أمست منطقة عسير حزينة على فاجعة فقدان نائب أمير منطقة عسير منصور بن مقرن ورفاقه من المسؤولين الكبار في قطاعات المنطقة، أثناء جولته التفقدية لعدد من المشاريع في محافظة محايل عسير وشواطئ عسير. وقال المتحدث الأمني بوزارة الداخلية، في بيان أمس: «إنه في صباح يوم الأحد الموافق 16-2-1439ه قام نائب أمير منطقة عسير، ضمن جولاته التفقدية الدورية، يرافقه مسؤولون في المنطقة، بجولة على متن طائرة مروحية على عدد من المشاريع الساحلية غرب مدينة أبها، وأثناء العودة مساء اليوم نفسه فُقد الاتصال بالطائرة في محيط محمية ريدة، وتوفي معه في الحادثة وكيل إمارة المنطقة سليمان الجريش، وأمين المنطقة صالح القاضي، ومحافظ محايل عسير محمد المتحمي، ومدير شؤون الزراعة بالمنطقة فهد الفرطيش، ورئيس المراسم في الإمارة خالد الحميد، وطاقم الطائرة». وتقع محمية «جرف ريدة» جنوبي غرب المملكة ضمن جبال السروات، وتبعد 20 كيلومتراً شمال غربي مدينة أبها، وتبلغ مساحتها تسعة كيلومترات مربعة تقريباً. وأصدر الديوان الملكي أمس بياناً نعى فيه الأمير منصور بن مقرن بن عبدالعزيز آل سعود نائب أمير منطقة عسير، وقال إنه سيصلى على الفقيد اليوم الثلثاء بعد صلاة العصر في جامع الإمام تركي بن عبدالله بمدينة الرياض. ومنذ تعيين الأمير مقرن بن عبدالعزيز نائباً لأمير منقطة عسير في ال25 من رجب عام 1438 ه، وهو يعمل ليل نهار، إلى جانب أمير منطقة عسير، في متابعة كل المشاريع التنموية والبرامج، ويعمل إلى جانب كل زملائه مسؤولي المنطقة، معتبراً نفسه جزءاً منهم في كل التفاصيل، ويردد دائماً: «أنا ضمن فريق عمل، وبالتالي ضموني إلى مجموعات العمل في واتساب لأطلع على كل ما تحتاجون إليه، ولأعيش معكم تفاصيل الساعة». كان أحد أول المجالس التي ترأسها الأمير الراحل مجلس شباب منطقة عسير، إذ اجتمع بهم في ثالث أسبوع لتوليه المنصب، ليؤكد لهم أنه عضو وليس رئيساً، مطالباً بأهمية تكثيف أعمال البرامج الشبابية والحرص على تعزيز دور شبان وشابات منطقة عسير في كل المناسبات والفعاليات التنموية في المنطقة. ونذر الأمير منصور بن مقرن وقته لمتابعة أعمال كل المحافظات، إذ كان لديه في اليوم التالي، بعد زيارته محايل عسير، اجتماعاً مع محافظي المنطقة لرصد كل متطلبات المحافظات في المنطقة، مشيراً إلى أهمية رفع ملف متكامل إلى أمير منطقة عسير بكل المشاريع التنموية والسياحية، يتضمن تقارير الإنجاز، ووعد بحل كل المشكلات، وفي وقت وجيز بعد الدراسة الكاملة لكل الإجراءات المتبعة وتطويرها وتعزيزها. الأمير منصور بن مقرن، الذي عشق عسير، لم يتأخر في تنفيذ مطالب المواطنين وحاجاتهم، وكان يستمع إلى الصغير قبل الكبير، ويسعى بكل ما لديه إلى حل القضايا الاجتماعية ومتابعتها ودرس حال كل مواطن على حدة، معتبراً نفسه من أهالي المنطقة، يعمل في النهار من مكتبه على إنجاز المعاملات، وفي الليل يتابع هاتفياً مع كل محافظي المنطقة حاجاتهم، إذ شعروا بأنه قريب من الجميع. الأمير منصور بن مقرن من مواليد الرياض عام 1974، يبلغ من العمر 43 عاماً، عُرف عنه الانضباط، الذي يعتبر عاملاً رئيساً في شخصيته، دقيقاً في مواعيده، إذ اكتسب من والده الحلم وضبط النفس والدقة في العمل والانضباط في المواعيد. وعُين في إمارة منطقة المدينةالمنورة، عندما كان والده أميراً لها عام 1999، وكان قربه من والده عاملاً أساسياً في اكتساب الخبرة، إذ خاض تجربة العمل في الإمارة وهو في عمر 25 عاماً، إضافة إلى مرافقته والده عندما كان أميراً لمنطقة حائل، ثم المدينةالمنورة. وكان حاضراً في تحقيق حلم والده بإنشاء جامعة في المدينةالمنورة، ولما يمتلكه من صفات قيادية ناجحة، عُين نائباً لمجلس إدارة مؤسسة «البيان للتعليم الخيرية»، («جامعة الأمير مقرن» حالياً)، وكان له كلمة شهيرة، بعد أن تم وضع استراتيجية التعليم آنذاك، إذ قال: «إن فكرة إطلاق مشروع الكليات في المدينةالمنورة تعتمد، وفق رؤية الأمير مقرن بن عبدالعزيز، أن تكون المدينة مصدراً لطلب العلم، كما كانت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم». أبرز المناصب الأخيرة التي تقلدها، والتي عكست ثقة القيادة به تعيينه مستشاراً لخادم الحرمين الشريفين بمرتبة وزير منذ عام 2015، وصدر أمر ملكي مساء السبت ال25 من رجب 1438 بتعيينه نائباً لأمير منطقة عسير. وأكد محافظ بيشة محمد بن سبرة أن الأمير يتصل به في شكل مستمر، وطالبه قبل وفاته بزيارته في مكتبه لتقديم تقرير عن محافظة بيشة، مشيراً إلى أن الخبر كان فاجعة ومؤثراً في الجميع. من المرافقين الذين توفوا في حادثة تحطم الطائرة، سعود السهلي المرافق الشخصي للأمير منصور، والنقيب عبدالله الشهري، وخالد بن حميد رئيس المراسم بإمارة منطقة عسير ، كما توفي في الحادثة قائد الطائرة النقيب نايف وصل الله الربيعي، وهو من مواليد محافظة الطائف. درس في الطائف، والتحق بالعمل في عدد من القطاعات برتبة ملازم أول ، وشارك الربيعي في حرب السعودية والحوثيين عام 2009 في منطقة جازان، ثم عاد إلى محافظة خميس مشيط، ليشارك مرة أخرى في العمليات العسكرية ضمن القوات المشاركة في جازان، وعاد الربيعي من دورة في الولاياتالمتحدة الأميركية قبل شهر، ليلقى حتفه أثناء تحطم الطائرة في متنزه السحاب بمنطقة السودة التابعة لأبها.