لطالما كانت الإبل بمثابة الخلّان لدى فئة كبيرة من السعوديين على مر العصور، وجاء صدور الأمر الملكي بإنشاء نادٍ للإبل بمثابة منح الملاك فرصة للتحليق إلى آفاق جديدة. وتبلغ أعداد رؤوس الإبل في السعودية نحو 422 ألف، ما قفز بالسعودية إلى المرتبة الرابعة بين الدول العربية من حيث عدد الإبل فيما يتمتع الراعي والإبل بعلاقة خاصة، إذ يعدها المهتمون برعايتها خير معين ورفيق في الظروف القاسية والصعبة، وهو ما يتجسد في قصائد شعرية كثيرة تحويها الذاكرة المحلية غزلاً في الإبل. وتتعدد أنواع الإبل وألوانها، إذ يطلق السعوديون على التي تتلون باللون الأسود اسم «المجاهيم»، وهي تنتشر في بادية نجد والجنوب الشرقي للجزيرة العربية، وهي كبيرة الحجم، قليلة الوبر، وتمتاز بالإنتاج العالي من الحليب، وتتحمل ظروف البيئة القاسية، أما «المغاتير»، وهي التي يطغى عليها اللون الأبيض، فهي تتميز بذيلها القصير ومورنتها في الاستجابة للراعي، ومنها «الصفر» و«الشعل» و«الوضح» و«الملح» أيضاً. وهناك «الوراك»، وهي إبل الحجاز وتهامة وعسير، صغيرة الحجم وإدرارها من اللبن منخفض، وألوانها بين الأبيض والأحمر، و«الخوار»، التي تتمتع بإنتاج عالٍ من الحليب، ويميل لونها إلى الرمادي الداكن أو الأحمر، وكذلك «إبل الجودية» كبيرة الحجم وغزيرة الوبر، مقاومة للأمراض، وتمتاز باللون الأحمر والبني. واعتبر المستشار بالديوان الملكي الأمين العام المكلف لدارة الملك عبدالعزيز الدكتور فهد السماري صدور الأمر السامي بإنشاء نادي الإبل تعبيراً عن اهتمام الدولة بتراث البلاد وثقافتها، ولما تمثله الإبل من أهمية في تاريخنا، مؤكداً أن إنشاء نادي الإبل وتشكيل مجلس إدارته حافز لبذل جهودهم لتحقيق تطلعات القيادة لخدمة هذا الجانب المهم، والارتقاء بجميع ما يتعلق بالإبل إلى المكانة التي تليق بالمملكة ومواطنيها وتراثها وعمقها الحضاري. بدوره، أكد أحد كبار ملاك الإبل في الرياض هزاع أبا الروس في حديث ل«الحياة» أن النادي الذي صدر الأمر الملكي بتأسيسه سيجمع ملاك الإبل تحت مظلة واحد، وقال: «إن فكرة النادي رائعة وخطوة موفقة»، مشيراً إلى أن المسابقات ستتوحد تحت مظلة النادي، رافضاً تطفل الدخلاء في تشويه هواية الاهتمام والرعاية بسلالات الإبل النادرة». من جهته، أكد المدير لعام للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالعاصمة المقدسة الدكتور فيصل الشريف أن كل مواطن يسعد بما تشهده بلادنا بين الفينة والأخرى من قرارات ملكية تهدف إلى تحقيق نقلات نوعية في كل المجالات، ما يجعل المملكة بلاداً دائمة التفوق والرقي الحضاري والإنساني، وقال: «إنشاء ناديي الإبل والصقور تأصيل واهتمام بالبعد الإنساني والحضاري والموروث الشعبي لواحدة من أهم دول العالم عراقة وحضارة، فالمملكة بلاد عريقة وتزخر بإرث حضاري ضخم هو محط أنظار العام». وتابع: «قرار تأسيس الهيئة الملكية في مدينة العلا وكذلك بوابة الدرعية لما لهذين الصرحين من أهمية تراثية وتاريخية وسياحية بمفهوم عالمي». من جانبه، أشاد مدير جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عبدالرحمن اليوبي بالأوامر الملكية الكريمة، مبيناً أنها تثبت الاهتمام بتطوير الأجهزة الأمنية وتنمية الجوانب الاقتصادية والتراثية في البلاد، لتواكب الجيل الحالي والمقبل وتتماشى كذلك مع متغيرات العصر ومختلف أدواته. وقال: «هذه القرارات تعد خطوة أخرى ضمن مسارات الإصلاح والتنمية والتجديد التي يقودها خادم الحرمين خلال إجراء إصلاحات شامله تسهم في عملية بناء الوطن والمواطن التي تركز عليها رؤية 2030». وأضاف: «إنشاء ناديين للإبل والصقور، وهيئة تطوير بوابة الدرعية، وهيئة ملكية بالعلا من الأوامر الكريمة التي ستسهم في إيجاد فرص وظيفية لأبناء الوطن، وتحافظ على التراث، وتلبي حاجات بعض فئات المجتمع والمهتمين بهذا المجال».