حصلت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على تفويض برلماني بإطلاق إجراءات الطلاق مع الاتحاد الأوروبي وبدء محادثات تستمر سنتين مع الاتحاد، تحدد مستقبل بريطانيا وأوروبا معاً. وتصدت ماي التي تولت رئاسة الوزراء في أعقاب تصويت الناخبين البريطانيين في استفتاء لمصلحة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي في حزيران (يونيو) الماضي، لمحاولات في مجلسي العموم واللوردات لإضافة شروط للتشريع الذي يمنحها صلاحية بدء إجراءات الانفصال. وأيد المجلسان مشروع قانون «بريكزيت» (الانفصال) ولم يعد أمام ماي سوى الحصول على موافقة رمزية من الملكة إليزابيث، لتبدأ ما قد يصبح أعقد مفاوضات تخوضها بريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية. غير أن ماي لم تذكر حتى الآن متى ستبدأ تلك العملية لتنهي تسعة أشهر من القلق حول نهج حكومتها في مسألة الخروج من الاتحاد الأوروبي التي ليس لها سابقة. وقال ديفيد ديفيز الوزير المكلف بشؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، عقب موافقة البرلمان على التشريع الإثنين: «نحن الآن على أعتاب أهم مفاوضات تشهدها بلادنا منذ جيل». وأضاف: «لدينا خطة لبناء بريطانيا عالمية والاستفادة من موقعها الجديد في العالم بصياغة روابط تجارية جديدة». وكاد موعد تقديم بريطانيا طلب تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة الأوروبية وبدء إجراءات «الطلاق» يطغى على تعقيدات جديدة في طريق المحادثات تتمثل في طلب اسكتلندا إجراء استفتاء جديد على استقلالها ودعوة أكبر أحزاب إرلندا الشمالية إلى استفتاء حول الانفصال عن بريطانيا. وألمح الناطق باسم رئيسة الوزراء إلى أن العملية ستبدأ قرب نهاية الشهر، غير أنه بغض النظر عن الموعد سيتعين على الحكومة الموازنة بين مطالب متعارضة خلال فترة السنتين المنصوص عليها في المادة 50 والتي تنص على الاتفاق على شروط الانفصال وفي الوقت نفسه «أخذ إطار العلاقة المستقبلية مع الاتحاد في الاعتبار». ولم تكشف ماي عن شيء يذكر من استراتيجيتها لكن لديها قائمة رغبات طويلة إذ تريد الفوز باتفاق للتجارة الحرة ومواصلة التعاون الأمني واستعادة السيطرة في ما يتعلق بالهجرة واستعادة السيادة على القوانين البريطانية. وقال الاتحاد الأوروبي إن مطالبها ترقى إلى حد الجمع بين كل الجوانب الإيجابية وترك الجوانب السلبية، كما أن حكومة ماي نفسها تعترف بجرأة هذا الموقف المبدئي. وفي حين أن الحكومة أشارت إلى مجالات لقبول تنازلات فيها وتحرص على تذكير قادة الاتحاد الأوروبي بفوائد التعاون، فإن الحكومة البريطانية تتأهب لاحتمال الخروج من الاتحاد دون التوصل إلى اتفاق. وأوردت صحيفة «تايمز» أن رئيسة الوزراء البريطانية تستعد لرفض مطالبة نيكولا ستيرجن رئيسة وزراء اسكتلندا بإجراء استفتاء على الاستقلال، عشية خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. ونقلت الصحيفة عن مصدر في الحكومة البريطانية قوله: «قالت رئيسة الوزراء إن هذا سيعني تصويتاً وهي تتفاوض على الخروج وأعتقد أن ذلك سيتخذ كرسالة واضحة. هذا التوقيت غير مقبول تماماً.» ونقلت الصحيفة عن حليف لماي قوله أن رئيسة الوزراء مستعدة لتكون أكثر وضوحاً في الأسابيع المقبلة لتقول إن الاستعداد لاستفتاء على استقلال اسكتلندا من شأنه أن يقوض الموقف التفاوضي لبريطانيا مع باقي الاتحاد الأوروبي.