اتخذت الحكومة العراقية حزمة إجراءات جديدة ضد إقليم كردستان، شملت إخضاع شبكات الاتصالات للسلطة الاتحادية، فيما أعلن رئيس البرلمان سليم الجبوري أن هناك بوادر إيجابية لحل الأزمة بين بغداد وأربيل من دون «المساومة على وحدة البلاد». وكان الجبوري أجرى في أربيل أول من أمس، محادثات مع رئيس الإقليم مسعود بارزاني، بعد لقائه نائبي رئيس الجمهورية إياد علاوي وأسامة النجيفي، في إطار وساطة لحل الأزمة المتفاقمة. وأفاد بيان لمكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي، بأن «المجلس الوزاري للأمن الوطني اتخذ اليوم (أمس)، إجراءات جديدة لإعادة السلطة الاتحادية إلى الإقليم والمناطق المتنازع عليها، مع تأكيد أن هذه الإجراءات ليست عقابية أو ضد المواطن الكردي». ولفت إلى أن «المجلس تابع الدعوى التي رفعها الادعاء العام لملاحقة موظفي الدولة في الإقليم، الذين نفذوا إجراءات الاستفتاء المخالفة لقرارات المحكمة الاتحادية وأن هناك قائمة بالأسماء المتهمة تم إعدادها واتخاذ الإجراءات القانونية بحق أصحابها، كما تمّت متابعة الإجراءات المتخذة من فريق استرداد الأموال العراقية، بمتابعة حسابات إقليم كردستان وحسابات المسؤولين فيه، ممن تودع أموال تصدير النفط في حساباتهم، وعرض تقرير اللجنة المكلفة هذا الملف الذي تضمن العديد من القرارات التي ستسهم في استرداد الأموال العراقية وملاحقة الفاسدين». وأشار إلى «اتخاذ قرار بأن تكون شبكات الاتصالات للهواتف النقالة بإشراف السلطة الاتحادية ونقلها إلى بغداد، وكذلك متابعة طلب الحكومة الاتحادية من إيران وتركيا التعامل معها حصراً في ما يتعلق بالمنافذ الحدودية بين الدولتين والإقليم، إلى حين تسلم إدارتها، وإيقاف كل التعاملات التجارية، خصوصاً التي تتعلق بتصدير النفط وبيعه». ودعت اللجنة المالية النيابية هيئة الإعلام والاتصالات إلى «تطبيق قرار مجلس النواب بتحصيل المستحقات المالية المترتبة بذمة شركة كورك (الكردية) خلال مدة أقصاها 10 أيام، وبخلافه يتم إيقاف التردّد الطيفي للشركة»، وتابعت أن «القرار واجب التنفيذ من تاريخ 3 تشرين الأول الجاري ويجب تنفيذه على نحو عاجل». وكانت بغداد اتخذت أولى إجراءاتها بحظر الطيران المدني الدولي من الإقليم وإليه، باستثناء الرحلات الداخلية، وأعلنت أنها في صدد فرض سلطتها على المعابر الحدودية بالتفاهم مع أنقرة وطهران، وأرفقت ذلك بقرار إقالة محافظ كركوك نجم الدين كريم وإخضاع المناطق المتنازع عليها للسلطة الاتحادية. من جهة أخرى، أكد رئيس البرلمان سليم الجبوري في كلمة خلال جلسة البرلمان، «أهمية الحراك لحل الأزمة في وقت تمر البلاد بمنعطف خطير، قبل أن تتعقد الأمور»، وأوضح أن زيارته أربيل «واحدة من المحطات المهمة والجوهرية التي كشفت لنا فرصاً مهمة للحل، على الأقل في البُعد المتعلق بالنيات والاستعداد للتفاهم، في إطار مقبول ابتداء، كي نهيئ الأرضيّة المناسبة لإطلاق الحوار الواسع والمفتوح بدلاً من سياسة الجُدُر والحواجز الصلبة التي قد تدفع أحد الطرفين، أو كليهما، للذهاب إلى خيارات صعبة». وأضاف: «قلناها للجميع في بغداد وأربيل، إن لا مناص من العودة إلى الدستور في وجهة الآليات التي ستفضي إلى الحل النهائي لأزمتنا المتفاقمة، والتي تحركت باتجاه جعل الأرض العراقية ساحة ممكنة للتدخل الخارجي». وتابع: «من غير الممكن أن نتحدث عن كل شيء ما دمنا في مرحلة إنضاج الحل، فهنا في بغداد كانت لنا جولة مهمة من الحوار مهدّت للقاء أربيل، وسنكشف لكم بعض النتائج الإيجابية بكل التفاصيل، لكني أريدكم أن تطمئنوا إلى أن لا مساومة مطلقاً على وحدة العراق مهما حدث». وزاد أن «الخلاف ليس بين حكومتين في بغداد وأربيل، بل هو خلاف يهدد وجود دولة فهناك منهجان في الشجاعة، إما شجاعة التصعيد والصراع أو شجاعة السلام والحوار». وكان نواب طالبوا بمساءلة الجبوري وتقديم إيضاح لزيارته أربيل «من دون علم الحكومة والبرلمان». وحذر رئيس كتلة «الجماعة الإسلامية» أحمد حاجي خلال مؤتمر صحافي عقدته الكتل الكردية، من أن «خطاب التصعيد ورفض الحوار والعقوبات الجماعية تهدد السلم الاجتماعي ولن تؤدي إلا إلى مزيد من الأزمات والكراهية وستأتي بنتائج عكسية». وأضاف أن «الإجراءات المتخذة ضد الإقليم سياسية أحادية الجانب وتمت في غياب ممثليه وهي تؤثر في شكل مباشر في مواطنيه وتدخل في خانة العقوبات الجماعية، لذا ندعو إلى إلغائها». واستنكر «رفع علم إسرائيل في بعض المناسبات من قبل نفر معين لا يمثلنا، ونرفض أي محاولة لتشويه سمعة الشعب الكردستاني، ونرى في الكيان الصهيوني الغاصب الذي يحتل ثالث الحرمين وأولى القبلتين، عدواً لنا». ودعا حكومة كردستان إلى «الإسراع في انتخاب رئيس جديد للإقليم ودورة برلمانية جديدة تؤسس لحكومة تعالج الأزمات التي تسببت بها الإدارة الحالية من استقطاع الرواتب وتعطيل الحياة الاجتماعية والسياسية، وفتح قنوات حوار مع الحكومة الاتحادية بما يصب في مصلحة الصالح العام». من جهتها، قالت النائب عن كتلة «الاتحاد الوطني» آلا طالباني، إن «ما حدث من عدم توشيح نعش رئيس جمهورية العراق السابق جلال طالباني بالعلم العراقي كان خطأ. أؤكد لكم بأن الأمر لم يكن مقصوداً». في السليمانية، نفى الناطق باسم «الاتحاد الوطني» سعدي بيره خلال مؤتمر صحافي، أن يكون حزبه طالب بتأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في الإقليم مطلع الشهر المقبل، وقال إن «أي طرف سياسي لم يتقدم بهكذا طلب»، وأشار إلى أن «الجهود ما زالت مستمرة لحل الأزمة بين أربيل وبغداد». وتأتي تصريحات بيره في ظل شكوك في عدم رغبة القوى الكردية الرئيسية في خوض الانتخابات، وعدم تقديم المرشحين للرئاسة، باستثناء حركة «التغيير» بعد انقضاء المهلة المحددة للتسجيل.