دورة الألعاب السعودية الثالثة: العلا بطلاً لكرة قدم الصالات    وزير البيئة: «استمطار السحب» يخفض تكاليف تشغيل الطائرات    منتدى الأفلام يختتم فعالياته على الطريقة العالمية..    وزارة الداخلية تختتم مشاركتها في معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2024    قطر تدين بشدة مصادرة الاحتلال الإسرائيلي مقر "الأونروا" في القدس    المملكة تدين قرار سلطات الاحتلال مصادرة أرض "الأونروا" في القدس المحتلة    عوامل مؤثرة تشتت الانتباه في العمل.. تجنبها    باكستان وجهة رئيسة للمستثمرين السعوديين    الصين تستعيد شيجيان- 19    الذكاء الاصطناعي يستحل وظائف TikTok    ميزة iPhone تسرب بيانات المستخدمين    صندوق الاستثمارات العامة    فيصل بن فرحان يبحث مع إسحاق دار وبوريل المستجدات الدولية    ميتروفيتش يصبح الهداف التاريخي لبطولة دوري الأمم الأوروبية    بقايا متسلق مُنذ 100 عام    ضمن تصفيات كأس العالم .. الأخضر يواصل استعداداته لمواجهة البحرين    الاتحاد يواجه جدة "ودياً" .. و"كانتي" يقترب من العودة للمشاركة    «رينج روفر».. تتسبب في حريق مطار لوتون وتدمير أكثر من 1,300 سيارة    أفراح الدامر والرشيد    آلية التقديم في سفراء المكتبات    10 مناطق تغيبت عنها مرافق القلب والأورام    "رويدة" و"نضال" ينتزعان الذهب في التسلق في ألعاب السعودية الثالثة    الذكاء العاطفي في البيئة التعليمية    القبيلة وتسديد المخالفات المرورية    البحرين أهم من اليابان    وزارة الداخلية تختتم مشاركتها في معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2024    هل يتجنب العراق الحرب؟    تفضيل الأطعمة الحارة يكشف لغز الألم والمتعة    لون البول مؤشر للإفراط في السوائل    الكشف المبكر عن سرطان الثدي يزيد الشفاء أكثر من 95 %    محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية تحتضن 290 نوعًا من الطيور    الشيخ البدير: التواضع من الأخلاق العليّة والشمائل السُنيّة    "ليدار للاستثمار " تعرض "دار السدن" و"ليدار بارك" في ريستاتكس جدة العقاري 2024    أمير الجوف يدشّن ويضع حجر الأساس لمشروعات بلدية بأكثر من مليار ريال    نائب أمير نجران يستقبل مدير الشرطة    تدشين المشاريع التشغيلية للبرنامج الوطني للاستمطار    1616 امرأة في قوائم مخالفي الأنظمة    14.1 مليون زائر للمدينة المنورة عام 2023    الخروج من الدور الثالث    القبض على 9 إثيوبيين في جازان لتهريبهم 270 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    على حافة الهاوية    مؤتمر دولي للعلاج الإشعاعي والأورام في الرياض.. 27 نوفمبر القادم    المملكة تشارك باجتماع الG7 الوزاري في إيطاليا    الصندوق الثقافي يوقع اتفاقيات تسهيلات ائتمانية مع 13 شركة ضمن «التمويل الثقافي»    اتفاقية شراكة بين الهيئة السعودية للسياحة وموسم الرياض    وزارة الداخلية تطلق ختماً خاصاً بالمنتدى اللوجستي العالمي 2024    هيئة التراث تطلق عدد من الفعاليات والأنشطة    إنجازات استثنائية في النهائي الوطني للأولمبياد العالمي للروبوت بالمملكة    الشؤون الإسلامية في جازان تقيم مبادرات تطوعية وتنشر الوروود عرفانا وشكراً للمعلم النبيل    مدير عام الشؤون الإسلامية في جازان يلتقي بالمراقبين عبر التلجرام    استمرار هطول الأمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    شخصيات إسلامية من إندونيسيا تثمّن جهود المملكة في نشر منهج الوسطية والاعتدال    خطاك السوء يا فخر الأوطان «سلمان»    الذكرى العاشرة لبيعة والدنا «سلمان»    المذاهب الفقهية في السعودية.. الائتلاف الواعي والسياسة الحكيمة    المواطن في الإعلام الاجتماعي    محمية الوعول تنضمّ للقائمة الخضراء الدولية كأول محمية سعودية    قيادة حكيمة ورؤية طموحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«نقابة الإعلاميين» لضبط فوضى الشاشات
نشر في الحياة يوم 28 - 03 - 2017

مرّ المشهد الإعلامي المصري عبر تاريخه بمراحل عدة. استقرت المرحلة الأولى لسنوات طويلة عبر التلفزيون الرسمي للدولة «ماسبيرو»، لتبدأ مرحلة أخرى تشكّلت مع مطلع الألفية عبر إنشاء بعض الفضائيات الخاصة ليسود استقرار نسبي، بخاصة أن تلك الشاشات أدركت أن لها «سقفاً» ينبغي ألا تتجاوزه، وحدد معايير ذلك «السقف» عقد غير مكتوب أبرمته مع نظام مبارك، لا تقترب من سيد «قصر العروبة» أو من أي من أفراد أسرته، وبخلاف ذلك مباح لها انتقاد مسؤولي الدولة.
وارتبك المشهد الإعلامي حين اندلعت ثورة كانون الثاني (يناير)2011، وشهدت مرحلة ما بعد الثورة عصراً ذهبياً للفضائيات الخاصة وتأسست العشرات منها من دون قيد أو شرط أو سقف، وتوالت السنوات وصار الانفلات والفوضى هما «سيدا المشهد» في ظل غياب آليات وقوانين من شأنها ضبط الساحة الإعلامية، إضافة إلى تحكم رأس المال والمادة الإعلانية، وجرى أفول بعض القنوات وبزوغ أخرى، واندماج كيانات إعلامية مختلفة، في مقابل تهميش وإهمال ل «التلفزيون الرسمي» عمداً أو سهواً.
وأضحت الشاشات إلا القليل منها ساحة للعراك والتشويه وتصفية الحسابات، مفتقرة أدنى المعايير المهنية والأخلاقية، وصار بعضها معتركاً للسب والقذف من دون رقيب أو رادع، في ظل شكوى «السلطة» المستمرة من تجاوزات الإعلام وتقويضها أحياناً للسلم المجتمعي وضرورات الأمن القومي، فيما اتهمها معارضوها أنها سيطرت على تلك القنوات وكممت الأفواه، وغيبت أي أصوات معارضة وصارت منابر للصوت «الواحد».
مع تلك الأجواء الضبابية، علّق بعضهم الآمال على تشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام بعدما ألغيت وزارة الإعلام وفقاً لدستور 2014، بينما طمح آخرون لتأسيس «نقابة الإعلاميين» التي تقرر أخيراً تشكيلها وأصدر رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل قراراً بتشكيل اللجنة التأسيسة للنقابة التي ضمت 11 عضواً يمثلون الإعلام المرئي والمسموع الرسمي والخاص، ويرأسها رئيس الإذاعة المصرية السابق حمدي الكنيسي ويأتي تأسيسها في إطار تنفيذ بنود الدستور المصري الذي يقضي بإنشاء المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
وبدأت اللجنة التأسيسية الموقتة للنقابة عملها، وهو ما أكده رئيس النقابة حمدي الكنيسي الذي شرح ل «الحياة» أهداف النقابة، قائلاً: «ينصب الهدف الرئيس لها على إعادة المعايير المهنية، وبدأت إعداد «ميثاق الشرف الإعلامي» و «مدونة السلوك المهني» تمهيداً لعرضهما على اللجنة التأسيسية للنقابة لاتخاذ القرار حيالها، علماً أن الميثاق سيُعتمد لاحقاً من خلال الجمعية العمومية للإعلاميين». وأضاف: «شُكلت لجان القيد والعضوية، وحددت شروط عضوية المنتسبين للنقابة، وكذا شروط التصريح بمزاولة المهنة لغير أعضاء النقابة مثل الفنانين والصحافيين والرياضيين والأطباء». وأكد أن «تلك الشروط لاقت ترحيب الغالبية بخاصة أن الجميع يدركون حالة التردي والانفلات السائدة، ما استدعى التحرك في شكل مكثف لإعادة التوازن».
وشدد الكنيسي على أن حاملي تصريح مزاولة المهنة سيتعين عليهم الالتزام التام ب «ميثاق الشرف» و «المدونة» والقبول بما تتخذه النقابة من إجراءات إزاء أي تجاوز». ونوه بأن «القانون حدد مهلة زمنية من 6 أشهر لعمل اللجنة والانتهاء من أعمالها، ولدينا برنامج عمل حافل ومتخم ينبغي إنجازه خلال هذه المدة الوجيزة». وقال: «يخول للنقابة ترشيح ممثلها للنقابة في الهيئة الوطنية للإعلام، والمجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام».
وحول اشتراطات عضوية النقابة، أشار إلى أنها متاحة لكل العاملين في الإعلام القومي والخاص عبر المشاركة المباشرة في العملية الإعلامية الإبداعية وستضم في البداية المذيع، والمخرج والمصور وطاقم الإعداد ثم يضاف مستقبلاً بعض العناصر الأخرى.
وفيما يشكك بعضهم في قدرة النقابة الوليدة وما سيصدر عنها من ميثاق من ضبط هذا الانفلات، كان للكنيسي رأي مخالف إذ رأى أن «النقابة ستمثل رأس الحربة في المنظومة الإعلامية الجديدة التي نص عليها الدستور 2014 والتي تشمل المجلس الأعلى والهيئة الوطنية للصحافة والإعلام، وستكون مهمتها الرئيسة رصد الخارجين عن المعايير المهنية ومتابعتهم ومحاسبتهم ومساءلتهم عبر تحذير المتجاوزين، وفي حال عدم الارتداع سيكون الإيقاف عن العمل لمدة تتراوح بين 3 و 6 شهور، بينما التمادي في تلك التجاوزات من شأنه أن يعرض مرتكبه للشطب نهائياً من العمل الإعلامي».
وسُئل الكنيسي حول آليات تنفيذ العقوبات لردع المتجاوزين فأجاب: «لا يسمح الوضع الإعلامي الراهن بأي تهاون، وتطبيق تلك الآليات يعد أمراً حتمياً، ومن يتعرض للشطب ستكون عودته للإعلام بمثابة جريمة تستوجب العقوبة الجنائية».
وقال أستاذ الإعلام الدكتور صفوت العالم ل «لحياة» إنه «لا يمكن للنقابة القيام بضبط الانفلات منفردة، مشدداً على أهمية تشكيل المجالس الخاصة بتنظيم العمل الإعلامي، بخاصة أن اللجنة التأسيسية للنقابة غير منتخبة».
وحول آليات وإمكان ردع المخالفين أجاب العالم: «هذه بداية جديدة ويتوقف الأمر على «الأشخاص» الذين سيمثلون الإعلاميين ومدى حرصهم على الأداء المهني أم سينصب حرصهم على المصالح الانتخابية والذاتية».
واعتبر العالم أن «الردع يكمُن في وضع ميثاق إعلامي دقيق وشامل، وينبغي تشكيل لجنة تضم إعلاميين وأكاديميين وشباباً من ذوي الخبرة وألا يقتصر على أعضاء النقابة التأسيسية فقط»، مشدداً على أن صياغة المدونة والميثاق تتطلب وجود أصحاب خبرات سابقة في صياغة التشريعات، إضافة إلى الاستعانة بالمواثيق الموجودة لدى كلية الإعلام».
واتهم أستاذ الإعلام الدولة بالتلكؤ في خروج تلك المجالس طوال السنوات الماضية، لافتاً إلى أنه كان أحد أعضاء اللجنة التي أنجزت تلك التشريعات الإعلامية منذ أكثر من عامين لكن الدولة هي التي أرجأت العمل بها وتعللوا بحتمية أن يقرها مجلس النواب الذي لم يعتمدها سوى بعد قرابة عام من تشكيله». وطالب العالم بالإسراع في تأسيس نقابة إعلاميين منتخبة، ووضع ضوابط لرفع مستوى الأداء وشروط لانضمام غير العاملين بالحقل الإعلامي».
ولا ينكر الإعلامي محمد صلاح الزهار أن «القوانين الإعلامية ذات صياغة عظيمة واختيرت بعناية بالغة وتحوي كل الأفكار والأمنيات بين عباراتها»، لكنه يراها «فضفاضة»، وأضاف ل «الحياة»: تخلو هذه القوانين من أي آليات لتنظيم الأداء الإعلامي في شكل حاسم، ولا يُعول كثيراً على اللوائح التنفيذية لأن بنودها مستمدة من التشريعات ذاتها الخالية من أي آليات تطبيق».
وأشار الزهار إلى أن المشهد الإعلامي السائد لا يشي بأي تغيير، ولا سبيل لإعلاء شأن وقدر المهنة أو ضبط المشهد الإعلامي طالما لا تمتلك النقابة قوة رادعة، ولن تكون أوضاعها بأفضل حال من نظيرتها في «نقابة الصحافيين».
ويختلف معه في الرأي رئيس قطاع الأخبار السابق بالتلفزيون المصري إبراهيم الصياد، إذ قال: «ناضل الإعلاميون من أجل تحقيق هذا الحلم منذ أكثر من 30 عاماً، ووقف النظام السياسي لمبارك حائلاً دون تأسيس نقابة الإعلاميين خشية أن تضطلع بدور سياسي (وفق تصورهم) كما هي الحال في نقابة «الصحافيين» التي شكلت وجعاً للنظام حينذاك».
وأضاف الصياد: «كان يفترض أن تجمع «نقابة الصحافيين» كل العاملين في الإعلام فهو «صحافة مرئية»، لكن قوبل الأمر برفض، وتصدى الصحافيون للفكرة لأسباب انتخابية بحتة. ولكن بعد الثورة عادت فكرة «النقابة» تلح من جديد حتى تبلورت في شكلها الحالي برئاسة الإذاعي الكبير حمدي الكنيسي».
واعتبر أن «النقابة تمثل حماية للمهنة والعاملين بها، ويفترض أن تضم في كنفها «لجنة القيم» التي سينوط بها محاكمة أي إعلامي يحيد عن شرف المهنة»، آملاً بأن تحقق الانضباط المرجو. وتوجه برسالة إلى المجلس التأسيسي للنقابة قائلاً: «على عاتقكم دور كبير جداً عبر تحديد مواصفات «الإعلامي» أولاً، ومن ثم تحديد شروط العضوية، وضرورة تحويل النصوص القانونية الحاكمة إلى فعل ملموس على أرض الواقع».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.