(الى أمي) ها أنذا اليوم، أخاف من المستقبل، مستقبلي العقيم، لم أعد أتذكر ملامح النوم، استهلكتني الهاوية العرجاء، ما عدت أمشي باستقامة منذ زمن بعيد، تمنيت رحلةً تأخذني إلى السماء. ما زالت نفسي تتدحرج من أعلى التل، بانحدار موسمي مالح، أصبح الآن هواء الغرفة يخنقني، اقتربت من النافذة المحطمة، نظرت إلى الأسفل، هل أغمض عينيّ؟ لا حاجة لذلك، فأنا مذ ولدت في هبوط مستمر، لن أستطيع أن أصعد أدراجي دفعةً واحدة، ما فائدة الحياة إن كانت كأرض قاحلة في صحراء مجدبة؟ ما فائدة الحياة وقد بدأت أشعر بجفاف جلدي؟ وبعد أن تأكدت من أن المسافة كافية، أغمضت عينيّ، ثم تلوت صلاتي الأخيرة، لا أدري كم طالت تلك الصلاة، ولا أدري كم غبت عني، لم أطلب الغفران، ولم أتمن أي شيء، لكن... لو عرضت عليّ أمنية في هذه اللحظة، لتمنيت إعفاءً من الزهايمر الخوف، قبل أن يشتد العرق. شعرت بالهواء البارد يلفح وجهي، ارتفع صوت نبضي الى درجة خيّل إليّ أنه سيوقظ أهل البيت جميعاً، وفجأةً... سمعت صوتاً اخترق بحنانه أفكاري القاتمة، وشق ظلمتي، كانت أمي تناديني. أفقت من سباتي العميق، وطردت تلك الأفكار المجنونة، وقررت أن أدفن أضلاعي في ثوب أمي العتيق.