طرق الإعلامي المصري يوسف الحسيني، المذيع في قناة «أون تي في» الفضائية، باب الصحافة الاستقصائية التلفزيونية من خلال إنتاج فردي مستقل لفيلم «التنظيم»، الذي تتبّع من خلاله نشأة «التنظيم الدولي للإخوان المسلمين». وعلى رغم أن إنتاج الأفلام الوثائقية والاستقصائية في الإعلام المصري حديث العهد وتولته قنوات عربية قليلة من دون أن يحظى بالمقدار ذاته من الاهتمام، كما هي الحال في الغرب، إلا أن الحسيني واتته الجرأة ليخوض غمار التجربة منفرداً ومتحملاً الكلفة الإنتاجية. استعان الفيلم الوثائقي بالبحث والأدلة، إضافة إلى التحليل وتقديم شهادات موثقة من أطراف أبرزها أندرو غليغان، الصحافي في صحيفة «صنداي تليغراف» البريطانية، والدكتور محمد حبيب، النائب السابق لمرشد جماعة «الإخوان» المسلمين في مصر، وعبدالستار المليجي، عضو مجلس شورى جماعة «الإخوان» سابقاً، وكمال الهلباوي، الناطق السابق باسم جماعة «الإخوان» في الغرب، فضلاً عن رشاد علي زميل معهد الحوار الاستراتيجي في بريطانيا ومتخصص في مكافحة الإرهاب. تضمن الوثائقي تتبعاً ورصداً للمؤسسات والجمعيات وحتى وسائل الإعلام والقنوات الفضائية والمواقع الإخبارية التي تتبع التنظيم الدولي ل«الإخوان المسلمين» ويتم استخدامها للتأثير في الرأي العام. وخلال مؤتمر صحافي في القاهرة وفي حضور عدد من الشخصيات العامة، عرض الحسيني تجربته وخلفيات إنتاج هذا العمل وأهم محاوره. يقول الحسيني إن الفكرة راودته عقب إصدار الحكومة البريطانية تقريراً حول نشاطات جماعة «الإخوان» المسلمين وارتباطها بالأعمال الإرهابية، فقرر إنتاج هذا العمل الذي استغرق 4 أشهر لجمع المعلومات وبدأ تصويره في آذار (مارس) 2016 في لندن، وتستغرق مدته 120 دقيقة تتناول تاريخ تأسيس التنظيم الدولي ل»الإخوان المسلمين» وليس تاريخ تأسيس جماعة «الإخوان». وعن دافعه وراء إنتاج هذا الفيلم قال الحسيني: «جميعنا نتحدث عن التنظيم، لكن ليست لدينا معلومات كافية حوله، وهناك أجيال في المنطقة العربية لا تعرف كيف تأسس. ومن دوافع إنتاجي أيضاً لهذا العمل، أنه كان لديّ هم وطني في الأساس نظراً الى وجود مؤسسات صحافية في بريطانيا تتحيز في منتهى الحدة ضد مصر. هذه المؤسسات يفترض فيها المهنية، لكنها تتعامل بعدم الحيادية في ما يخص الشؤون المصرية، فكنت أريد أن أفهم لماذا هذا التحيز ضد مصر». وأضاف الحسيني: «أردت أن نشرح للعالم الغربي، وأردت أن أسن سنة حسنة وهي أن نخاطب العالم الغربي الذي لا يعرفنا ولا يفهمنا حتى الآن، فحاولت البحث والتوثيق والاستقصاء ومددت الخيوط على كامل امتدادها، فهناك خيوط وصلت بنا إلى العراق وأخرى إلى سورية والسودان وخيوط امتدت إلى قطر وأخرى الى أفغانستان». وعن محتوى الفيلم شرح الحسيني قائلاً: «هناك قسمان في الفيلم الوثائقي: القسم الأول عن نشأة التنظيم، والقسم الثاني يتناول الشبكات والمنظمات والهيئات والمواقع التي اكتشفنا أنها ليست إنكليزية ولكنها مملوكة لقيادات في التنظيم من دول عربية. وخلال عملنا على هذا الفيلم، اكتشفنا أن هناك شبكة عنكبوتية مذهلة ومخيفة لهذا التنظيم متمثلة في شخصيات وهيئات ومنظمات وجمعيات وشركات ومحطات تلفزيونية ومواقع إخبارية تمتد من لندن حتى العراق وسورية ولبنان والأردن والسودان واليمن وقطر، وتوصّلنا بالأدلة والإثبات والتوثيق عن تمويل التنظيم من قطر ومن مؤسسات مملوكة لأفراد في العائلة المالكة القطرية». وأكد الحسيني أنه وفريق العمل كانا حريصين على ترجمة الفيلم إلى الإنكليزية، «لأننا لا نقدمه لمصر والعالم العربي فحسب، بل للغرب أيضاً، فمن المهم أن يرى العالم الغربي الأسرار والأهداف الخطيرة لهذا التنظيم. وبما أن الغرب لا يفهم إلا المنطق، خاطبناه بلغته التي يفهمها». وأشار الحسيني إلى أنه على رغم أن الفيلم من إنتاجه المستقل، إلا أنه ابتعد تماماً من إبداء أي آراء شخصية، فقط وجهت الأسئلة وتلقيت الإجابات، وتتبعت هذا التنظيم في بريطانيا ودول أخرى، وكنت حريصاً على أن يخرج الفيلم في منتهى المهنية وبأكبر مقدار من الموضوعية، وعملت على استبعاد أي معلومات مشكوك في صحتها». وسئل لماذا اتجه الى هذا النمط من الأعمال الاستقصائية، فأجاب: «الفيلم محاولة لفرد وليس مؤسسة، ومن خلاله أردت أن ألفت نظر الجميع حول أهمية أن يكون لدينا نمط للتحقيقات الاستقصائية والتوثيقية، في إطار العمل المهني وتحري المصداقية والدقة الكاملة بعيداً من الأهواء الشخصية إذا أردنا إعلاماً يجبر الغرب على مشاهدته. لقد سئمنا من الخطاب المحلي، وآن الآوان أن نوجه خطابنا الى الخارج. ومن المزمع إنشاء شركة لإنتاج مثل هذا النوع من الأفلام الاستقصائية ليس مهمتها إنتاج أعمال وثائقية عن التنظيم فحسب، لكن نستهدف إنتاج وثائقيات أخرى سياسية واجتماعية».