تجاوز العجز التجاري المغربي قيمة 21 بليون دولار عام 2012 بزيادة نسبتها 10.5 في المئة، وهو أعلى مستوى من العجز الذي تسجله المبادلات الخارجية للمغرب، المتضررة من تراجع الطلب داخل أسواق الاتحاد الأوروبي، وتداعيات الربيع العربي في منطقة شمال أفريقيا. ويُضاف إلى هذه العوامل، ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الأولية، ولجوء المغرب إلى تكثيف مشتريات المنتجات الزراعية بسبب ضعف المحصول المحلي نتيجة الجفاف». وأفاد تقرير مكتب الصرف المشرف على العملات والتجارة الخارجية، بأن الرباط «استوردت سلعاً بقيمة 349 بليون درهم في الشهور ال 11 الأولى من العام الماضي بزيادة نسبتها 8 في المئة. بينما صدّرت بقيمة 170 بليون درهم بزيادة 5.5 في المئة. وتراجع معدل التغطية إلى 48 في المئة من أصل 49 في المئة قبل عام. وللمرة الأولى منذ ثلاثة عقود، يتجاوز حساب عجز التجارة الخارجية، مجموع قيمة الصادرات بفارق يزيد على بليون دولار. وبلغت قيمة المبادلات مع الخارج 772 بليون درهم (نحو 92 بليون دولار) بارتفاع نسبته 6 في المئة». وكشفت الإحصاءات، أن عائدات السياحة وتحويلات المغتربين «بلغت 105 بليون درهم (12.5 بليون دولار) بانخفاض 4 في المئة. وقُدرت الاستثمارات الخارجية ب 27 بليون درهم (نحو 3.2 بليون دولار)». ولم تكفِ هذه الموارد لتعويض فارق حساب المدفوعات الخارجية المقومة بالعملات الصعبة، ما أدى إلى استخدام جزء من الاحتياط النقدي الاستراتيجي الذي تراجع بدوره إلى نحو 16 بليون دولار، ما دفع الحكومة إلى الاقتراض من السوق المالية الدولية بقيمة 1.5 بليون دولار، لتغطية جزء من نقص السيولة النقدية، وإعادة تشكيل الاحتياط الذي بات يكفي أربعة أشهر من قيمة الواردات. وأشار تقرير المكتب، إلى أن تسديد مستحقات الديون الخارجية الخاصة بلغ 2.3 بليون درهم (273 مليون دولار) العام الماضي، ولم تتجاوز القيمة 975 مليون درهم عام 2011، ما يمكن أن يطرح معه مشكلة الديون الخارجية على المدى المتوسط إذ باتت تقدر بنحو 23 بليون دولار. ويمثل عجز حساب المدفوعات الخارجية وضعاً مقلقاً للمالية العامة للدولة، بسبب الحاجة الملحة إلى مزيد من العملات الصعبة. في وقت تسجل الصادرات المغربية تراجعاً داخل الأسواق الأوروبية التقليدية، وبطئاً في إيجاد بدائل في مناطق أخرى في الشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا الجنوبية وآسيا، نتيجة اختلاف المواصفات والأذواق. وتبادلت وسائل الإعلام والبرلمان الانتقاد حول تحديد المسؤولية عن تدهور الميزان التجاري، الذي كان حتى عام 2007 يسجل فائضاً في الموارد وارتفاعاً في العائدات والتحويلات الخارجية. ولم تستبعد مصادر، أن يبلغ العجز في السيولة النقدية المصرفية 80 بليون درهم (نحو 10 بلايين دولار) في الربع الأول من هذه السنة، من أصل 73 بليوناً في الربع الأخير من العام الماضي، بسبب استعمال جزء من العملات الصعبة في تسديد مشتريات الطاقة والمواد الأولية في السوق الدولية. ولمعالجة المشكلة، سمح المصرف المركزي بتقليص الاحتياط الإلزامي إلى 4 في المئة في محاولة لزيادة الودائع المصرفية، المتأثرة بخروج أموال من المغرب استنزفت السيولة من العملات الصعبة. وتراهن الرباط على تلقي نحو بليوني دولار من دول الخليج العربي هذه السنة، في إطار تفعيل اتفاق التعاون الاستراتيجي المشترك، الذي يسمح للمغرب بالحصول على خمسة بلايين دولار على مدى خمس سنوات، للمساعدة على معالجة بعض الخلل المالي والمساهمة في تسريع وتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.