قرر المصرف المركزي المغربي مقاضاة شركة «كبانوتاسيس» السويسرية (KBAnotasys) لصناعة طابعات الأوراق النقدية في لوزان، بعد رفضها تقديم تفسيرات إلى الجانب المغربي على خلفية معلومات نشرتها صحيفة «دير شبيغل» الألمانية، حول ورود معلومات تتهم مسؤولين في الشركة بدفع رشى في مقابل اقتناء طابعات الشركة، في عدد من الدول منها البرازيل والمغرب ونيجيريا وكازاخستان. وقال محافظ المصرف المركزي عبد اللطيف الجواهري في حديث إلى «الحياة»، «طلبت المساعدة القضائية من وزارة العدل والحريات، وكُلّف مكتب محامٍ دولي لمقاضاة الشركة التابعة للمؤسسة الألمانية «كوينغ أند باوير Koeing &Bauer، بعدما رفضت الإجابة عن أسئلتنا حول صحة المعلومات الواردة في بعض الصحف الألمانية والسويسرية، حول افتراضات بدفع رشى لبعض المسؤولين عن طباعة العملات في بعض الدول المتعاملة معها». ولفت إلى أنه كتب إلى الشركة «أكثر من مرة من دون رد من جانبها، ما دفعني إلى وضع شكوى قضائية دولية ضد الشركة، وكُلّف محام دولي في جنيف لمتابعة الملف وإظهار الحقيقة الكاملة حول طبيعة العمولات والمستفيدين منها وتفاصيلها وملابساتها، ومدى تأثيرها في طباعة الأوراق النقدية في المغرب». وكانت «كبانوتسيس» أُدينت من محاكم سويسرية بتبييض أموال وفساد وتقديم رشى، ووافقت الشركة على دفع غرامات بقيمة 35 مليون فرنك الشهر الماضي للخزينة الفيديرالية السويسرية، بعد اكتشاف خروق في حساباتها بقيمة 30 مليون فرنك، واتهام الشركة بعدم القيام بما توصي به الشفافية المالية والتجارية الفيديرالية لمنع مثل هذه الممارسات، التي يعاقب عليها القانون السويسري. ويتعلق الأمر وفقاً لوسائل الإعلام الألمانية، بدفع رشوة إلى مسؤولين عن طباعة الأوراق النقدية في بعض الدول بين عامي 2002 و2012، اكتُشفت عام 2015. وأفادت المصادر بأن «كبانوتسيس» ظلت تزود «دار السكة» في الرباط بالأوراق والناسخات التي تطبع عليها النقود المالية وبعض الوثائق الرسمية، مثل جوازات السفر وغيرها منذ سنين طويلة. وأشارت إلى توقيف المسؤولين عن صفقات الاقتناء، إلى حين جلاء الحقيقة حول طبيعة المشكلة التي أثارت ردوداً ومخاوف في الأوساط المالية والاقتصادية في المغرب. ولفت محافظ «المركزي»، إلى عدم وجود «أية خطورة أو تأثير على طابعة الأوراق النقدية المغربية، لكننا نطالب الجهات السويسرية بمدنا بالمعلومات الكاملة لمعرفة حقيقة ما جرى، واتخاذ الإجراءات الاحترازية الضرورية». وتطبع «دار السكة» في المغرب التي أُنشأت مطلع ثمانينات القرن الماضي، نقود المملكة المغربية وعملات دول أخرى، ووثائق رسمية مختومة ذات حساسية أمنية كبيرة. يُذكر أن الشركة السويسرية كانت تطبع عدداً من النقود والعملات لحساب دول خارجية منذ العام 1950، باسم De LaRue Giori الإيطالية، ثم انتقلت ملكيتها عام 2001 إلى مؤسسة «كوينيغ أند باوير» الألمانية المتخصصة بالطباعة الراقية. وحافظت على اسم «نوتا» احتراماً للعائلة الإيطالية المنشئة للشركة، والتي تكاد تطبع معظم العملات الدولية بما فيها اليورو والدولار والين الياباني والفرنك السويسري والدرهم المغربي، وعملات عربية وآسيوية وأفريقية ولاتينية وغيرها. ويستعد المغرب لتحرير سعر صرف الدرهم في الأسواق المالية الدولية وفي المعاملات المصرفية والتجارية، في مسعى لإندماج أكبر في الاقتصاد العالمي واستقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية. وأوضح الجواهري أن «العملية ستبدأ قريباً وفي شكل تدريجي بالاستفادة من تجارب دول أخرى في مصر وتركيا وأميركا اللاتينية». وقال: «لكننا في وضع أفضل ومن دون ضغط من صندوق النقد الدولي أو أية جهة أخرى، وبسيادة وإرادة كاملتين نقوم بتحرير صرف الدرهم». واعتبر أن الوضع المالي والاقتصادي والاحتياط النقدي «يسمح بتحرير تدريجي للعملة والانتقال من نظام الصرف المسعر إلى نظام الصرف المرن المفتوح، في إطار عولمة إضافية للاقتصاد المغربي المتوقع نموه بنسبة 4.4 في المئة هذه السنة».