عمان – سامي محاسنة أهم التدريبات: إثارة الجماهير.. تجنب المواجهات.. استخدام أدوات للضغط. إخوان الأردن طوَّروا هتافاتهم من «إصلاح» النظام إلى «إسقاطه» مركز «هوية» درَّب شباباً عراقيين يشاركون حالياً في تظاهرات الأنبار. مركزان أمريكيان وثلاثة ألمانية تعمل بدون ترخيص. تستهدف مراكز ومنظمات متخصصة في التدريب على الاحتجاج السلمي وإحداث التغيير السياسي إيجاد موطىء قدم لها في دول الخليج لتمارس فيها أنشطتَها، بعد أن نجحت في الانتشار في عدة دولٍ عربية، ومن بين هذه المراكز مركز «هوية» الموجود في الأردن. ويعترف مركز «هوية» بتدريب الشباب المنضوين في الحراك الشعبي الأردني على ثقافة الاحتجاج السلمي، كما يعترف بتدريبه شباباً عراقيين على هذا البرنامج، بحيث أصبحوا فاعلين في الثورة التي تعيشها حالياً محافظة الأنبار. ويعزز هذا الاعتراف ما يذهب إليه بعض الناشطين السياسيين في عمَّان من أنَّ ما اصطُلِحَ على تسميتها ب «ثورات الربيع العربي» ما هي إلا «مخطَّطٌ غربيٌّ لاستبدال النظام الرسمي العربي بنظم إسلامية لها ارتباطات بجماعة الإخوان المسلمين». وأصبحت الساحة الأردنية لأسبابٍ عديدة مركزاً لانطلاق بعض منظمات المجتمع المدني التي تدعم حقوق الإنسان والتغيير الديمقراطي. ومروراً بمركز «هوية» وأكاديمية التغيير، وصولاً إلى المنظمات الألمانية ومؤسَّسَتَي «ألبرت أينشاتين» و»فريدوم هاوس» الأمريكيتين؛ فإنَّ حالة الفعل التي يمارسها قادة الحراك الشعبي في الأردن من خلال الهتاف والتنظيم وعدم اللجوء إلى استخدام القوة والعنف في مواجهة رجال الأمن للوصول إلى هدفهم المتمثل في كسب ود وتعاطف الجماهير وتهييجها، تشير إلى تدريب هؤلاء الشباب على برامج علمية. تطوير الهتافات أحمد أبو خليل ويؤكد الباحث الأردني في علم الإنسان، أحمد أبوخليل، من خلال رصده للحراك الشعبي في الأردن تطور الهتاف في المسيرات والاعتصامات التي دأب الحراك على تنظيمها، حيث تمت عمليات تطوير واضحة تهدف إلى تثوير الجمهور وتأجيجهم من خلال أدوات وأساليب جديدة على الساحة الأردنية. من جانبه، يذهب مدير مركز الحياة لتنمية المجتمع المحلي، عامر بني عامر، إلى ما ذهب إليه أبوخليل، لكنه يوجِّهُ تهماً صريحةً وواضحةً لبعض مراكز التدريب التابعة لثلاث منظمات ألمانية عاملة في الأردن بالوقوف وراء مثل هذه البرامج والعمل بطرق مشبوهة تحت مظلة حقوق الإنسان. في السياق نفسه، يرى محمود منير، وهو ناشط يساري وأحد الفاعلين في الحراك الشعبي، أن الهتاف الذي رصده خلال عامين من عمر الحراك عليه علامات استفهام، متسائلاً «كيف يمكن لنا أن نفهم المساواة في الهتاف بين الاحتلال الصهيوني لغزة والنظامين السوري والأردني ووصفهما بالمحتلين؟». محمود منير ويوجه منير الاتهام لجماعة الإخوان المسلمين التي تحرِّك الشارع الأردني في اعتصامات ومسيرات بتبني هذه المواقف التي يعتبرها خطيرة، معتبراً أنَّ الإخوان يريدون خلق حالة من الوعي مفادها أن فعل المقاومة يعني الوقوف في وجه إسرائيل والنظام الأردني. ويرصد منير تطور الهتاف عند الحراك الشعبي، وتحديداً شباب الإخوان، فيقول «تنطلق المسيرة ويكون شباب الإخوان بالقرب من الميكروفونات، ولا يسمحون لأحد بالاقتراب منها من القوى السياسية الأخرى، ويهتفون بدايةً (الشعب يريد إصلاح النظام) ويرد عليهم عشرون شابًّا يقفون أمامهم بصوتٍ عالٍ وجهوري (إسقاط.. إسقاط.. إسقاط) ليتحوَّلَ مَن يُدير مِنصَّة الهتاف من إصلاح النظام إلى إسقاطه، وهذا ما حدث في اعتصامات الإخوان في وسط العاصمة «عمَّان». ويتابع في سياق رصده لدلالات الهتافات: يُطلق شباب الإخوان هتاف (يا غزة حقك علينا اللي فينا مكفِّينا)، كما يرفعون في ذات الوقت علم الثورة السورية، ويتساءل منير «هل يُعقَل أن تتمَّ المساواة بين القاتل والمحتل الصهيوني والنظام الأردني، رغم الملاحظات على النظام؟ أعتقد هنا الخطر!». تخوف المعارضة ويظهرُ لدى بعض القطاعات السياسية المحسوبة على المعارضة الأردنية حالةُ تخوُّفٍ دفعتها إلى توجيه التحذير للحكومة الأردنية والحكومات العربية مفاده أن الغرب لا يريد حرية وديمقراطية للشعوب العربية بقدر ما يريد السيطرة على مزيد من الثروات وتصعيد تيار الإخوان المسلمين لاستلام الحكم في جميع البلدان العربية لتسهيل التعامل الغربي مع هذه الأنظمة، بحسب رئيس رابطة الكتَّاب الأردنيين الدكتور موفق محادين. ويتابع محادين في حديثه ل «الشرق»: «نعم يريد الغرب أن يسهِّلَ وصول الإخوان المسلمين للحكم؛ لأنه من الأفضل له أن يتعامل مع نظام الإخوان على أن يتعامل مع 22 نظاماً عربياً كل منها له مواقفه المختلفة». ويقول محادين: «إنَّ المحورَ التركيَّ القطريَّ المصريَّ التونسيَّ، وهي دول ذات مرجعية إخوانية، يتبني بعض المواقف والأفكار المُريبة، حيث تدعم هذه الأنظمة الثورات في الأردن، وتحاول نشر الربيع العربي في دول الخليج». تدريب خارجي في سياقٍ متَّصِل، يشير الباحث في ملفات التمويل الأجنبي، محمد أبوعريضة، إلى تقارير نُشِرَت على المواقع الإلكترونية لوزارتي الخارجية الروسية والصينية تحوي وثائق ومعلومات تشير إلى تدريب 148 ألفاً و600 شاب وشابة من مصر ينتمون إلى حركة 6 إبريل على ثقافة الاحتجاج السلمي والتغيير اللاعنفي؛ بهدف إسقاط النظام المصري السابق برئاسة محمد حسني مبارك، وهو ما حدث فعلاً. ويقول أبوعريضة: إنَّ هذه التجربة تم استنساخُها على النموذج الأردني من خلال تدريب شباب وشابات على برامج ثقافة الاحتجاج السلمي والحرب اللاعنفية، وتورَّطَ في هذا البرنامج عددٌ من مراكز الدراسات ومنظمات المجتمع المدني التي تدَّعِي تقديم برامج تعنى بحقوق الإنسان، إلا أنَّها تقدِّم برامجَ تدريبية على الحرب اللاعنفية، وتهييج الشارع، وإطلاق الهتافات في المسيرات والاعتصامات التي حدثت في الأردن مثلاً. ويتابع: «أكاديمية التغيير جاءت للأردن وأقامت برامج تدريبية لشباب الجبهة الأردنية للإصلاح التي يقودها رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات، وتضم جميع قوى المعارضة والحراك الشعبي والإخوان المسلمين، كما درَّبتْ شبابَ الإخوان». ويعتبر أبوعريضة أنَّ الأكاديمية هي النسخة العربية لمنظمتي «ألبرت أينشتاين» و»فريدوم هاوس» الأمريكيتين في الهوية، الصهيونيَّتَين في التوجُّه، واللتين لعبتا دوراً هامًّا في تقويض الاتحاد السوفييتي وإسناد الثورات البرتقالية في الدول التي كانت تتبعُه. استهداف الخليج محمد الحسيني بدوره، يكشف مدير مركز «هوية» في الأردن محمد الحسيني ل «الشرق» عن تدريب 150 شاباً وشابةً على برامج عديدة أبرزها ثقافة الاحتجاج السلمي، والبحث عن طرق سلمية ووسائل حضارية يستخدمها الشباب كأساليب وأدوات للضغط لتحقيق أهدافهم. وحول طرق تدريب الشباب والشابات، يقول الحسيني مختصراً «ندرِّبُهم على كيفية تجنُّب العنف مع رجال الأمن أثناءَ الاعتصامات والمسيرات، بحيث لا يحدث أيُّ نوعٍ من الاحتكاك». وعن شخصية وخبرات المدرِّبِين على هذه البرامج، يؤكِّدُ «نتعاقد مع خبراء في هذا المجال، خاصةً المدربين الحاصلين على شهادات عليا في مجال السلام وفض النزاعات، فالخبراء يملكون شهادات علمية في تخصصاتهم»، لكنَّه نفى أن يكون هناك أي ارتباط بين مركزه وأكاديمية التغيير التي يرأسها عصام مرسي صهر الداعية يوسف القرضاوي، التي لها مقر في الدوحة». كما نفى تلقِّي مركزه أيَّ دعم مالي من دولة قطر أو أي مركز تابع لها، مشيراً إلى «أنَّ تمويلَ برامجِنا من الدول والمنظمات المانحة التي تتبنَّى قضايا وبرامج نشر حقوق الإنسان والتغيير». ويتابع «عملنا وبرامجنا ليس فقط على الساحة الأردنية، بل تعدَّاهَا إلى الإقليم والمنطقة العربية، وصولاً إلى مصر ولبنان والمملكة المغربية والجزائر، بالإضافة إلى العراق». وفي الساحة العراقية، يقول الحسيني «دربنا أشخاصاً شاركوا في الثورة الحالية في محافظة الأنبار»، لكنَّه استطرد «هؤلاء ليسوا من قادة الثورة في الأنبار». وفي الساحة الفلسطينية، وداخل الخط الأخضر «مناطق ال 48» المحتلة، يقول «لم نستطع الوصولَ إلى الضفة الغربية ومناطق ال 48 المحتلَّة، لكنَّ مركزَنا على اتصال بمركز مساواة في مناطق عرب ال 48؛ بغرض الدفاع عن ناشطين ومدافعين عن حقوق الإنسان». خليجياً، يُبدِي الحسيني رغبتَه في الوصول لهذه الساحة، لكنَّه يقول «الخليجُ مُغلَقٌ أمامَ نشاطاتِنَا رغمَ محاولاتنا الوصول إليه بشتَّى الطرق، أما مناطق ال 48؛ فلا يمكن الوصول إليها لأسباب لوجستية تتعلق برفضنا القبول بالتأشيرة الإسرائيلية». ويشدد مركز «هوية» على توفيره برامج لتدريب الشباب، ويقول «لدينا (برنامج أكاديمية القيادات الشابة) الذي يهدف إلى تزويد الشباب بالمعلومات والأدوات حتى يصبحوا قيادات سياسية بالمستقبل في مجتمعهم، ونركز على وسائل الإعلام، وتحديداً مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر». ويتابع «برنامجُنا للقيادات الشابة بدأنا فيه منذ عام 2010 وحتى الآن، فقد أصبح هناك تجربة متراكمة عند الشباب الذين باتوا يشكلون جزءاً أساسياً من حركة التغيير والإصلاح السلمي في الأردن، وفي هذا البرنامج تحديداً ندرِّبُ الشبابَ على المهارات التي تمكِّنُهم من التواصل بمحيطهم وتواصلهم مع المجموعات سواءً عبر الإعلام أو من خلال الحوار أو إدارة الفِرَق، ولا نركِّزُ في هذا البرنامج على الاعتصامات». «القادة الشباب» وبحسب معلوماتها التي وصفتها ب «غير الموثقة»، قالت الكاتبة ورئيسة شبكة أريج للصحافة الاستقصائية، رنا الصباغ، «الأمريكان يدعمون مثل هذه البرامج، وتحديداً فريدم هاوس، وذلك من خلال التدريب على كيفية استعمال شبكات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر للتواصل والتنظيم». وفي ذات الإطار، يكشف مدير البرامج في مؤسسة فريدرش إيبرت الألمانية، فراس خيرالله، عن أحدث برامج التدريب في منظمته على الساحة الأردنية والإقليمية، وهو برنامج «القادة الشباب»، الذي يستهدف الشباب الأردني من كافة محافظات المملكة؛ بهدف تعزيز التشبيك والتواصل بينهم وإعدادهم للانخراط في السياسة والمجتمع المدني. كما يهدف البرنامج، بحسب خيرالله، إلى تطوير الشبكات داخل المجتمع الأردني بحيث تشجِّعُ المشاركين على الاندماج في السياسة والمجتمع المدني، ودعم المبادرات الاجتماعية والديمقراطية من خلال تعزيز الالتزام السياسي والمجتمعي للشباب. ونفى خيرالله استهدافَ الشباب المنخرطين في الحراك الشعبي، أو خلق مجموعات للتظاهر في الشارع «بل تعريف الشباب بحقوقهم». ولم يُخفِ خيرالله وجود أجندات لهذه المنظمة على الساحة الأردنية، مؤكِّداً أنها تتبع المعارضة الألمانية، وهي تعمل في الأردن منذ 25 عاماً. وعبَّرت المنظمة عبر إعلانٍ لها مؤخراً عن رغبتها في تدريب 120 شاباً وشابة. عدم قانونية عامر بني عامر وعن قانونية عمل هذه المنظمات، وتحديداً الألمانية، على الساحة الأردنية في مجال التدريب على قضايا حقوق الإنسان والبرامج السياسية، قال مدير مركز الحياة الدكتور عامر بني عامر ل «الشرق»: «أتحدَّى أن يتمَّ إبراز أيِّ سند أو اتفاقية قانونية للمنظمات الألمانية الثلاث (فريدريش إيبرت) و(فريدرش ناومان) و(كونراد اديناور)، فهذه المنظمات تعمل بشكل مخالف للقوانين الأردنية، وهي مرخَّصَة لغايات العمل الخيري فقط». ويزيد بني عامر في توضيح موقفه إزاء هذه المنظمات بقوله «إنَّهَا تعمل بشكل مخالف للقانون، لكنَّهَا على مدى حوالي 25 سنة أسست لشبكة من القيادات التي لا تسمح بالاقتراب منها رغم مخالفتها». أما المخرج السينمائي فراس محادين فيعرض تجربته باعتباره من قادة الحراك الشعبي في الأردن، وسبق أن وافق على المشاركة في مؤتمر للقيادات الشابة في قطر. ويقول «دعانا مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لقناة الجزيرة القطرية لمؤتمر للشباب، عام 2011، لأكتشف أنَّ معظم الحضور من جماعة الإخوان المسلمين ومن مختلف الدول العربية، إلا أنه يوجد كديكور بعض قيادات الحراك الشعبي في الأردن، وبما أنَّني ناطقٌ باسم تنظيم (24 آذار)، فكان لابدَّ من دعوتي». ويكمل «قسمنا المركز إلى فريقين، الأول – وأنا فيه – يقدِّم ورشاً تدريبية عن الإعلام والسياسة، أمَّا الثَّاني فكان جميع أعضائه من شباب الإخوان، ولم نكن نعرف ما هي تدريباتهم، لكنَّنِي بعد فترة اكتشفت أنَّ من بينهم الناشط السوري فداء السيد، الذي أسَّسَ أولَّ صفحة على (فيس بوك) باسم الثورة السورية». فراس محادين وفي نهاية المؤتمر؛ يقول محادين – المقيم حالياً في بيروت – «رغم أنني من لجنة الصياغة في المؤتمر، إلا أنه خرج بيان كتبه شابٌّ قطريٌّ لا يعبر عن المؤتمر، وحينها لمست أنَّ قطر لها يد فيما يحدث في المنطقة العربية، وتحديداً الربيع العربي». وعلى نفس المنوال، كشف محمد السبتي، وهو أحد الذين عملوا في مبادرة الشراكة الشرق أوسطية التي تدعمها الحكومة الأمريكية، مواقف وبرامج هذه المبادرة التي كانت تمنح كل برنامج له علاقة بالتغيير الديمقراطي وقضايا حقوق الإنسان من 100 إلى 150 ألف دولار، كما كانت تهدف لدعم الشباب الأردني وتدريبه على إحداث التغيير. حرب اللاعنف «التغيير السلمي»: هو مصطلح قرأته النخبة السياسية عبر كتب استاذ العلوم السياسية في جامعة ماساتشوستس بالولايات المتحدةجين شارب، غير أن أسلوب الخطاب والفعل خلال الحراك في الاردن، منذ احتجاجات 2011 وحتى الآن، ظهر جليًّا في الاعتصامات والمظاهرات والهتافات التي كان يطلقها شباب الحراك، وهم في أغلبهم ينتمون لجماعة الإخوان، وهو ما يؤشر إلى أنَّ «الحراك الأردني» لم يخلُ من أيادٍ خارجية ومؤسسات ومنظمات دولية ساهمت في إظهار حجم وقوة الشباب المنظَّم عبر صفحات التواصل الاجتماعي، وعبر تقديمهم في وسائل الإعلام الفضائية الأكثر انتشاراً في الوطن العربي والمواقع الإلكترونية. أكاديمية التغيير: يرأسها عصام مرسي صهر يوسف القرضاوي، دخلت على خط الأردن لتدريب الشباب على إحداث التغيير السلمي أو الحرب اللاعنفية، وتمنح شهادة في حرب اللاعنف ولها علاقة بجين شارب وبيتر أكرمان اللذين أسَّسَا نظرية «حرب اللاعنف». احتجاجات في الأردن