{ قال السفير السعودي لدى قطر عبدالله العيفان إن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى قطر «استثنائية، بالنظر إلى المستوى المميز الذي بلغته العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك»، مشيراً إلى أن العلاقات بين البلدين «محل فخر، وأن التنسيق كبير في ملفات المنطقة، خصوصاً سورية واليمن وقضايا الطاقة». وأكد العيفان في حوار مع «الحياة» أن المحادثات التي يجريها خادم الحرمين وأمير قطر في الدوحة «ستكون مُنطلقاً مهماً لدعم الجهد الحثيث المبذول لترسيخ أسس أقوى من العمل المشترك في إطار مجلس التعاون». ولفت إلى أن المملكة تقود مع دول الخليج مسيرة لحماية الدول العربية من الأطماع الإيرانية التي «لم تراعِ حسن الجوار»، فإلى الحوار: كيف ترى مستوى العلاقات السعودية - القطرية اليوم في ظل التطورات في المنطقة؟ - يعلم الجميع أن العلاقات الثنائية القائمة بين المملكة وقطر هي علاقات قديمة راسخة، تقوم في أصلها وجوهرها على ركائز ثابتة، وأنها علاقات تتجاوز أواصر الجوار والقربى والمصالح المشتركة، لتوصف حقاً بأنها علاقة مصير مشترك. وفي المرحلة الراهنة أفخر بالمستوى المميز الذي بلغته علاقات بلدينا وشعبينا الشقيقين في كل المجالات وعلى المستويات كافة، وهذا في واقع الأمر شيء متوقع في ظل الاهتمام والرعاية الكبيرين من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وأخيه الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اللذين عملا على رعاية وتطوير هذه العلاقات في مختلف المراحل، ومنذ أن كانا يتوليان منصب ولاية العهد في البلدين. أما على صعيد الدور الذي يلعبه البلدان تجاه القضايا الإسلامية والعربية، فلا شك في أن الجميع يرى بوضوح مدى التنسيق الوثيق والمواقف المشتركة للبلدين بشأن العديد من القضايا، ومع أن الدلائل على ذلك كثيرة إلا أن أبرز ما تمكن الإشارة إليه في هذا الإطار هو العمل المشترك من البلدين في إطار تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة، وتنسيق المواقف في ما يتعلق بالقضية السورية، وبالجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار المنشود في أسواق النفط، وأستطيع أقول إن المقبل في مستوى العلاقات أفضل، وأن التعاون والتنسيق بين البلدين سيشهد نماء وتطوراً. تكتسب زيارة خادم الحرمين لقطر أهمية كبيرة، وتدفع بالعلاقات إلى مجالات أكبر، ما تعليقكم على هذا اللقاء الخليجي؟ - دعني أبدأ بالقول إنها لسعادة بالغة أن نَشرُف بحضور خادم الحرمين الشريفين ضيفاً على أخيه الشيخ تميم بن حمد في بلده الثاني، وأود أن أنتهز هذا اللقاء لأعرب عن الترحيب بمقامه والوفد المُرافق أصالة عن نفسي ونيابة عن زملائي منسوبي السفارة وكل المقيمين السعوديين في قطر أو الزائرين لها. وأتفق معك حول أهمية هذه الزيارة، وأقول إنها زيارة استثنائية بالنظر إلى المستوى المميز الذي بلغته العلاقات الثنائية والتنسيق والتعاون الوثيق القائم في إطارها، استثنائية بحجم المخاطر والتحديات التي تمر بها المنطقة، استثنائية بقامة ملك الحزم والعزم الذي يعمل من دون كلل لتعزيز العلاقات بين دولنا الخليجية، ويحمل لواء الدفاع عنها والذود عن أمن واستقرار منطقتنا العربية من المخططات والأطماع المعادية. وإني على ثقة بأن العلاقات الوثيقة التي تربط بين البلدين الشقيقين، وما يتمتع به خادم الحرمين الشريفين وأمير قطر من حكمة ودراية، ستكون خير ضامن لنجاح هذه الزيارة وتحقيقها لآمال وتطلعات أبناء البلدين الشقيقين من خلال تعزيز أواصر التعاون في مختلف جوانب العلاقات الثنائية. القمة الخليجية ستعقد في المنامة في وقت صمد مجلس التعاون فيه أمام التوترات الإقليمية، كيف ترى أهميتها في هذا التوقيت؟ - بفضل من الله ثم بفضل الرؤية الحكيمة والعمل الجاد لقادة دولنا نجح مجلس التعاون لدول الخليج العربي في مواجهة الكثير من التحديات والأزمات التي مرت بالمنطقة، كما قطع المجلس خطوات كبيرة في طريق تعزيز التعاون والتكامل بين الدول الأعضاء. ومع القناعة التامة بأهمية ما حقق المجلس من إنجازات في مجالات متفرقة إلا أن ما تواجهه دولنا من تحديات، وما يجمع دولنا وشعوبنا من أواصر، وما يختلج في أنفس قادتنا ومواطنينا من آمال وطموحات يدفع للنظر بأمل كبير إلى قمة المنامة، تطلعاً إلى مزيد من القرارات الملبية لهذه الطموحات. هناك حديث عن إقرار مشروع الاتحاد الخليجي قريباً بعد دعوة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، كيف تنظرون إلى مشروع الاتحاد في الوقت الذي تعاني فيه المنطقة من فوضى سياسية وأمنية؟ - في خضم التحديات الراهنة التي تواجهها المملكة ودول مجلس التعاون، أقول بكل ثقة إن التضحية، والعمل المخلص الجاد، ووحدة الكلمة، هي مصدر القوة وأسس تحقيق كل نجاح وإنجاز. ولا شك في أن المملكة تقود مسيرة مع دول الخليج لتحقيق كل ما يوحدها ويخدم مصالحها ويرعى شعوبها ويحمي أراضيها من المؤامرات والتدخلات، ولا سيما من إيران التي - للأسف - لا تضمر لنا خيراً، ولم ترعَ روابط حسن الجوار، وتسعى إلى تنفيذ مخططاتها العدائية لدولنا الخليجية، والتي تستهدف أمننا العربي على وجه العموم. وأعتقد جازماً أن ما سيجري من محادثات بين خادم الحرمين وأمير قطر سيكون مُنطلقاً مهماً لدعم الجهد الحثيث المبذول لترسيخ أسس أقوى من العمل المشترك في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربي. ماذا عن رؤيتكم تجاه الدور السعودي في اليمن بعد عاصفة الحزم، وقطر أيضاً مساندة للتحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن؟ - عمليتا «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل» جاءتا انعطافة مهمة في تاريخنا العربي والإسلامي المعاصر، فبقدر كونها ترجمت ورسخت عدداً من المبادئ النبيلة التي نفخر جميعاً بأنها جزء مهم من معتقداتنا وموروثنا وسياساتنا، فهي وقفة أخوية لنجدة وإغاثة بلد جار وشعب مكلوم وقيادة شرعية استنجدت لوقف العبث بأمن ومقدرات اليمن، والحفاظ على شرعيته ووحدته الوطنية وسلامته الإقليمية واستقلاله وسيادته. وكان الأمر بانطلاق عمليات «عاصفة الحزم» قراراً تاريخياً للملك سلمان، ذا مضامين استراتيجية مهمة، فهو قرار يهدف إلى خدمة دولنا وقضايانا الإسلامية والعربية، كما يترجم حكمة ورؤية ثاقبة لخادم الحرمين وإخوته قادة الدول المشاركة في هذه العمليات في التعامل مع التحديات والتهديدات المباشرة التي مثّلتها الميليشيات الحوثية والقوى المحلية المتواطئة معها بدعم وتحريض من إيران التي تسعى إلى تحقيق أطماعها ومخططاتها العدائية لدولنا العربية من دون اكتراث بأمن ومصالح اليمن وشعبه الشقيق. أما بالنسبة لمشاركة قطر ضمن التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن فهي تعكس القناعة بوحدة الموقف والمصير المشترك مع المملكة وبقية دول مجلس التعاون، ولا شك في أن هذه المشاركة العسكرية في التحالف تأتي متكاملة مع بقية جوانب المسعى القطري سياسياً واقتصادياً وإنسانياً لدعم الحكومة الشرعية في اليمن. هناك شركات سعودية تعمل في تنفيذ الرؤية الاقتصادية الواعدة في الدوحة، هل أنتم راضون عن حجم هذا التعاون الاقتصادي؟ - من المعلوم أن العلاقات الاقتصادية بين بلدينا تحظى باهتمام كبير على المستوى الرسمي، إذ يجري العمل خلال اللقاءات والاتصالات الثنائية على مناقشة هذه العلاقات وتأطيرها رسمياً، كما تحظى هذه العلاقات وفي مسار موازٍ باهتمام مجلس رجال الأعمال السعودي - القطري المشترك، ليكون بمثابة قناة للتواصل المباشر بين رجال الأعمال لتحقيق أفضل أوجه التعاون لتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية والاستثمارية، ولإيجاد الحلول لما قد يطرأ من صعوبات أو عقبات، وتحقق ولله الحمد الكثير في هذا الإطار، إذ بلغ حجم التبادل التجاري عام 2015 بين المملكة وقطر ما قيمته حوالى 7 بلايين ريال، منها 1.8 بليون ريال لمصلحة قطر، و5.1 بليون ريال لمصلحة المملكة. كما نجد الكثير من المشاريع تنفذها شركات البلدين لدى بعضهما البعض، فهناك 315 شركة بملكية كاملة للجانب السعودي تعمل بالسوق القطرية، إضافة إلى 303 شركات مشتركة يعمل فيها رأس المال السعودي والقطري برأسمال مشترك يبلغ نحو 1.2 بليون ريال. ولا شك في أن العمل متواصل لمزيد من التعاون بين رجال الأعمال في البلدين، ولتذليل أي عقبات قد تواجه استثماراتهم، وذلك عبر الاجتماعات المتواصلة لمجلس الأعمال السعودي - القطري المشترك، ولعل مما يستحق الذكر في هذا الخصوص أن الرياض استضافت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2016 معرض «صنع في قطر»، وكذلك منتدى أعمال قطري - سعودي لمناقشة سبل زيادة الاستثمارات بين البلدين. كم عدد السعوديين الزائرين للدوحة سنوياً، وعدد المقيمين من طلبة مبتعثين وعاملين في قطر؟ - هناك ركائز قوية تستند إليها علاقات البلدين، وتشير المعلومات المتاحة إلى وجود أكثر من 17 ألف مواطن سعودي يقيمون في دولة قطر، إلى جانب ذلك كان للقفزات التنموية الهائلة التي شهدتها دولة قطر دور كبير في تبوؤها مكانة مهمة ضمن المقاصد السياحية في المنطقة الأمر الذي أسهم بشكل مطرد في زيادة عدد الزائرين السعوديين إلى دولة قطر، وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن السعوديين قد جاؤوا كأكثر الجنسيات مساهمة في نمو القادمين إلى قطر خلال الفترة 2010 – 2015 بنسبة 42 في المئة من إجمالي عدد القادمين، وخلال العام الماضي 2015 بلغ عدد الزائرين من المملكة إلى قطر855 ألف زائر.