«PIF» يحدد متطلبات الإنفاق على المشاريع الخضراء ب 73 مليار ريال    «الدفاع» تعزز التعاون في مجالات الإعلام بين القطاعات العسكرية والأمنية    الصندوق الثقافي يوقع اتفاقيات تسهيلات ائتمانية مع 13 شركة ضمن «التمويل الثقافي»    القهوة والكافيين يحسنان صحة الشرايين    5 عناصر غذائية ضرورية في فيتامينات الحمل    الألعاب السعودية .. العلا بطلاً لكرة قدم الصالات    وزير البيئة: «استمطار السحب» يخفض تكاليف تشغيل الطائرات    وزارة الداخلية تختتم مشاركتها في معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2024    منتدى الأفلام يختتم فعالياته على الطريقة العالمية..    الألعاب السعودية .. "الغيث" يحصل على الذهب في التزلج اللوحي    الذكاء الاصطناعي يستحل وظائف TikTok    ميزة iPhone تسرب بيانات المستخدمين    آلية التقديم في سفراء المكتبات    قطر تدين بشدة مصادرة الاحتلال الإسرائيلي مقر "الأونروا" في القدس    فيصل بن فرحان يبحث مع إسحاق دار وبوريل المستجدات الدولية    ميتروفيتش يصبح الهداف التاريخي لبطولة دوري الأمم الأوروبية    بقايا متسلق مُنذ 100 عام    المغرب يستعرض بخماسية في شباك أفريقيا الوسطى بتصفيات كأس الأمم 2025    ضمن تصفيات كأس العالم .. الأخضر يواصل استعداداته لمواجهة البحرين    «رينج روفر».. تتسبب في حريق مطار لوتون وتدمير أكثر من 1,300 سيارة    أفراح الدامر والرشيد    المملكة تدين قرار سلطات الاحتلال مصادرة أرض "الأونروا" في القدس المحتلة    عوامل مؤثرة تشتت الانتباه في العمل.. تجنبها    باكستان وجهة رئيسة للمستثمرين السعوديين    الصين تستعيد شيجيان- 19    10 مناطق تغيبت عنها مرافق القلب والأورام    البحرين أهم من اليابان    وزارة الداخلية تختتم مشاركتها في معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2024    الذكاء العاطفي في البيئة التعليمية    القبيلة وتسديد المخالفات المرورية    هل يتجنب العراق الحرب؟    تفضيل الأطعمة الحارة يكشف لغز الألم والمتعة    لون البول مؤشر للإفراط في السوائل    محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية تحتضن 290 نوعًا من الطيور    «الداخلية» تطلق ختماً خاصاً بالمنتدى اللوجستي العالمي 2024    أمير الجوف يدشّن ويضع حجر الأساس لمشروعات بلدية بأكثر من مليار ريال    نائب أمير نجران يستقبل مدير الشرطة    الشيخ البدير: التواضع من الأخلاق العليّة والشمائل السُنيّة    "ليدار للاستثمار " تعرض "دار السدن" و"ليدار بارك" في ريستاتكس جدة العقاري 2024    14.1 مليون زائر للمدينة المنورة عام 2023    تدشين المشاريع التشغيلية للبرنامج الوطني للاستمطار    1616 امرأة في قوائم مخالفي الأنظمة    على حافة الهاوية    الخروج من الدور الثالث    القبض على 9 إثيوبيين في جازان لتهريبهم 270 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    الصندوق الثقافي يوقع اتفاقيات تسهيلات ائتمانية مع 13 شركة ضمن «التمويل الثقافي»    هيئة التراث تطلق عدد من الفعاليات والأنشطة    إنجازات استثنائية في النهائي الوطني للأولمبياد العالمي للروبوت بالمملكة    الشؤون الإسلامية في جازان تقيم مبادرات تطوعية وتنشر الوروود عرفانا وشكراً للمعلم النبيل    مدير عام الشؤون الإسلامية في جازان يلتقي بالمراقبين عبر التلجرام    استمرار هطول الأمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    شخصيات إسلامية من إندونيسيا تثمّن جهود المملكة في نشر منهج الوسطية والاعتدال    خطاك السوء يا فخر الأوطان «سلمان»    الذكرى العاشرة لبيعة والدنا «سلمان»    المذاهب الفقهية في السعودية.. الائتلاف الواعي والسياسة الحكيمة    المواطن في الإعلام الاجتماعي    محمية الوعول تنضمّ للقائمة الخضراء الدولية كأول محمية سعودية    قيادة حكيمة ورؤية طموحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو وقف انفلات الإعلام المصري
نشر في الحياة يوم 25 - 02 - 2016

من حق كل إعلامي مصري أن يشعر بالفخر مع ولادة نقابة مهنية تدافع عنه وتصون كرامته وتحمي حقوقه وترتفع بمستوى أدائه وتغلق الباب أمام من يريدون جعل الإعلام مهنة من لا مهنة له. وربما يشهد العام 2016 نهاية لحال الفوضى التي سادت الإعلام المصري بشقيه العام والخاص، خلال السنوات الماضية وحتى الآن.
ويمكن القول إن نقابة الإعلاميين التي خرجت إلى النور هي محصلة نضال استمر أكثر من أربعين عاماً. كان نظام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك يخشى من أن تمارس دوراً سياسياً لأنه كان يظن أن وظيفة الإعلام هي أن يظل بوقاً للسلطة ومروجاً لأفكارها ومحافظاً على مصالحها. وعندما ظهر الإعلام الخاص علت نبرة المعارضة من خلاله وعاد الحديث من جديد عن تنظيم مهني نقابي للإعلام. وأمام إصرار الإعلاميين على انتزاع حقهم، لم يُصادر هذا الحق، وهو يشمل انضمامهم إلى نقابة الصحافيين، ولكن رُفضت الفكرة بشدة من الجماعة الصحافية ووُضعت الأفكار في الأدراج حتى قامت ثورة كانون الثاني (يناير) 2011 وعلا صوت الإعلاميين وأصبح لا مفر من خروج نقابتهم الى الحياة.
ولكن، حاول البعض استغلال ثغرات معينة للتفرقة بين الجماعة الإعلامية بالحديث تارة عن أنها نقابة الإذاعيين، والبعض الآخر تحدث عن نقابة شاملة لكل الإعلاميين. ولعب فريق على المفهوم الأخير وحاول ربط نقابة الإعلاميين بسلطة رأس المال الإعلامي الذي تتحكم فيه مجموعة من مالكي القنوات الخاصة. ثم ظهرت جيوب هامشية لنقابات أو مجموعات تتحدث باسم جموع الإعلاميين، حتى تم توحيد الجهود وتجاوز الخلافات البينية. وقدم الإعلاميون مشروع نقابتهم تحت التأسيس منذ أكثر من عام وتم تدشين ذلك في نقابة الصحافيين بحضور نقيب المحامين، لتتبلور للمرة الأولى رؤية واحدة لإعلاميي مصر. ولا بد أن أتذكر بكل العرفان والوفاء إعلامياً مصرياً وهب حياته لتحقيق هذا الحلم، لكن القدر لم يمهله، قبل أن يشهد مولد النقابة التي عمل من أجلها، وهو الزميل الراحل عادل نور الدين. ويتوقع أن تضع النقابة ضوابط عملية لممارسة مهنة الإعلام، والخطوة الأولى ستكون عملية «فلترة» المشهد الإعلامي من الدخلاء على المهنة من الذين لا تنطبق عليهم شروط ممارستها وظهروا على المسرح الإعلامي من خلال الوكالات الإعلانية التي أصبحت– للأسف– تتحكم في المحتوى الذي يقدم عبر شاشة التلفزيون. وقد وضع النظام الأساسي للنقابة التي وافق عليها مجلس الوزراء مع مطلع العام 2016 ضابطاً يمنع مزاولة مهنة الإعلام إلا لمن تنطبق عليه شروط محددة، منها أن يكون لديه مؤهل عال ويزاول أو زاول العمل الإعلامي سواء أمام الكاميرا أو الميكروفون وخلفهما. باختصار يصبح الإعلامي هو من يصنع الرسالة الإعلامية عبر الإذاعة والتلفزيون ولا ينتمي إلى نقابة مهنية أخرى.
ومن الضروري توضيح أن بعض الفئات من غير العاملين بالإعلام في الإذاعة والتلفزيون، كالصحافيين والرياضيين والأطباء وأساتذه الجامعات وغيرهم ممن يقدمون رسالة إعلامية أو يشاركون في صنعها كمحررين أو معدين، يمكنهم الحصول على تصريح بمزاولة المهنة مدتُه سنة، ويمكن تجديده طالما التزم قيمَ الإعلام المهنية والأخلاقية. وتؤدي نقابة الإعلاميين دوراً مهماً في الحفاظ على كرامة الإعلامي وتؤمن مستقبله، خصوصاً في القنوات والإذاعات الخاصة، إذ يجب إيجاد صيغة تعاقدية بين من يعمل في المنشأة الإعلامية ومن يملكها، وليس من حق الإدارة فصل الموظف تعسفياً، أو تأخير مستحقاته، أو الاستغناء عنه من دون مبرر قانوني ومن دون الرجوع إلى النقابة. وبالطبع، ستوفر النقابة مراكز لتدريب أعضائها، تقوم على أسس مهنية وتؤهلهم لتقديم إعلام تنويري راقٍ.
ويجب أن توفر النقابة لأعضائها وأسرهم خدمات شاملة صحية أو تعليمية واجتماعية، وتمنحهم ميزات مادية على غرار النقابات المهنية المشابهة لا تقل عما تعطيه نقابة الصحافيين لأعضائها من ميزات تساعدهم في رفع مستواهم المهني والمعيشي. لكن الأهم هو إعادة الرُقي إلى مهنة الإعلام التي فقدت كثيراً من دورها وشكلها خلال السنوات الأخيرة.
وكما أشرتُ، فإن النظام الإعلامي الجديد يمكن أن يضع حداً لحال الانفلات وانحدار مستوى الأداء، والتي سرَّبت إلى شاشات القنوات الفضائية وجوهاً غير مؤهلة للقيام بمهمة التنوير والارتقاء بالذوق العام، فنجدها تسطح الوعي وتطرح موضوعات لا يخرج منها المتلقي بشيء.
وفي وقت وصول المشهد الإعلامي إلى حال من التردّي والانحدار، يظل إعلام الدولة غارقاً في مستنقع مشكلات متراكمة جعلته يخرج من حلبة المنافسة ويفقد ريادته التقليدية ويترك الساحة لمروجي الفُرقة والمشككين في كل شيء عبر جدل بيزنطي عقيم، ودخول مناطق حمراء تحت زعم حرية الفكر والتعبير، فأصبحت الألفاظ الخارجة والتعبيرات والإيحاءات الجنسية شيئاً عادياً يدخل البيوت بلا استئذان. من هنا، جاء قرار الموافقة على نقابة الإعلاميين في الوقت المناسب، قبل صدور قرار تشكيل «المجلس الأعلى للصحافة والإعلام»، الذي تأخر كثيراً. وأتصور أن إلزام وسائل الإعلام المسموعة والمرئية بضرورة وضع سياسة تحريرية لها، هو أمر مهم لضبط الأداء، إذا أردنا الانتقال إلى مرحلة يصبح فيها الإعلام أداة بناء، وليس وسيلة هدم، ويؤدي دوراً بالغ الأهمية في تشكيل وعي الناس.
* كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.