أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، بأن البادية السورية القريبة من الحدود مع العراق شهدت توتراً بين القوات النظامية، مدعمة بمسلحين موالين، من طرف، وبين قوات التحالف الدولي الداعمة لفصائل مقاتلة، من طرف آخر، وذلك بعد يومين من استهداف طائرات التحالف لرتل تابع للقوات النظامية ومسلحين من جنسيات سورية وغير سورية كان متجهاً نحو منطقة التنف الحدودية مع العراق، وتسبب القصف الجوي، بحسب «المرصد»، في مقتل 8 مسلحين «غالبيتهم من جنسيات غير سورية» من الموالين لحكومة دمشق، إضافة إلى تدمير وإعطاب عدد من الآليات. وأوضح «المرصد» أن اندلاع التوتر مجدداً بين الطرفين «جاء على خلفية محاولة جديدة عمدت قوات النظام للقيام بها عبر التوجه مجدداً على طريق دمشق- بغداد الدولي، من محيط منطقة حاجز ظاظا، وصولاً إلى منطقة الزركا على الطريق ذاته». وتابع أن القوات النظامية تقدّمت بذلك مسافة تُقدّر «بعشرات الكيلومترات من البادية» وبات يفصلها نحو 55 كلم فقط عن معبر التنف الحدودي. إلا أنه أضاف: «أن التحالف الدولي عمد إلى إنذار قوات النظام خلال ال24 ساعة الفائتة بعدم الاقتراب أكثر»، مشيراً إلى أن الإنذار سببه «اقتراب قوات النظام من معسكرات القوات الأميركية والبريطانية والفصائل المدعومة من التحالف الدولي والتي تتواجد في منطقة التنف» الواقعة على بعد نحو 27 كلم إلى الشرق من منطقة الزركا التي تقدمت إليها القوات النظامية السورية. وأقرت صفحات موالية للحكومة السورية بتقدّم القوات النظامية وحلفائها في المنطقة، لكنها نفت صحة سيطرتهم على الزركا. وفي إطار مرتبط، لفتت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة إلى أن ميليشيات شيعية تحتشد في ريف السويداء جنوب سورية تمهيداً لفتح جبهة فيها بالتزامن مع جبهتي القلمون الشرقي وتدمر وريف حماة الشرقي، معتبرة أن ذلك يأتي في إطار خطة «تدعمها روسيا سراً وتتبناها إيران علناً لتنفيذ مشروع الربط بين طهرانوبغدادودمشق وبيروت». كما أشارت «شبكة شام» إلى أن صفحات موالية لحكومة دمشق نشرت صوراً لوصول الضابط الكبير في القوات النظامية سهيل الحسن إلى تدمر بريف حمص الشرقي للمشاركة في حملة انطلقت قبل يومين في اتجاه محافظة دير الزور المجاورة. وما زالت القوات النظامية تحتفظ بجيب صغير داخل مدينة دير الزور وبالمطار العسكري القريب وبقاعدة عسكرية مجاورة، في حين أن بقية المحافظة تقع تحت سيطرة «داعش». وكان مسؤولون أميركيون قالوا الجمعة إنهم يعتقدون أن القافلة التي استهدفتها طائرات التحالف الخميس قرب التنف كانت «توجّهها إيران»، في مؤشر محتمل إلى زيادة التوتر بين واشنطنوطهران في الحرب السورية. وقال وزير الدفاع الأميركي جايمس ماتيس في مقر وزارة الدفاع (البنتاغون) إن الضربة الأميركية كانت دفاعية بطبيعتها. ودانت الحكومة السورية المدعومة من إيرانوروسيا الهجوم. وقال عضو في إحدى جماعات المعارضة المسلحة التي تدعمها الولاياتالمتحدة ل «رويترز»، إن القافلة كانت تضم مسلحين سوريين ومسلحين تدعمهم إيران، وكانت متجهة نحو قاعدة تستخدمها قوات أميركية وقوات تدعمها واشنطن قرب بلدة التنف. وقررت الولاياتالمتحدة أن القافلة تشكل تهديداً. وأوضح ماتيس في مؤتمر صحافي: «لقد استدعت الضرورة (الهجوم)... بحركة هجومية وبقدرة هجومية لما نعتقد أنها قوات موجّهة من إيران، لا أعرف ما إذا كان هناك إيرانيون على الأرض، لكن القوات كانت موجّهة من إيران». وحذّرت مصادر بالمعارضة المسلحة من تقدم الجيش السوري والقوات المدعومة من إيران في المنطقة قرب الطريق السريع الاستراتيجي بين دمشقوبغداد الذي كان في السابق طريقاً رئيسياً للإمداد بالأسلحة الإيرانية. وقال ماتيس إنه يعتقد أن القوات التي توجهها إيران دخلت المنطقة بالمخالفة لمشورة روسيا، إلا أنه لم يتمكن من تأكيد ذلك. وأضاف: «يبدو أن الروس حاولوا منعهم». وقال مسؤول استخباراتي غربي طلب عدم نشر اسمه، إن الضربة بعثت رسالة قوية للمسلحين المدعومين من إيران مفادها أنهم لن يسمح لهم بالوصول إلى الحدود العراقية من سورية. وقال بشار الجعفري رئيس وفد الحكومة السورية في محادثات جنيف يوم الجمعة، إنه أثار الواقعة مع مبعوث الأممالمتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا أثناء محادثات السلام في جنيف. وقال الجعفري للصحافيين: «كنا نتحدث في شكل مسهب عن المجزرة التي أحدثها العدوان الأميركي بالأمس في بلادنا، وأخذ هذا الموضوع حقه من النقاش والشرح ولم يكن غائباً عن أنظارنا». وهجوم الخميس في حد ذاته لا يشير إلى تحول في التركيز الأميركي في سورية وهو قتال متشددي تنظيم «داعش». لكن التحرك الأخير أظهر أن المنطقة حول قاعدة التنف في جنوب سورية معرضة لضغوط. وقال الجنرال الأميركي جوزيف دانفورد رئيس هيئة الأركان المشتركة، إنه يعمل على سبل إدارة ساحة المعركة مع روسيا. ولا يوجد أي اتصال بين الجيشين الأميركي والسوري. وقال دانفورد: «هناك اقتراح نعمل عليه مع الروس في الوقت الراهن. لن أقدم التفاصيل». وأضاف: «لكن إحساسي أن الروس متحمسون مثلنا لعمليات وقف التصعيد وضمان أن بإمكاننا مواصلة توجيه الحملة إلى داعش وضمان سلامة أفرادنا».