توزعت المواقف والاتصالات في شأن الاستحقاق الرئاسي اللبناني أمس بين باريس التي شهدت لقاءات تمتد الى اليوم، ومنطقة الشوف التي احتضنت تظاهرة سياسية شعبية لمصلحة الكتلة الوسطية ومهرجاناً وداعياً للرئيس ميشال سليمان قبل 6 أيام من انتهاء ولايته، أكد فيه مواقفه السابقة بضرورة الانسحاب من ساحات الجوار، داعياً الرئيس الجديد الى «التعاون مع المقاومة والسيد حسن نصرالله ضمن استراتيجية دفاعية تحصن الجميع»، وصولاً الى السرايا الحكومية، حيث قال رئيس الحكومة تمام سلام في حديث الى «الحياة» إنه لم يصل الى حد الخيبة من أن يمهد التفاهم الذي حصل على تأليف حكومته لانتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل 25 أيار الجاري. (للمزيد) وعلمت «الحياة» ان زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري انتقل الى العاصمة الفرنسية حيث التقى مساء أمس مرشح قوى 14 آذار للرئاسة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وتردد أن الأخير التقى أول من أمس وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، الموجود في العاصمة الفرنسية. كما تردد أن رئيس كتلة «المستقبل» رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة الموجود في باريس التقى أيضاً الأمير سعود الفيصل، الذي يتوقع أن يلتقي اليوم رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط، وكان الأخير التقى قبل يومين السنيورة ومدير مكتب الرئيس الحريري، نادر الحريري في بيروت. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» إن الاتصالات واللقاءات بعيداً من الأضواء تكثفت في بيروت أيضاً بين العديد من الزعامات تمهيداً للجلسة النيابية المقررة في 22 الجاري لانتخاب الرئيس في ظل ما نقل عن رئيس البرلمان نبيه بري من أنه سيدعو الى جلستين لانتخاب الرئيس إذا لم ينتج من جلسة الخميس المقبل جديد، في 23 و24 الجاري (أي آخر يوم من المهلة الدستورية قبل مغادرة سليمان القصر). وأوضحت المصادر المطلعة ل «الحياة» ان المخاوف من الشغور الرئاسي واستمرار الجمود كانت وراء كثافة الاتصالات واللقاءات، اضافة الى الضغوط التي تمارس على الطبقة السياسية لتجنب الفراغ. وقال سلام الذي يزور المملكة العربية السعودية للقاء كبار المسؤولين فيها غداً، حيث سيلتقي الحريري أيضاً، إنه إذا بذلت قيادات قوى 14 و8 آذار ما يحتاجه الأمر يجب ألا يكون هناك أي عائق أمام انتخاب رئيس جديد قبل 25 أيار. وإذ كرر سلام القول إنه يفترض ألا يحصل فراغ إذا لم ينتخب رئيس، بتطبيق المادة 62 من الدستور وتسلم الحكومة صلاحيات الرئاسة، نبه مما سماه «الكأس المرة» ومن أنه «قد يذهب ممثلو الطائفة المارونية الى تحويل الشغور الى فراغ (برفضهم اتخاذ الحكومة قرارات في ظل الفراغ الرئاسي) في إطار المزايدات المارونية. وهذا سينعكس سلباً على المناخ العام وعلى السلطة التشريعية أيضاً». وأضاف رداً على سؤال: «عندما تستحق هذه الحال سنقرر كيفية التعاطي معها... ولكل ظرف قرار ولا يمكن أن أستبق هذا الوضع الذي لا أتمناه». وإذ نفى سلام التهم الى حكومته بأنها لا تهتم بالإدلاء برأيها في شأن سلسلة الرتب والرواتب وقانون الإيجارات في البرلمان، أكد ثبات الخطة الأمنية لطرابلس والبقاع وبيروت. وقال سلام ل «الحياة» إنه سيطرح من خلال الملف الذي يحمله وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس في السعودية، موضوع النازحين السوريين للحصول على دعم منها، وقال انه سيستأنف لاحقاً جولته ليزور دول الخليج. وأوضح رداً على سؤال حول نسف إعلان بعبدا بعد انتهاء ولاية سليمان وعن ان الخطة الأمنية في البقاع أتاحت ل «حزب الله» مواصلة تدخله في سورية، أن «وضع «حزب الله غير مريح». ونفى سلام حصول تأخير في تنفيذ الهبة السعودية، وقال إن «الاتفاق على أنواع الأسلحة للجيش قطع مراحل بعيدة ولا عوائق أمامه». مؤكداً أن الهبة السعودية للجيش بقيمة 3 بلايين دولار غير مسبوقة. وقال: «واجب شكر المملكة على ما قدمته للبنان أمر لا يتقدم عليه شيء». وعن تأثير الحوار السعودي الإيراني على لبنان قال سلام: «ليس بالضرورة ان يكون للتقارب الإيراني - السعودي مفاعيل في ما يتعلق بتفاصيل أمورنا اللبنانية، لكن من الطبيعي إذا حصل تعاون جديد أن تتم الاستفادة منه بأشكال مختلفة». وكان يوم الشوف الطويل، لمناسبة اقفال آخر الملفات العالقة من الحرب اللبنانية لمهجري بلدة بريح، تحول الى مشهد سياسي لافت بحضور سليمان والبطريرك الماروني بشارة الراعي وجنبلاط وممثلي الأحزاب المسيحية المختلفة، سواء من «التيار الوطني الحر» بزعامة العماد ميشال عون أو من قوى 14 آذار، وأطلق خلاله سليمان 3 خطابات فدعا الى «الابتعاد عن صراعات المحاور الخارجية والإقلاع عن وهم الاستعانة بالخارج لاستعادة دور أو تحقيق غلبة في الداخل». وشدد رئيس الجمهورية على أن الدولة الواحدة بجيشها الواحد، الذي يمسك وحده بالسلاح وعناصر القدرة من ضمن استراتيجية دفاعية، هي القادرة على الدفاع عن الوطن وكسر الحواجز والمنعزلات الطائفية... وأكد أهمية ما أقرته هيئة الحوار الوطني في اجتماعها الأخير لجهة الحفاظ على المناصفة واستكمال تطبيق اتفاق الطائف، وتحدث مطولاً عن التعاون بينه وبين جنبلاط قبل رئاسته وأثناءها، قائلاً عنه: «كان خير شريك لي... ولن نسمح لأحد أن يستبيح أو يسطح الثوابت التي نطقنا بها». ودعا لاستغلال الأيام المتبقية لانتخاب رئيس جديد. وكان جنبلاط قال عن سليمان: «لولا حكمتكم وشجاعتكم وصبركم كادت السفينة تغرق مرات ومرات». وإذ كرر التأكيد على اعلان بعبدا قال: «خيار الوسطية والاعتدال الذي اخترناه سوية يثبت يوماً بعد يوم صوابيته في مواجهة دوامة تناحر الأضداد...». أما البطريرك الراعي فقال: «ننتظر برجاء من المجلس النيابي انتخاب رئيس قبل 25 أيار». وإذ شكر جنبلاط على التسهيلات لمصالحة بلدة بريح الشوفية، دعا الى «المصالحة السياسية بين فريقي 8 و14 آذار» وأكد «اننا بحاجة الى رئيس يتميز بالتجرد يستكمل عمل المصالحة وتقريب وجهات النظر». وتابع: «نحن بحاجة الى رئيس يواصل خطكم ويبدأ من حيث وصلتم بالبلاد».