تدخل انتخابات الرئاسة في إيران، المرتقبة في 19 أيار (مايو) المقبل، مرحلة مهمة بعد أول مناظرة تلفزيونية يشارك فيها المرشحون الستة اليوم، وسط تنافس حاد بين مرشحي التيارين الأصولي والإصلاحي. ويمثّل التيار الإصلاحي والمعتدل الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني ونائبه إسحاق جهانغيري، ومصطفى هاشمي طبا الذي كان مساعداً للرئيس السابق محمد خاتمي. أما الأصوليون فيمثّلهم سادن العتبة الرضوية إبراهيم رئيسي ورئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف وعضو اللجنة المركزية لحزب «مؤتلفة» مصطفى ميرسليم. وحسم الإصلاحيون والمعتدلون أمرهم في دعم روحاني، فيما ما زالت الضبابية تلفّ موقف الأصوليين في شأن الاتفاق على مرشح واحد، بين رئيسي وقاليباف. وانحاز السكرتير السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي إلى رئيسي، فيما دعم رئيس مجلس الشورى (البرلمان) علي لاريجاني روحاني. ويعتقد مراقبون بأن المناظرة التلفزيونية اليوم ستعطي قراءة أولية عن قوة المرشحين وبرامجهم، علماً أن استطلاعات الرأي ما زالت تظهر تفوّق روحاني، على رغم أن المستطلعين ليسوا راضين عن الوضع الاقتصادي في البلاد. واستبعدت أوساط، بما في ذلك الأصولية، نجاح قاليباف في تنفيذ وعوده بإيجاد 5 ملايين فرصة عمل، لتسوية مشكلة البطالة التي قال رئيسي إنها تبلغ 40 في المئة. ولفت لاريجاني إلى أن إيران عانت من ظروف اقتصادية صعبة خلال السنوات الأربع الماضية، مستدركاً أن الحكومة نجحت في تذليل جزء كبير منها. ونبّه إلى عدم إمكان الاعتماد على وعود لا يمكن تنفيذها، في إشارة إلى تلك التي أطلقها قاليباف، أو رئيسي الذي تعهد مراجعة قانون الضرائب. وذكرت مصادر أن الحملة الانتخابية الداعمة لروحاني وزّعت المهمات بين المرشحين الثلاثة للتيار الإصلاحي والمعتدل (روحاني وجهانغيري وهاشمي طبا) في المناظرة، من أجل إعطاء الناخب صورة واعدة للمستقبل، في مواجهة المرشحين الأصوليين الذين يسعون إلى مهاجمة برامج الرئيس، خصوصاً الاقتصادية. واتهمت أوساط قريبة من روحاني المرشحين الأصوليين بانتهاج أساليب استخدمها الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، معتمدين على وسائل شعبوية تثير عواطف الناخبين وتستند إلى وعود يتعذّر تنفيذها. روحاني الذي يواجه انتقادات واسعة لبرامجه الاقتصادية، رضخ لمطالب أنصاره ويعتزم إجراء تغيير واسع في حكومته المقبلة، لتفعيل أدائها. وبثّ التلفزيون الإيراني كلمة لرئيسي، رأى فيها أن بناء اقتصاد مقتدر سيلجم الولاياتالمتحدة، وسيجعلها عاجزة عن «ارتكاب أي حماقة»، مشدداً على وجوب اعتماد الإمكانات الداخلية، لا الركون إلى وعود الدول الغربية. ويشير بذلك إلى رغبة روحاني في الاعتماد على الاستثمارات الأجنبية، لتسوية المشكلات الاقتصادية في إيران. واعتبر أن «أميركا تخشى اسم إيران، وهلع الأعداء ناجم من اقتدار الشعب الإيراني»، وزاد في إشارة إلى قائد «فيلق القدس» التابع ل «الحرس الثوري»: «ننهج مبدأ الصمود والثبات والمقاومة، من أجل خدمة الشعب، وسنعمل بدأب وبلا كلل، كما يجاهد الحاج قاسم سليماني». وكرر أنه «ذاق مرارة الفقر واليتم خلال طفولته وعانى حرماناً»، منتقداً الأوضاع الاقتصادية في البلاد، ومنبّهاً إلى أن «ظاهرة البطالة تمهد لانتشار الفساد وتفاقم المشكلات الاجتماعية». وشدد على أن «الشعب لم يعد قادراً على تحمّل الفساد»، مستدركاً أن القضاء على الفساد «ليس ممكناً بين ليلة وضحاها». أما جهانغيري فرأى أن إيران «تحتاج إلى مواصلة سياسات سابقة، كما يجب تعديل أخرى»، مقراً بأن الحكومة «لم تستخدم بعد كل طاقات البلاد لإزالة العراقيل وتسوية المشكلات». وأضاف: «نحن الآن في منتصف الطريق، وعلينا ألا نتراجع عن السير في درب العقلانية والإصلاح». وأشار إلى أنه خاض السباق الرئاسي بعد تلقيه «نصيحة من شخصيات إصلاحية بارزة، وتأكيداً من روحاني»، لافتاً إلى أنه سيؤدي «دوراً مكملاً» للرئيس و «يدافع عن مسار الإصلاحات والاعتدال»، خلال «منعطف تاريخي» تشهده إيران.