قضى انطوان غريزمان على حلم جمهورية أرلندا وحمل فرنسا المضيفة إلى الدور ربع النهائي من كأس أوروبا 2016 لكرة القدم، بعدما حول تخلفها إلى فوز بهدفين في مقابل هدف أمس (الأحد) على «استاد دو ليون» ضمن منافسات الدور الثاني. وعانت فرنسا الأمرّين لتحقيق فوزها الأول في الأدوار الإقصائية منذ تتويجها بلقبها القاري الثاني عام 2000 على حساب إيطاليا (2-1 بالهدف الذهبي)، إذ وجدت نفسها متخلفة منذ الدقيقة الثانية بأسرع هدف من ركلة جزاء في تاريخ البطولة القارية، لكن غريزمان قال كلمته في الشوط الثاني وسجله ثنائية في غضون ثلاث دقائق فقط ليحمل بلاده إلى ربع النهائي، إذ ستواجه إنكلترا أو أيسلندا اللتين تلتقيان اليوم (الإثنين) في مدينة نيس، واضعاً بذلك حداً لمغامرة الأرلنديين الذين تجاوزوا دور المجموعات للمرة الأولى في ثلاث مشاركات، وكانوا يمنون النفس بمواصلة الحلم «المستحيل» وتحقيق فوز ثأري على «الديوك»، لكنهم تأثروا بالنقص العددي بسبب طرد شاين دافي مباشرة بعد تقدم أصحاب الضيافة. وأعادت هذه المواجهة إلى الذاكرة ما حصل في الملحق الأوروبي المؤهل إلى مونديال جنوب أفريقيا 2010، وتحديداً في ال18 من تشرين الثاني (نوفمبر) 2009، عندما سيطر تييري هنري على الكرة بيده ومررها إلى وليام غالاس الذي سجل هدف التعادل (1-1) في الوقت الإضافي وقاد بلاده إلى النهائيات على حساب أرلندا (انتهى لقاء الذهاب 1-0 لفرنسا)، لكن الأرلنديين عجزوا عن تحقيق ثأرهم من منتخب فرنسي لم يذق طعم الهزيمة على أرضه في بطولة كبرى للمباراة ال16 على التوالي (كأس أوروبا 1984 حين توجت باللقب وكأس العالم 1998 حين توجت أيضاً وكأس أوروبا 2016). وبدأ المدرب الفرنسي ديدييه ديشان بتشكيلته الأساسية التي بدأ فيها البطولة ضد رومانيا فعاد بلايز ماتويدي بعدما جلس على مقاعد الاحتياط ضد سويسرا (0-0) في الجولة الأخيرة من الدور الأول، كما حال نغولو كانتي الذي كان مهدداً بالإيقاف في حال حصوله على إنذار ثانٍ، كما اعتمد ديشان في خط المقدمة على الثلاثي انطوان غريزمان واوليفييه جيرو وديميتري باييت ومن خلفهم بول بوغبا، فيما أبقى على خط الدفاع ذاته مع باكاري سانيا وعادل رامي ولوران كوسييلني وباتريس ايفرا، ومن خلفهم الحارس هوغو لوريس الذي انفرد بالرقم القياسي من حيث عدد المباريات التي ارتدى فيها شارة قائد «الديوك» (55)، متفوقاً على مدربه الحالي ديشان. أما من ناحية الأرلنديين، فخاض الأرلندي الشمالي مارتن اونيل اللقاء بالتشكيلة ذاتها التي حققت الإنجاز في الجولة الأخيرة بفوزها على إيطاليا الوصيفة (1-0) بفضل هدف روبي برادي، فيما بدأ المخضرم روبي كين اللقاء كالعادة على مقاعد البدلاء، وجاءت البداية نارية حيث حصلت أرلندا على ركلة جزاء بعد دقيقة وأربع ثوانٍ فقط عبر خطأ من بول بوغبا على شاين لونغ إثر معمعة دفاعية في المنطقة الفرنسية، فنفذها روبي برادي بنجاح بعدما ارتدت الكرة من القائم الأيسر إلى الشباك (2)، ليصبح ثاني لاعب فقط في تاريخ بلاده يسجل هدفين في بطولة كبرى بعد روبي كين (كأس العالم 2002)، وهذه أسرع ركلة جزاء في تاريخ النهائيات القارية (1,58 دقيقة)، علماً بأن أسرع هدف في النهائيات مسجل باسم الروسي دميتري كيريشنكو وجاء بعد 68 ثانية على بداية مباراة بلاده مع اليونان (2-1) في الجولة الأخيرة من الدور الأول لنسخة 2004. وضغطت فرنسا بحثاً عن التعادل، فحاصرت الأرلنديين في منطقتهم لكنها لم تهدد مرمى دارين راندولف بشكل فعلي، بل كاد أن يأتي الهدف من الجهة المقابلة لولا تألق لوريس في وجه تسديدة محكمة من داريل مورفي (21)، ورد الفرنسيون الذين عانوا من هشاشة دفاعهم في مواجهة كل انطلاقة أرلندية، بأخطر فرصة لهم منذ انطلاق المباراة وجاءت من ركلة حرة نفذها بوغبا من حوالى 25 متراً، لكن راندولف تألق وأنقذ فريقه (23)، وحصل أصحاب الضيافة على فرصة مزدوجة في الوقت بدل الضائع عبر باييت ثم غريزمان بعد معمعة في المنطقة الأرلندية، لكن الدفاع استبسل ومنع الكرة من الوصول إلى حارسه. وفي الشوط الثاني، حاول ديشان تدارك الموقف فزج بكينغزلي كومان بدلاً من كانتي على أمل الوصول إلى الشباك الأرلندية، وكاد أن يتحقق ذلك إثر ركلة حرة نفذها باييت وحولها بوغبا برأسه إلى كوسييلني، لكن رأسية مدافع أرسنال الإنكليزي مرت قريبة جداً من القائم الأيسر (48)، ورد الأرلنديون بفرصة أخطر عبر شاين لونغ الذي انقض على الكرة داخل المنطقة إثر عرضية من جيمس ماكلين، لكن لوريس تعملق وأنقذ بلاده من هدفٍ ثانٍ (52)، ثم انتقل الخطر إلى الجهة المقابلة بتسديدة أطلقها ماتويدي من حدود المنطقة، لكن راندولف تدخل ببراعة وأنقذ الموقف (56)، وجاء الفرج للفرنسيين بعد دقيقة فقط عبر غريزمان الذي ارتقى عالياً إثر عرضية متقنة من بكاري سانيا وحولها برأسه من نقطة الجزاء إلى الزاوية اليمنى لمرمى راندولف (57)، ولم يكد المنتخب الأرلندي يستفيق من صدمة الهدف حتى اهتزت شباكه مجدداً بهدف آخر من غريزمان الذي وصلته الكرة بتمريره رأسية من جيرو إثر كرة طويلة من عادل رامي فتقدم بها قبل أن يطلقها بيسراه أرضية على يسار راندولف (61)، مسجلاً هدفه الثالث في النهائيات الحالية. وتعقدت مهمة الأرلنديين بعدما اضطروا لإكمال اللقاء ب10 لاعبين بعد طرد شاين دافي لإسقاطه غريزمان حين كان هداف أتلتيكو مدريد في طريقه للانفراد بالمرمى (66)، ولم تكن الفرحة الفرنسية كاملة، إذ اضطر المدرب ديشان لإخراج البديل كومان في الثواني الأخيرة واستبداله بموسى سيسوكو بسبب إصابة لاعب وسط بايرن ميونيخ الألماني.