، وتمكنت أمس من طرد «البيشمركة» من كل محافظة كركوك، مؤكدة أنها ستتمركز عند الحدود الإدارية لكردستان، ولن تتقدم في اتجاه أربيل. وأعلن في إسرائيل أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بدأ «حشد القوى العالمية لدعم الأكراد ووقف تقهقرهم». ودعا المرجع علي السيستاني المسؤولين في إقليم كردستان إلى توحيد صفوفهم والبدء بالمفاوضات مع الحكومة المركزية «تحت سقف الدستور» (للمزيد). وخاض الجيش العراقي وقوات «الحشد الشعبي» اشتباكات محدودة في منطقة «التون كوبري» ذات الغالبية التركمانية، شمال كركوك وسيطروا عليها، وهي تبعد 40 كيلومتراً جنوب أربيل. وقال قائد العمليات المشتركة الفريق عبد الأمير يارالله أمس، إن قواته «لن تتجاوز حدود المحافظة وستتمركز في المناطق المتنازع عليها». وأكد القيادي في «الحشد الشعبي» كريم النوري ل «الحياة» أن رئيس الوزراء حيدر «العبادي وجه أوامره إلى القطعات العسكرية المنتشرة بعدم التوجه أو تخطي حدود كركوك، ونحن لا نخطط أبداً لتجاوزها». ومع السيطرة على «التون كوبري» تكون القوات العراقية أحكمت سيطرتها على كل المناطق المتنازع عليها في كركوك وديالى، وأجبرت «البيشمركة» على العودة إلى حدود 2003، وما زال بعض المناطق التابعة للحدود الإدارية لمحافظة ديالى تحت سيطرة الأكراد. إلى ذلك، رحب ممثل السيستاني عبد المهدي الكربلائي، خلال خطبة الجمعة أمس بانتشار الجيش والشرطة الاتحادية في محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها، ودعا «الأطراف الكردية إلى توحيد صفوفها»، وقال إن «قدر العراقيين بمختلف مكوناتهم من عرب وأكراد وتركمان وغيرهم، أن يعيشوا بعضهم مع بعض في ربوع هذه الأرض العزيزة وليست أمامهم فرصة لبناء غد أفضل ينعمون فيه بالأمن والاستقرار والرخاء والرفاه إلا مع تضافر جهود الجميع لحل المشكلات المتراكمة عبر السنوات الماضية مبنية على أسس العدل والإنصاف والمساواة بين الجميع». ودعا «القادة والنخب السياسية إلى العمل على تقوية اللحمة الوطنية (...) ولجم مظاهر العنصرية والطائفية، سواء بنشر مقاطع مصورة أو صوتية أو رفع لافتات أو إطلاق شعارات أو حرق صور أو أعلام أو غير ذلك». وطالب «القيادات الكردية الكريمة بتوحيد صفوفها والعمل على تجاوز الأزمة عبر التعاون مع الحكومة الاتحادية وفق الأسس الدستورية»، آملاً بأن «يفضي ذلك إلى حلول عادلة ومقنعة للجميع». وأثارت دعوة السيستاني الأكراد إلى توحيد صفوفهم تساؤلات في الأوساط السياسية، رد عليها مقربون منه وقالوا إن «السيستاني يسعى إلى اتفاق شامل حول العلاقة بين بغداد وأربيل، وهذا لن يتم إذا أبرم مع طرف واحد». من جهة أخرى، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن نتانياهو يعمل على حشد دعم القوى العالمية لمنع تعرض أكراد العراق لمزيد من الانتكاسات. وقد أثار هذه المسألة خلال مكالمة هاتفية مع المستشارة الألمانية أنغيلا مركل الأسبوع الماضي، وفي اتصال آخر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومع فرنسا، كما تطرق إلى الأمر مستشار الأمن القومي مئير بن شبات في حديثه مع مسؤولين في الإدارة الأميركية. وقال وزير الاستخبارات إسرائيل كاتس في تصريح إلى إذاعة تل أبيب أمس: «المهم الآن منع حدوث هجوم على الأكراد وأي أذى يلحق بهم وبحكمهم الذاتي ومنطقتهم»، وأضاف أن «رئيس الوزراء على اتصال مع الولاياتالمتحدة وروسيا وألمانيا وفرنسا لكف الأذى عن الأكراد». وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية أنييس روماتيه - إسباني أمس: «نطلب من الحكومة الاتحادية ضبط النفس واحترام حقوق الأكراد كاملة».