حرص سدنة الدولة العبرية على إضفاء أجواء من الاحتفال الخاص بزيارة الرئيس دونالد ترامب لها، وأغدقوا عليه المديح بصفته «صديقاً كبيراً» لإسرائيل وأثنوا على مواقفه من إيران، متفادين إطلاق تصريحات من شأنها أن تحرج الضيف وتشوش على «الاحتفالية». ورد الرئيس الأميركي على الترحيب بالمثل، مكرراً في أكثر من تصريح أنه بات يلمس أن إمكانات تحقيق السلام واقعية أكثر من أي وقت مضى، وأن «أمامنا فرصة نادرة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة ودحر الإرهاب». وكانت الحكومة الأمنية المصغرة استبقت وصول الرئيس بإقرار جملة تسهيلات للفلسطينيين في الأراضي المحتلة، في مقدمها السماح لهم بالبناء في المنطقة المعروفة «ج» الخاضعة كلياً للاحتلال الإسرائيلي، ما دفع البيت الأبيض إلى الإشادة بالقرار. واعتبر مراقبون القرار تجاوباً مع رغبة الرئيس الأميركي في تحسين الأجواء تمهيداً لاستئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. ووسط إجراءات حراسة مشددة لا تحصل مثلها إلا أثناء زيارة رئيس أميركي، استقبل أقطاب الدولة العبرية الرئيس الضيف وعقيلته وأفراد حاشيته بحفاوة في مطار «بن غوريون» الدولي حيث تقرر في اللحظات الأخيرة إلقاء كلمات استقبال ومصافحة ترامب مستقبليه بعد أن هدد عدد من وزراء الحكومة بعدم المشاركة في الاستقبال في حال لم تجر مراسم مصافحة. ومع انتهاء المصافحة، ألقى الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين الذي يعتبر منصبه رمزياً، كلمة ترحيب أشاد فيها بالرئيس قائلاً: «أنت رئيس الحليفة الأهم والأكبر لإسرائيل... أنت صديق حقيقي لإسرائيل وللشعب اليهودي». وأضاف أن العالم والشرق الأوسط بحاجة إلى الولاياتالمتحدة قوية، و «إذا سمحتم لي، الولاياتالمتحدة بحاجة إلى إسرائيل قوية، في الشرق الأوسط المنكوب بالإرهاب والقمع والجنون، يُعتبر تحالف الولاياتالمتحدة وإسرائيل بمثابة منارة للحرية والتطور». وتابع: «فخر لنا أن نستقبلك في القدس في وقت نحتفل بمرور 50 عاماً على احتفالات يوم القدس (أي احتلال القدسالشرقية وضمها بقانون إسرائيلي للقدس الشرقية)... يسعدنا أن حليفتنا الأكبر تقر بأهمية القدس للشعب اليهودي، القدس هي القلب النابض للشعب اليهودي مثلما كانت قبل ثلاثة آلاف عام». تلاه رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بكلمة اعتبر فيها زيارة الرئيس الضيف «تاريخية، إذ لم يحصل في السابق أن كانت إسرائيل بين الدول الأجنبية التي يزورها رئيس أميركي في بداية جولاته في العالم». وأضاف أن يد إسرائيل ممدودة للسلام لجميع جيرانها، بمن فيهم الفلسطينيين، وتشاطر الولاياتالمتحدة رغبتها في السلام، و «السلام الذي ننشده هو سلام حقيقي وصادق قابل للعيش». وتابع مخاطباً الرئيس: «جئتنا الآن من الرياض إلى تل أبيب، وكلي أمل بأن يتمكن رئيس حكومة إسرائيلي في المستقبل من التوجه من تل أبيب إلى الرياض». وأعرب عن أمله بأن تكون زيارة الرئيس الخطوة الأولى نحو المصالحة والسلام، و «آمل بأن نعمل معاً في السنوات المقبلة من أجل الدفع نحو الرخاء والسلام والأمن وتعزيز التحالف بين إسرائيل والولاياتالمتحدة التي لم تكن ذات يوم أقوى مما هي اليوم». ولفت مراقبون إلى أن نتانياهو وريفلين تجنبا مطالبة الرئيس الأميركي بالاعتراف بالقدس بشطريها عاصمة لإسرائيل، علماً أنهما قبل يوم من وصوله أكدا، خلال الاحتفالات ب «يوم القدس»، أن «القدس ببلدتها القديمة و «جبل الهيكل» (المسجد الأقصى) وسائر المواقع المقدسة ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية. وافتتح ترامب كلمته بثلاث كلمات بالعبرية: «شكراً جزيلاً ومرحباً»، مضيفاً أنه يأتي إلى الأراضي المقدسة والبلدة القديمة «لأؤكد العلاقة التي لا تمّحي بين إسرائيل والولاياتالمتحدة». وتابع: «ملتزمون بناء مستقبل مشترك بين الأمم في المنطقة ليعيشوا بسلام، ليكبر أولادنا في واقع خالٍ من الإرهاب والعنف». وأضاف أنه لمس خلال زيارته المملكة العربية السعودية إشارات من الأمل في الشرق الأوسط، «إذ حققنا اتفاقاً تاريخياً للتعاون الواسع لمحاربة الإرهاب والأيديولوجيات الشريرة... أمامنا فرصة تاريخية لتحقيق الأمن والهدوء للمنطقة. ويجب دحر الإرهاب وخلق مستقبل من السلام والتناغم، وسنبلغ ذلك فقط عن طريق العمل المشترك، ولا إمكانية أخرى». ومن المطار، انتقل ترامب إلى مقر ريفلين حيث التقاه لنصف ساعة. وقال قبل اللقاء إن ثمة فرصة سانحة ممتازة، وثمة شعوراً بإمكان إحلال السلام في الشرق الأوسط، «لقد سئم الناس القتل وسفك الدماء... ما قمنا به نهاية الأسبوع اعتُبر غير مسبوق... الأمور آخذة في التبلور... لمستُ شعوراً آخر في زيارتي للسعودية بأنه يمكن تحقيق السلام في الشرق الأوسط». وأضاف أنه استمد التشجيع الكبير من قادة دول عربية، بينهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي يريد رؤية السلام». وأضاف أنه يتوقع إجراء محادثات مهمة في إسرائيل من أجل تحقيق السلام للجميع. وتطرق إلى إيران بالقول إن الولاياتالمتحدة وإسرائيل تستطيعان أن تعلنا بصوت واحد أنه يحظر على إيران للأبد أن تمتلك سلاحاً نووياً: «علينا وقف تمويل إرهاب الميلشيات والسلاح النووي فوراً. في هذه المسائل، ثمة إجماع قوي بين دول العالم، بمن فيها دول كثيرة من العالم الإسلامي». وتحت حراسة مشددة وإغلاق شوارع رئيسة في القدس وأوامر لأصحاب محلات تجارية بإغلاقها، توجه ترامب بلا مرافقين إسرائيليين رسميين إلى البلدة القديمة ليزور، سيراً على الأقدام لبضع مئات من الأمتار، كنيسة القيامة، ثم حائط البراق (المبكى)، قبل أن يتوجه للاستراحة في الفندق استعداداً للقائه نتانياهو والمشاركة في مأدبة العشاء الخاصة في منزل رئيس الحكومة. سارة تتعاطف مع ترامب ضد الإعلام ونائب يلتقط « سيلفي» معه