تحولت احتجاجات على «غلاء المعيشة» إلى أعمال عنف ومواجهات مع الشرطة شرق العاصمة الجزائرية أمس، ما أسفر عن سقوط 62 جريحاً بحلول ساعات المساء، مع فشل عناصر مكافحة الشغب في تفريق المحتجين. وفاقم الوضع استخدام الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع، إذ توزع المحتجون على قانون للموازنة بدأ تطبيقه بحلول العام الجديد، على تظاهرات عدة جابت وسط مدينة بجاية (250 كيلومتراً شرق العاصمة) وبلدات في محيطها، خصوصاً أقبو وسيدي عيش. وأغلقت قوات مكافحة الشغب المنافذ إلى المحافظة تحسباً لتدفق مزيد من المتظاهرين، فيما أبلغ مصدر مأذون «الحياة» بأن المواجهات أسفرت عن 23 جريحاً في صفوف المحتجين، في مقابل 39 في صفوف الشرطة. ونفّذ تجار في بجاية وبومرداس والبويرة (منطقة القبائل) إضراباً عن العمل أمس، استجابةً لدعوات مجهولة المصدر حرضت على رفض قانون الموازنة الذي تضمن زيادات كبيرة في أسعار السلع والخدمات. ولاحظ شهود أن بداية الاحتجاج كانت سلمية، فيما اكتفى التجار بإغلاق محالهم، لكن التوتر خيم على الوضع مع محاولة تفريق المحتجين. وكانت نسبة الاستجابة للإضراب أكبر في محافظة بجاية وبلداتها، خصوصاً في سيدي عيش وأقبو، وبدرجة أقل في ولاية البويرة (120 كيلومتراً غرب العاصمة)، فيما لقي الإضراب بعض التجاوب في محافظة بومرداس شرق العاصمة، خصوصاً في بلدة برج منايل. وكان لافتاً أن الإضراب سجل إقبالاً ضعيفاً كاد يكون معدوماً، في عاصمة منطقة القبائل «تيزي وزو»، على رغم أن الدعوات الأولى للاحتجاج بدأت منها قبل أسبوع تقريباً إثر خلاف بين تجار ومسؤولين محليين. وبحلول منتصف النهار، سار عشرات الشبان في وسط مدينة بجاية، وسرعان ما التحق بهم مئات رفعوا شعارات مناهضة للقانون المالي، إلا أن الأحداث اتخذت منحىً خطراً مع بدء المحتجين إشعال عجلات المطاط قبل أن يضرموا النار في حافلة للنقل العام، ما اقتضى استدعاء قوات كبيرة لمكافحة الشغب. وروى شاهد ل «الحياة» أن الشرطة «استخدمت قنابل مسيلة للدموع وتمكنت من تفريق المتظاهرين» بداية، لكن شوارع عدة في بجاية شهدت مطاردات وتراشقاً بالحجارة وأدوات حادة، ما ألحق خسائر جسيمة بممتلكات، وأدى إلى تدمير عدد كبير من السيارات. وتدخلت فرق مكافحة الشغب التابعة لجهاز الدرك لتتحول المواجهات عنيفة من دون أن تسجل خسائر في الأرواح، كما أفادت معطيات أولية. وأفاد مصدر محلي بأن شباناً من تنظيم «حركة الحكم الذاتي في منطقة القبائل» التحقوا بالاحتجاجات. وأحاطت قوات مكافحة الشغب المدينة بطوق أمني مشدد منع وصول شبان من بقية البلدات. وشكلت بجاية استثناءً في منطقة القبائل، بما أن بلدات البويرة ظلت هادئة. وتُعدّ منطقة القبائل ذات حساسية سياسية تاريخية، وهي تشهد عادةً اضطرابات بفعل احتجاجات تتعلق أحياناً بمسائل الهوية (الأمازيغية) أو بمسائل تتعلق بالتنمية، ويمثل المنطقة حزبان معارضان هما: «جبهة القوى الاشتراكية» و «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» (الأول مشارك في البرلمان وصوّت ضد قانون الموازنة).