تظاهر آلاف من ذوي العرب المعتقلين في سجون قوات الأمن الكردية في كركوك، للمطالبة بكشف مصير أبنائهم الذين غُيّبوا بعد خضوع المحافظة لسيطرة الأكراد منذ انهيار القوات أمام «داعش» منتصف عام 2014، فيما تتم الآن عمليات تجنيد واسعة وتشكيل ميليشيات لمواجهة «البيشمركة» إذا حاولت العودة إلى مواقعها بالقوة، ما قد يُشعل حرباً أهلية. والمحافظة الغنية بالنفط كانت وما زالت، موضوع جدل سياسي حول هويتها، وهي ميدان لمغامرات كبيرة بدأها النظام العراقي السابق بعمليات تعريب (توطين سكان عرب من خارجها لتغيير ديموغرافيتها) شملت تهجير كثيرين من أكرادها في سبعينات القرن الماضي، وبعد الاحتلال الأميركي أطلق الأكراد عمليات تكريدها وطردوا كثيرين من العرب والتركمان. وخلال سيطرة قوات الحزبين «الديموقراطي الكردستاني» و «الاتحاد الوطني»، تم تجنيد عشرات الآلاف في «الأسايش» و «البيشمركة» (قوات الأمن)، وسيطرا على الوضع. الواقع انقلب تماماً، على ما يقول السكان، بعد 17 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، عندما دخلت القوات الاتحادية و «الحشد الشعبي» كركوك، وجرّدت الحزبين من قوتهما، ما دفع كثيرين من أعضاء الأحزاب الكردية والقوات المرتبطة بها إلى النزوح خوفاً من عمليات انتقام. يقول شهود إن انسحاب قوات «الأسايش» و «البيشمركة» فتح الباب أمام شباب تركمان وعرب لتشكيل فرق مسلحة بمساعدة فصائل «الحشد الشعبي»، مثل «عصائب أهل الحق» و «بدر» و «سرايا السلام» و «النجباء». وتُقدّر مصادر مطلعة عدد التركمان والعرب الذين تطوعوا في تلك الفصائل بنحو 10 آلاف مقاتل، وهو رقم مخيف بالنسبة إلى السكان الذين يؤكدون أن الأكراد بدأوا أيضاً تشكيل ميليشيات لا ترتبط ب «البيشمركة» وينفذون عمليات في كركوك، آخرها كان مواجهة مسلحة قرب حدود المدينة مع السليمانية أسفرت عن جرح عدد من عناصر قوات مكافحة الإرهاب. وعلى رغم أن في كركوك بعض الأحياء التي تُعرف تاريخياً بأنها كردية أو عربية أو تركمانية، إلا أن معظم أحيائها متداخلة. وكانت الحكومة العراقية أعلنت في وقت سابق، انسحاب المجموعات المسلحة المنخرطة في «الحشد الشعبي»، غير أن انسحابها لم يمنعها من فتح مراكز تجنيد داخل المدينة. وعلمت «الحياة» من مصادر سياسية أن وفداً من التركمان (السنة والشيعة) زار تركيا والتقى الرئيس رجب طيب أردوغان، وطلب منه المساعدة في تشكيل قوة مسلحة في تلعفر (غرب الموصل) وكركوك. وقال رئيس إقليم كردستان المتنحّي مسعود بارزاني في مقابلة صحافية أمس، إن «عملية الاستيلاء على كركوك كانت بقيادة إيرانيين وبعلم المسؤولين الأميركيين والبريطانيين، وكانت القوات العراقية تستعد لذلك قبل الاستفتاء». ويعتبر أهالي كركوك أن خطاب بارزاني الذي يتهم ضمناً قوات «الاتحاد الوطني» الكردية ب «خيانة المشروع الكردي»، يشكل عامل قلق في كركوك ومؤشراً إلى صراع كردي– كردي بين قوى الحزبين، وإلى صراع قومي كردي– تركماني– عربي.