لف الغموض حتى مساء اليوم، مصير السفير الأردني المختطف في ليبيا فواز العيطان، فيما أعادت الحكومة الأردنية التأكيد على تحميلها الخاطفين مسؤولية سلامة سفيرها، تزامناً مع اجتماع طارئ دعت إليه قبيلة بني حسن (كبرى القبائل الأردنية) التي يتحدر منها العطيان، والتي طالبت الحكم في الأردن اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة للإفراج عن ابنها. وقال الناطق باسم الحكومة الأردنية، الوزير محمد المومني ل"الحياة" إنه "لم تجري أي اتصالات مباشرة أو غير مباشرة بيننا وبين الجهة الخاطفة حتى مساء اليوم". وأضاف: "حتى الآن لا تتوفر لدينا أي معلومات في خصوص الجهة الخاطفة أو دوافعها، لكن أجهزة الدولة في حال انعقاد متواصل منذ حادثة الاختطاف، واتصالاتنا لا تنقطع مع الحكومة الليبية، ونأمل إنهاء الملف في أقرب وقت". وفي الغضون، قال مصدر حكومي مطلع ل"الحياة" أن "هناك اتصالات تبذلها السلطات الليبية مع الخاطفين"، من دون إعطاء تفاصيل. ورفض المصدر الإجابة على أسئلة "الحياة" حول ما أشيع عن أن مطالب الخاطفين تتمثل في إفراج المملكة عن أحد قادة تنظيم القاعدة، وهو ليبي الجنسية، لمقايضته بالسفير العيطان. وكان مسؤول أمني ليبي قال لوكالة "رويترز" أمس الثلثاء إن "الخاطفين طالبوا خلال اتصال هاتفي عبر جهاز السفير نفسه، بالإفراج عن سجين ليبي يقضي عقوبة السجن المؤبد في الأردن"، وهو محمد سعيد الدرسي، الشهير ب"أبو عزام الليبي"، والمدان منذ 2006 بالتخطيط لتفجير مطار الملكة علياء الدولي في عمان، والانضمام لتنظيم القاعدة. وكان جهاز المخابرات الأردنية قد اعتقل الدرسي في نيسان (إبريل) 2006، إضافة إلى مواطنين عراقيين في منطقة جبل الحسين (وسط عمان)، ووجه إليه إضافة إلى 3 عراقيين وسعودي -اعتبروا فارين من وجه العدالة- تهمة "الضلوع في مؤامرة ارهابية تفضي إلى تفجير مطار الملكة علياء الدولي" وهو المطار الأكبر في الأردن. ووجهت المخابرات الأردنية لائحة اتهام طويلة إلى الدرسي (27 سنة)، جاء فيها إن هذا الأخير "جهز حقيبة تحتوي على 3.6 كلغم من المتفجرات، وقام بإخفائها في ألعاب للأطفال، بهدف تفجير مطار الملكة علياء الدولي". وأصدرت محكمة عسكرية أردنية حكما "بوضع الدرسي في السجن المؤبد، بعد أدانته بتهم المؤامرة بقصد القيام بأعمال ارهابية، وحيازة مواد مفرقعة من دون ترخيص قانوني بقصد استعمالها على وجه غير مشروع". وقال مصدر أمني أردني ل"الحياة" إن "الدرسي يقبع حاليا في سجن الموقر الصحراوي شديد الحراسة (جنوبعمان)، والذي يحوي عددا قادة التيار السلفي الجهادي (تيار قريب من تنظيم القاعد)"، ومن هؤلاء الداعية الإسلامي عمر عثمان الشهير ب"أبو قتادة". وقال القيادي باسم التيار الجهادي الأردني محمد الشلبي، الشهير ب"أبو سياف"، إن "الدرسي يعاني أمراضا صحية مزمنة داخل السجن، وتم استئصال ثلثي معدته بسبب بمرض ما، وسبق أن اشترك بإضراب عن الطعام قبل شهرين زاد من سوء حالته الصحية". وأضاف أن "الدرسي له 3 أشقاء قتلوا أثناء الثورة على نظام العقيد الليبي معمر القذافي عام 2011". وفي السياق، أصدرت لجنة الدفاع عن المعتقلين الإسلاميين في الأردن بيانا اليوم، قالت فيه إن "السجون الأردنية أصبحت مدارس لتعليم التعذيب والتنكيل بالمساجين، وهذا ما دفع مجموعة مسلحة إلى اختطاف السفير الأردني في ليبيا". وأضاف البيان أن "السلطات الأردنية ترفض الإفراج عن الدرسي، رغم تردي أوضاعه الصحية، كما تمنع عنه الزيارات أو الاتصال بذويه". وقال رئيس اللجنة محمد خلف الحديد إن "الدرسي كان نقل إلى مستشفى التوتنجي في مدينة سحاب (جنوبعمان) ويعاني وضعا صحيا خطيرا، وقد أجريت له عدة عمليات ،وتم استئصال أجزاء من أمعائه، ولا يزال في زنزانة انفرادية داخل سجن الموقر". وفي سياق متصل، عقدت قبيلة بني حسن التي يتحدر منها العيطان اجتماعا حاشدا اليوم في مدينة المفرق (شمال شرق عمان)، لبحث حادثة اختطاف ولدها. وفي حين طالب مجتمعون الحكومة الأردنية بإجراءات سريعة وحاسمة لإخلاء سبيل العيطان، اعتبر آخرون أن الإجراءات الأمنية التي كانت تحيط السفير لم تكن كافية. وقال عمران العيطان، ابن شقيق السفير المختطف، إن منزل الأخير في عمان تعرض قبل نحو شهرين للاقتحام، وإن العملية استهدفت التخريب لا السرقة، مضيفا أن العائلة تشبه بوقوف أشخاص ليبيين خلف الحادثة. وقال محمد العيطان، شقيق السفير، على هامش الاجتماع إن "القبيلة تريد إجراءات حاسمة وفورية من الحكومة، لإنهاء هذا الملف". وأضاف "تلقينا اتصالات عديدة من الملك عبد الله الثاني، الذي أكد لنا مواصلة الجهود الهادفة للإفراج عن فواز، وما زلنا ننتظر أخبارا تريح قلوبنا". ورفضت زوجة السفير المقيمة في ليبيا التعليق على حادثة الاختطاف لوكالة "فرانس برس". وكان السفير الأردني خطف صباح الثلاثاء من وسط طرابلس على ايدي رجال ملثمين. ولم تتبن اي جهة مسؤولية عملية الخطف لكن مصادر ليبية لم تستبعد ان تكون عملية خطف العيطان على صلة بمطلب الافراج عن الجهادي الليبي محمد الدرسي المسجون في الاردن. ودانت الداخلية الليبية الاربعاء عملية الخطف مؤكدة ان اجهزتها في حال تأهب لملاحقة الخاطفين واحالتهم على القضاء. ومنذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، تستهدف البعثات الدبلوماسية باستمرار بهجمات او عمليات خطف.