أكد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أن بلاده وجّهت دعوة إلى وزير الخارجية الإيراني لزيارة الرياض للبحث في العلاقات بين البلدين، مشيراً إلى استعداد السعودية للتفاوض مع إيران مجدداً حول عدد من القضايا الإقليمية المشتركة. جاء ذلك خلال افتتاح الفيصل أعمال الدورة الأولى لمنتدى الاقتصاد والتعاون العربي مع دول آسيا الوسطى وجمهورية أذربيجان في الرياض أمس، بحضور عدد من وزراء الخارجية والمال والاقتصاد العرب، والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، وقال وزير الخارجية السعودي: «قمنا بإرسال دعوة إلى وزير خارجية إيران لزيارة المملكة، لكن هذه الزيارة لم تتحقق ولم يزر الوزير الإيرانيالرياض»، معرباً عن أمله بأن تسهم إيران في استقرار المنطقة، ولا تكون جزءاً من المشكلة. وفي وقت ثمّن فيه الأمين العام لجامعة الدول العربية مواقف دول آسيا الوسطى وأذربيجان الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، دعا إلى ضرورة دعم المساعي الدولية المبذولة لاستئناف محادثات جينيف لأجل السلام في سورية. وطالب طرفي الصراع في سورية بإبداء المرونة، مشدداً على أن الحل الوحيد في سورية سيكون من خلال عملية سياسية شاملة. وفي سؤال عن قدرة الدول العربية على التوجه ضمن مجموعة واحدة لتشكيل تكتلات دولية على رغم الخلافات الاقتصادية والسياسية، قال الفيصل: «العمل المناط بالجامعة العربية كبير جداً، ولهذا هي تعمل على تعديل نهجها لتوحيد الصف العربي. نواجه اليوم الأزمة السورية وهي تدخل عامها الرابع كأكبر كارثة إنسانية في التاريخ المعاصر، وهناك قضايا غير الأزمة السورية تحتاج منا إلى توحيد الجهد والصف العربي للعمل على إنهائها». وأوضح الفيصل أن «الجامعة العربية تعمل في الوقت الراهن على مراجعة كل قواعد العمل العربي المشترك، وترغب في الظهور بتصور واقعي وفعّال لجمع الصف العربي باستراتيجية محددة، كاشفاً أن المؤسسات التابعة للجامعة تعمل على دراسات تطويرية لإعادة هيكلتها وتفعيل أدوارها لتكون حامية للصف العربي، مؤكداً أن المشكلات العربية لولا سعي الجامعة ودول المنطقة لحلها لاستمرت في بعض الدول عشرات الأعوام من دون حلول». وأشار سعود الفيصل إلى التحولات التي طرأت على السياسة الدولية، وقال: «إن من يمعن النظر في طبيعة السياسة الدولية في عصرنا الحالي فإن أول ما يبصره للأسف هو تحول السياسة الدولية عن التوازن الذي كان يحكم علاقات الدول في إطار منظمات دولية فاعلة، ودول كبرى كانت على الأقل تعمل وفق مبادئ المنظومة الدولية، وكانت هناك محاولات للتصدي للأزمات الدولية على أساس السعي لخلق مصالح مشتركة يرى فيها الجميع مصلحة له، ولم نكن نسمع من الدول الكبرى مقولة إن سياساتها الخارجية مبنية على المصالح الوطنية فقط، وإنما كان ينظر إلى تنمية المصالح المشتركة بينها وبين الدول الأقل حجماً، فتغير الوضع من الحرص على سيادة الدول واستقلالها والحرص على أمنها إلى نهج يؤكد أن إصلاح الأوضاع الدولية يكمن في تغيير الأوضاع في هذه الدول من الداخل». (راجع ص18) وأضاف: «أصبحت المطالبات بتغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية الداخلية من الدول المتقدمة على اعتبار أنهم يمثلون القيم الإنسانية مما يسمح لهم بهذا التدخل، وأصبحت الأزمات عندما تظهر إلى الوجود مجالاً للتسابق على التدخل في الشؤون الداخلية، وما يؤدي إليه من تفكك في المجتمعات، وهو من أهم أسباب ظاهرة الإرهاب التي تعود بالضرر على الجميع، ما يتطلب تعاون الجميع للتصدي له والكف في الوقت ذاته عن التدخل في شؤون الدول الداخلية». وأضاف وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل رئيس الدورة الأولى لمنتدى الاقتصاد والتعاون العربي مع دول آسيا الوسطى وأذربيجان، أكد خلال كلمة افتتح بها أعمال المنتدى، أن حكومة المملكة تسعى حثيثاً لاستكمال إبرام اتفاقات لحماية وتشجيع الاستثمارات، إذ جرى التوقيع على اتفاقين مع أوزبكستان وأذربيجان، ويجري التباحث حول أربع اتفاقات أخرى بما في ذلك استكمال التفاوض لمجموعة من اتفاقات تلافي الازدواج الضريبي. واعتبر أن هذه الاتفاقات ستسهم في دفع العلاقات إلى آفاق الاستثمار والتبادل التجاري والتي تشكل عنواناً للمنتدى، موضحاً أن هذه الدورة تكتسب أهميتها من واقع كونها الدورة الأولى التي تعقد بين الطرفين، وتهدف إلى تطوير العلاقات الاقتصادية والثقافية بينهما «للمساهمة في تحقيق التنمية والرفاه بين بلداننا وخدمة المصالح المشتركة لشعوبنا». وفي وقت جدد فيه المجتمعون ترحيبهم بالقرار التاريخي الذي اعتمدته الجمعية العامة في شأن الاعتراف بدولة فلسطين كمراقب، أعربوا عن قلقهم من تدهور الأوضاع في سورية، وتأييدهم للحل السياسي التفاوضي وفقاً لما نص عليه بيان «جينيف 1» لتجنيب سورية مخاطر الانزلاق نحو سيناريوهات الفوضى والحرب الأهلية، كما دعوا إلى التوصل لحل سلمي لقضية الجزر الثلاث بين الإماراتوإيران، وإلى ضرورة تسوية النزاع بين أرمينياوأذربيجان حول إقليم ناجورنو كاراباخ بالطرق السلمية، على أساس مبدأ سيادة الأراضي وسلامتها وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.