احتاج الأمر إلى صائغ ماهر حتى تطلع لجنة التحكيم برئاسة المخرج الإيطالي بيدرو المودافار بالنتائج التي لم تحمل من المفاجآت إلا واحدة، وذلك في الحفل الختامي للدورة السبعينية لمهرجان كان السينمائي. كانت المفاجأة أن النتائج وعلى عكس عدد كبير من الدورات السابقة، لم تحمل أي نتائج مثيرة للسخط. أما الصياغة الماهرة فكانت في التطابق الذي قام بين آراء النقاد العالميين طوال أيام المهرجان وعروضه، وبين اختيارات لجنة التحكيم، وهو أمر يبدو في كان نادر الحدوث. المهم أن توقعاتنا التي أبديناها أمس، تحققت إلى حد ما، وبخاصة بفوز الفيلم السويدي «المربع» بالسعفة الذهبية، وهو على أي حال، توقع ساد منذ العرض الأول للفيلم، حيث لم يبرز له منافس جدي سوى الفيلم الروسي «بلا حب»، الذي كان عليه الاكتفاء في نهاية المطاف بجائزة لجنة التحكيم الخاصة، التي تعتبر عادة الجائزة الأكثر فنية في «كان». وفي المقابل كانت الجائزة الكبرى، التي تعتبر عادة، الثانية في الأهمية بعد السعفة الذهبية، من نصيب الفيلم الفرنسي «120 دقة قلب في الدقيقة» الذي كان واضحاً حتى من قبل عرضه أنه سيثنى عليه لشجاعته بالنظر إلى أنه تناول الصراع ضد السيدا في الثمانينات، وهو صراع كان واضحاً أن حكاياته لن تفلت من انتباه رئيس لجنة التحكيم. كما توقعنا أيضاً، ومن قبل أن نشاهد أو يشاهد أحد فيلم لين رامزي «لم تكن هنا أبداً»، أتى الفيلم مفاجئاً وحقق جائزتين إحداهما «أفضل تمثيل رجالي» لبطله الرائع خواكين فينيكس، والثانية جائزة السيناريو للمخرجة ذاتها، إنما شراكة مع سيناريو فيلم «قتل غزالة مقدسة». أما جائزة الإخراج فذهبت إلى صوفيا كوبولا عن فيلمها المميز «المخدوعات» ما أكسبها تحديها في تحقيق فيلم سبق لكبير هوليوودي أن حققه من قبل. وكوبولا لم تحضر الحفل، مكتفية بإرسال فيديو شكرت فيه المهرجان. وكذلك فعلت نجمة المهرجان نيكول كيدمان التي، وبصورة استثنائية، مُنحت جائزة السبعينية الخاصة التي تمنح عادة للسينمائيين المخرجين. وربما تقديراً لحضورها في أربعة أفلام دفعة واحدة في الدورة. وطبعاً كان من المتوقع أن تكون كيدمان منافسة قوية على جائزة أفضل ممثلة، لكن أداء ديان كروغر الرائع والبسيط في آن معاً، جعل الجائزة تذهب إليها عن دورها في «نحو التلاشي» لفاتح آكين... وهي كلها أمور ستفصل على صفحات «الحياة» لاحقاً.