طالب وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الدول الكبرى بالكف عن التدخل في شؤون الدول، معرباً عن أسفه حيال التحولات التي طاولت السياسة الدولية خصوصاً التخلي عن التوازن الذي كان يحكم العلاقات بين الدول، وتمسك دول كبرى بأن سياستها الخارجية مبنية على مصالحها الوطنية فحسب. وأعلن الأمير سعود الفيصل أمس (الثلثاء) استعداد بلاده للتفاوض مع إيران في شأن عدد من القضايا الإقليمية. وكشف أن السعودية وجهت دعوة إلى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لزيارة المملكة. لكنه قال إن الوزير الإيراني لم يرد على الدعوة بعد. (للمزيد) ولم يحدد وزير الخارجية السعودي موعد إصدار الدعوة لنظيره الإيراني الذي زار معظم عواصم دول الخليج بعد توقيع الاتفاق النووي بين طهران والقوى الغربية الكبرى في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، بيد أنه لم يزر الرياض منذ توليه منصبه في آب (أغسطس) 2013. وأعرب الأمير سعود الفيصل عن أمله بأن تسهم إيران في استقرار المنطقة وألا تكون جزءاً من المشكلة. وأكد رغبة الرياض في استقبال ُظريف في أي وقت يحدده الأخير لمجيئه للسعودية. وقال وزير الخارجية السعودي - بعد افتتاحه أعمال الدورة الأولى لمنتدى الاقتصاد والتعاون العربي مع دول آسيا الوسطى وجمهورية أذربيجان في الرياض أمس، بحضور عدد من وزراء الخارجية والمال والاقتصاد العرب، والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي: «قمنا بإرسال دعوة إلى وزير خارجية إيران لزيارة المملكة، لكن هذه الزيارة لم تتحقق ولم يزر الوزير الإيرانيالرياض». ورداً على سؤال عن قدرة الدول العربية على التوجه ضمن مجموعة واحدة لتشكيل تكتلات دولية على رغم الخلافات الاقتصادية والسياسية، قال سعود الفيصل: «العمل المناط بالجامعة العربية كبير جداً، ولهذا هي تعمل على تعديل نهجها لتوحيد الصف العربي. نواجه اليوم الأزمة السورية وهي تدخل عامها الرابع كأكبر كارثة إنسانية في التاريخ المعاصر، وهناك قضايا غير الأزمة السورية تحتاج منا إلى توحيد الجهد والصف العربي للعمل على إنهائها». وأوضح أن «الجامعة العربية تعمل في الوقت الراهن على مراجعة كل قواعد العمل العربي المشترك، وترغب في الظهور بتصور واقعي وفعّال لجمع الصف العربي باستراتيجية محددة». وأشار إلى أن المؤسسات التابعة للجامعة تعمل على دراسات تطويرية لإعادة هيكلتها وتفعيل أدوارها لتكون حامية للصف العربي. وقال: «إن المشكلات العربية لولا سعي الجامعة ودول المنطقة لحلها لاستمرت في بعض الدول عشرات الأعوام من دون حلول». وأشار الأمير سعود الفيصل إلى التحولات التي طرأت على السياسة الدولية، وقال: «إن من يمعن النظر في طبيعة السياسة الدولية في عصرنا الحالي فإن أول ما يبصره للأسف هو تحول السياسة الدولية عن التوازن الذي كان يحكم علاقات الدول في إطار منظمات دولية فاعلة، ودول كبرى كانت على الأقل تعمل وفق مبادئ المنظومة الدولية، وكانت هناك محاولات للتصدي للأزمات الدولية على أساس السعي إلى خلق مصالح مشتركة، يرى فيها الجميع مصلحة له، ولم نكن نسمع من الدول الكبرى مقولة إن سياساتها الخارجية مبنية على المصالح الوطنية فقط، وإنما كان ينظر إلى تنمية المصالح المشتركة بينها وبين الدول الأقل حجماً، فتغير الوضع من الحرص على سيادة الدول واستقلالها والحرص على أمنها إلى نهج يؤكد أن إصلاح الأوضاع الدولية يكمن في تغيير الأوضاع في هذه الدول من الداخل». وأضاف: «أصبحت المطالبات بتغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية الداخلية من الدول المتقدمة على اعتبار أنهم يمثلون القيم الإنسانية مما يسمح لهم بهذا التدخل، وأصبحت الأزمات عندما تظهر إلى الوجود مجالاً للتسابق على التدخل في الشؤون الداخلية، وما يؤدي إليه من تفكك في المجتمعات، وهو من أهم أسباب ظاهرة الإرهاب التي تعود بالضرر على الجميع، ما يتطلب تعاون الجميع للتصدي له والكف في الوقت ذاته عن التدخل في شؤون الدول الداخلية».