حاولت إسرائيل فرض «فيتو» على اتفاق المصالحة الوطنية الفلسطينية، وقالت إنه لا يزال أمام الرئيس محمود عباس الوقت للتراجع عن الاتفاق مع حركة «حماس» في مقابل الدخول في مفاوضات سلام «حقيقية»، في وقت أكد الرئيس الفلسطيني للمبعوث الأميركي مارتن أنديك أن اتفاق المصالحة مسألة داخلية، وأن الحكومة ستكون حكومة تكنوقراط وتتبنى برنامجه. (راجع ص 3) وشهد أمس تبادلاً للاتهامات والتهديدات بين السلطة الفلسطينية والحكومة في إسرائيل حيث تراوحت ردود الفعل بين الغضب و»الهستيريا» على اتفاق المصالحة، وبين التشكيك بصموده على اعتبار أن «الشيطان في التفاصيل». وفيما أعلنت الحكومة أنها ستوقف عملية السلام، وسترد على الخطوات الفلسطينية الأحادية الجانب بسلسلة من الإجراءات»، قال رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو لشبكة التلفزة الأميركية «إن بي سي»: «اعتقد أن ما حدث هو نكسة عظيمة للسلام»، معتبرة أن عباس «قام بخطوة عملاقة إلى الوراء وأبرم اتفاقاً مع حماس، المنظمة الإرهابية التي تدعو إلى تدمير إسرائيل». وأضاف: «لن أتفاوض أبداً مع حكومة فلسطينية تدعمها منظمات إرهابية مكرسة لتدميرنا... لا يزال لديه (عباس) الفرصة لتغيير المسار... والتخلي عن هذا الاتفاق. آمل في أن يفعل ذلك لأننا إذا وجدنا أمامنا حكومة فلسطينية مستعدة لخوض مفاوضات سلام حقيقية، فسنكون هناك». وما لبث كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أن أعلن أن القيادة الفلسطينية ستدرس «كل الخيارات» للرد على قرار إسرائيل وقف مفاوضات. وقال لوكالة «فرانس برس» إن «أولوية الشعب الفلسطيني الآن هي المصالحة ووحدتنا الوطنية». في السياق نفسه، نقل مسؤول فلسطيني رفيع عن الرئيس الفلسطيني قوله لأنديك خلال اجتماع مطول بينهما استمر 4 ساعات في رام الله، إن اتفاق المصالحة هو اتفاق داخلي ينص على تشكيل حكومة كفاءات برئاسته، وإن برنامج الحكومة هو برنامج الرئيس نفسه، محملاً إسرائيل مسؤولية انهيار المفاوضات. وأضاف أن عباس أبلغ أنديك أيضاً شروطه لتمديد المفاوضات، وهي إطلاق الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل اتفاق أوسلو، وتجميد الاستيطان أو على الأقل القيام بإعادة الانتشار الثالثة التي تمكن السلطة من توسيع نفوذها في المنطقة «ج» الخاضعة للاحتلال، والتي تشكل أكثر من 60 في المئة من الضفة الغربية. وأوضحت أن أنديك سيحمل هذه المطالب إلى إسرائيل، وسيأتي بإجابات عليها. في هذه الأثناء، توالت ردود الفعل العربية والدولية على اتفاق المصالحة، وفيما رحب بها كل من مصر وتونس وقطر وتركيا والصين، أعلنت واشنطن أن «أي حكومة فلسطينية يجب أن تلتزم من دون غموض وبوضوح نبذ العنف، والاعتراف بإسرائيل، وقبول الاتفاقات السابقة والتزامات الطرفين في المفاوضات»، في إشارة إلى الشروط التي وضعتها اللجنة الرباعية الدولية. وأضافت: «سنقوّم الحكومة الجديدة اعتماداً على التزامها هذه الشروط... وسنحدد أي انعكاسات على مساعدتنا (للسلطة) حسب القانون الأميركي». كما رحب الاتحاد الأوروبي بالمصالحة وبإجراء الانتخابات، لافتاً إلى أن الأولوية هي مواصلة المفاوضات، في حين أعلنت فرنسا استعدادها العمل مع حكومة وحدة فلسطينية إذا رفضت اللجوء إلى العنف ودعمت عملية السلام. فلسطينياً، رحبت الفصائل بالمصالحة، في وقت أعلن رئيس وفد منظمة التحرير، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عزام الأحمد أولى ثمارها، مشيراً إلى أن عباس سيقوم بزيارة لغزة قريباً، وأن مصر ستفتح معبر رفح الحدودي بشكل كامل فور إعلان تشكيل حكومة التوافق. ومن كواليس محادثات المصالحة، علمت «الحياة» من مصادر شاركت في جلسات الحوار أن الأحمد «قدم تنازلات أكبر من تلك التي تضمنتها الخطوط العامة لمطالب فتح وعباس»، وأنه خلافاً للشائع، فإن الأحمد والقيادي في «حماس» محمود الزهار «لعبا الدور الأبرز في التوصل السريع إلى الاتفاق»، مضيفة أن الزهار «كان يكتب بنود الاتفاق ويضع الصيغ المقترحة والتعديلات عليها، وساهم... في تذليل بعض العقبات»، وأن الاتفاق لم يأتِ على ذكر ملف الأمن، ما يعني استمرار الوضع على ما هو عليه في الضفة وقطاع غزة، أي بقاء الأجهزة الأمنية التابعة للطرفين على حالها.