انتقد وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل تدخل الدول المتقدمة ومطالباتها بتغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية الداخلية للدول الأخرى على اعتبار أن الدول المتقدمة هي من تمثل القيم الانسانية، مما يسمح لها بهذا التدخل الذي أصبح مجالاً للتسابق للتدخل في الشؤون الداخلية، وهو أمر يؤدي إلى تفكك في المجتمعات ومن ثم نشوء ظاهرة الإرهاب التي تعود بالضرر على الجميع، مما يتطلب التصدي والكف في ذات الوقت عن التدخل في شؤون الدول الداخلية. وقال الفيصل في كلمة افتتح بها المنتدى الاقتصادي العربي مع دول آسيا الوسطى وجمهورية أذربيجان صباح أمس، إن السياسة الدولية تشهد تحولاً عن التوازن الذي كان يحكم علاقات الدول في إطار منظمات دولية فاعلة ودول كبرى كانت على الأقل تعمل وفق مبادئ المنظومة الدولية. وأضاف سموه أن محاولات كانت تتم للتصدي للأزمات الدولية على أساس السعي لخلق مصالح مشتركة يرى فيها الجميع مصلحة له، وأننا خلال هذا الوقت لم نكن نسمع من الدول الكبرى مقولة ان سياستها الخارجية مبنية على المصالح الوطنية فقط، وإنما كان ينظر لتنمية المصالح المشتركة بينها وبين الدول الأقل حجماً، الأمر الذي أدى لتغير الوضع من الحرص على سيادة الدول واستقلالها والحرص على أمنها إلى نهج يؤكد أن إصلاح الأوضاع الدولية يكمن في تغيير الأوضاع في هذه الدول من الداخل. وأشار الأمير سعود الفيصل أن الاجتماع يأتي في سياق ما تشهده العلاقات العربية من نشاط وتطور ملموس مع الدول والمجموعات الإقليمية على امتداد عالمنا وذلك بهدف تعزيز وتطوير العلاقات بما في ذلك علاقات العالم العربي مع جمهوريات آسيا الوسطى وأذربيجان، التي تتمتع بموارد طبيعية وبشرية وثروات معدنية وموقع جغرافي واستراتيجي متميز يوفر لها فرصاً استثمارية واعدة بما في ذلك الدخول في مشاريع متكاملة وإرساء دعائم راسخة من التعاون المثمر. واستعرض الأمير سعود الفيصل العلاقات التاريخية التي ربطت الدول العربية بجمهوريات آسيا الوسطى ودور طريق الحرير في التواصل والتلاقي الثقافي والحضاري، وما نتج عنها من ازدهار ونمو للحضارة الإنسانية أنتجت علماء في كل المجالات الإنسانية والعلمية. وأوضح سمو وزير الخارجية أن الهدف الذي يتعين على هذا الاجتماع التركيز عليه هو تفعيل كل السبل المتاحة، لإعادة الحيوية إلى علاقاتنا، وبعث الحياة إلى قنوات الاتصال وتنشيط آليات التعاون المنبثقة عن روابطنا التاريخية المشتركة والتأسيس لعلاقات مستقبلية مزدهرة. ودعا الفيصل إلى رسم خارطة طريق تضمن نمواً مضطرداً لتعزيز التواصل والتقارب الثقافي بين الدول المجتمعة، عن طريق إقامة المعارض والملتقيات الثقافية المشتركة، وتكثيف التعاون بين الجامعات ومراكز الابحاث وإتاحة الفرصة للطلبة والشباب للتعارف وتبادل الرؤى والافكار، وإيقاظ حسهم المشترك لما يربط ثقافات هذه الدول من إرث تاريخي ومصالح مشتركة وحثهم على تلمس آفاق المستقبل. وأشار وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل إن المملكة قد أبرمت اتفاقيات إطارية للتعاون الثنائي في المجالات الثقافية والتعليمية مع دول المنتدى، وهو أمر أدى إلى تشكيل لجان ومجالس مشتركة لرجال الأعمال تجتمع بشكل دوري. لافتاً إلى أن المملكة تعمل في الوقت الحالي لاستكمال إبرام اتفاقيات لحماية وتشجيع الاستثمارات، حيث جرى التوقيع على اثنتين منها مع جمهوريتي أوزبكستان وأذربيجان، وأن مباحثات تجري في الوقت الحالي على أربع اتفاقيات أخرى بما في ذلك استكمال التفاوض مع جمهوريتي طاجيكستان وأذربيجان، إضافة إلى إبرام اتفاقيات تتعلق بالطيران المدني مع طاجيكستان وأذربيجان وأوزبكستان والإعداد لتوقيع ذات الاتفاقيات مع تركمانستان فور استكمال الإجراءات الخاصة بذلك. وأشاد الفيصل بتوقيع جامعة الدول العربية ودول آسيا الوسطى وجمهورية أذربيجان باعتبار أن هذه المذكرة تشكل لبنة أساسية للتعاون بين الطرفين، مؤكداً أن مثل هذه الاتفاقيات ستسهم في دفع العلاقات البينية في مجال الاستثمار والتبادل التجاري، لافتاً إلى أن ضمان استمرارية الجهود لبلوغ الغايات تأتي مع أهمية دور اللجنة المكلفة بمتابعة تنفيذ ما يتوصل إليه اجتماعنا من رؤى وتوصيات والشروع في برمجة مراحل التنفيذ ومتطلباتها.